وقد خلط بعض الناس بين التوسل والاستغاثة، فزعموا أن الاستغاثة بمعنى التوسل، وأن قول القائل في دعائه: استغيث برسولك عندك، كقوله: أتوسل إليك برسولك، وأن هذا كله يعد استغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في لغة العرب وجميع الأمم، وإذا كانت الاستغاثة كالتوسل فالأمر فيها قريب، وفي المنع منها خلاف!.
وهذا تلبيس واضح، فلم يقل أحد أن التوسل بالنبي أو بالصالح هو استغاثة به، فالمستغيث بالنبي أو بالولي طالب منه وسائل له، أما المتوسل بهما فإنه لا يدعوهما ولا يطلب منهما وإنما يطلب بهما، وفرق بين المدعو والمدعو به، وعلى هذا فقول القائل: إن من توسل إلى الله بنبي فقد استغاث بذلك النبي حقيقة في لغة العرب وجميع الأمم كذب وبهتان، فما يعرف هذا في لغة أحد من بني آدم إلا على سبيل التجوز، ولكن الجميع يعلمون أن المستغاث مسئول مدعو، ويفرقون بين المسئول والمسئول به.
فإذا ثبت عن معين أنه قصد باستغاثته بالنبي صلى الله عليه وسلم أو الولي مجرد التوسل بهما إلى الله عز وجل، كما قد يقع ذلك أحيانا من العامة فلابد أن يبين له الفرق بينهما، ولا يصار إلى تكفيره بمجرد ذلك لتخلف قصده إلى الشرك، وغاية القول فيه وفي أضرابه أنه من جهال أهل البدع وعوامهم، وأنه يجب أن تقام عليه الحجة الرسالية التي ترفع الجهالة وتزيل الالتباس.
ثالثا: الاستعاذة
الاستعاذة: هي الالتجاء والاعتصام، فالعائذ بالله قد التجأ إلى الله والتصق بجنابه، واعتصم به من شر كل ذي شر، والعياذ يكون لدفع الشر، واللياذ لطلب الخير.
পৃষ্ঠা ৩৪