أما الناذر لله فقد علق رغبته به وحده، لعلمه بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولهذا ترتب عليه وجوب الوفاء فيما نذر طاعة لله، بخلاف الذي نذر لغيره تعالى، فقد علق رغبته بغيره عز وجل، ووزع قصده بين الله وبين شركائه الذين زعمهم، ومن هنا كان الشرك لالتفاته إلى غيره تعالى فيما يرغب فيه أو يرهب، فالعبادة إذا صرفت لغير الله صار ذلك شركا بالله.
والنذر لغير الله باطل من وجوه كثيرة منها:
- أنه نذر لمخلوق، والنذر للمخلوق لا يجوز.
- ومنها أنه عبادة والعبادة لا تكون لمخلوق.
- ومنها أن المنذور له ميت، والميت لا يملك.
- ومنها أنه ظن أن الميت يتصرف في الأمور، وأن له تأثيرا حقيقيا في قضاء حاجته وإلا لما نذر له، واعتقاد ذلك كفر.
- ومنها أنه يخاف بطش الميت ونقمته إذا لم يوف بنذره، فهو إذن قد اعتقد قدرته على النفع في البداية، وقدرته على الإضرار - عند عدم الوفاء - في النهاية، والشرك في ذلك ظاهر.
ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام ما شاع على ألسنة العوام من باب النذر للأولياء من قولهم:» النذر لله والثواب للشيخ «، يتعللون بذلك في دفع وصمة الشرك عن هذه النذور.
والذي لا شك فيه أن الشريعة قد أجازت أن يتصدق الرجل عن غيره، ففي دعاء الأحياء وصدقتهم منفعة للأموات، ولكن واقع هؤلاء، يبطل هذا التعلق، فهي ليست صدقة بريئة مجردة عن الدوافع البدعية التي تقدح في توحيد الألوهية وإفراد الله بالعبادة.
পৃষ্ঠা ৪১