ثالثا: إن النبوة إذا ثبتت بالمعجزة، فقد صارت أصلا في وجوب قبول جميع ما دعا إليه النبي من حقائق الربوبية والألوهية وغيرها.
وقد جاء القرآن بهذه الطريقة في قصة فرعون، فإنه كان منكرا للرب جلا وعلا، فحاجه موسى في ذلك، ثم عرض عليه الحجة البينة التي جعلها دليلا على صدقه في كونه رسول رب العالمين، وفي أن له إلها غير فرعون، فاستدل بالمعجزة على كلا الأمرين: ربوبية الله جل وعلا، وكونه مرسلا من عنده تعالى.
قال تعالى: {قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب آبائكم الأولين * قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك بشيء مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين} [الشعراء: 23 - 33].
فقد أقام عليه الحجة أولا بالآيات التي يستلزم العلم بها العلم بالخالق جل وعلا، فلما عاند وكابر رده إلى دلالة المعجزة التي هي أبلغ في الدلالة على المقصود ليثبت بها كلا الأمرين: الربوبية والرسالة.
وقال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون} [هود: 13 - 14].
পৃষ্ঠা ১১