ولقد طابت نفوس العارفين بهذه المعرفة الضرورية الفطرية، وقرت بها عيونهم، وقنعوا بها عن أقيسة المناطقة والمتكلمين، حتى قيل لأحدهم يوما: إن فلانا من علماء الكلام قد أقام على وجود الله ألف دليل، فقال: لأن في نفسه ألف شبهة!!.
وقد قيل لابن عباس بم عرفت ربك؟، فقال: من طلب دينه بالقياس لم يزل دهره في التباس، خارجا عن المنهاج، ظاعنا في الاعوجاج؛ عرفته بما عرف به نفسه، ووصفته بما وصف به نفسه.
فأخبر أن معرفة القلب حصلت بتعريف الله وهو نور الإيمان، وأن وصف اللسان حصل بكلام الله وهو نور القرآن.
وقد يحجب هذا الشعور الفطري إقبال الرخاء والعافية، أو سيطرة الذهول والغفلة، ولكن سرعان ما يتهاوى ذلك كله تحت مطارق الشدائد، فينقلب الملحد الكفور ضارعا لربه منيبا له.
وقال تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ... ما كانوا يعملون} [يونس: 12].
وقال تعالى: {هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين} [يونس: 22].
পৃষ্ঠা ৭