وقال تعالى: {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} [لقمان: 32].
وقد سأل رجل الإمام جعفر الصادق عن الله، فقال له: ألم تركب البحر؟، قال: بلى، قال: فهل حدث لك مرة أن هاجت بكم الريح عاصفة؟، قال: نعم، قال: وانقطع أملك من الملاحين ووسائل النجاة؟
قال: نعم، قال: فهل خطر ببالك وانقدح في نفسك أن هناك من يستطيع أن ينجيك إن شاء؟، قال: نعم، قال جعفر: فذلك هو الله.
وإن العتاة الغلاظ من أكابر الملاحدة والكافرين لم يستطيعوا دفع هذه الحقيقة عن أنفسهم، ولا جحدها بأفئدتهم، وإن جحدتها ألسنتهم ظلما وعلوا. كما قال تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} [النمل: 14].
بل إن فرعون على ما كان عليه من عتو وطغيان لم يستطع أن يدفع عن نفسه هذه المعرفة الضرورية وكان أول من يعرف عن نفسه كذبها في دعوى الألوهية: ويتجلى ذلك من محاجته لموسى، ومن قول موسى له فيما يحكيه عنه القرآن الكريم: {قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض ... بصائر} [الإسراء: 102]. بل ومن قوله حين أدركه الغرق حيث لا ينفعه إيمان، ولا تقبل له توبة: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ... وأنا من المسلمين} [يونس: 90].
পৃষ্ঠা ৮