شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
জনগুলি
الشفاعة لله جميعًا وإثبات شفاعة النبي لا تسوغ التوسل به وصرف العبادة له
وأجاب الشيخ فقال ﵀: (فقل: لا أنكرها ولا أتبرأ منها، بل هو ﷺ الشافع المشفع وأرجو شفاعته) هذا فيه إبطال لشبهته، والآن نأتي للرد على ما اعتمد عليه في وقوع الشرك، بعد أن قررنا أن الشفاعة ثابتة للنبي ﷺ نرد عليه من جهة تعلقه بهذه الشفاعة، وأن إثبات الشفاعة للنبي ﷺ لا يسوغ التوسل به، ولا صرف أنواع العبادة له ﷺ.
قال ﵀: (لكن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر:٤٤]) هذا فيه إثبات الشفاعة لله ﷾، وأنها ملكه، وأنها له دون غيره، وهذا يُبيّن لك أن الشفاعة محض فضل من الله ﷾ على الشافع والمشفع فيه، لا كما يفهمها المشركون من أنها حق للشافع؛ ولذلك قال تعالى: (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) فإذا كانت الشفاعة له ﷾، وهو الذي يشفع بنفسه إلى نفسه، فيأذن للشفيع ويأمره أن يشفع في المشفوع فيه؛ علمنا بذلك أنه لا وجه لسؤالها من الشفيع، بل الواجب أن تطلب وتسأل من الله ﷾؛ ولذلك قال ﵀ في بيان معنى أنها له ﷾: (ولا تكون إلا من بعد إذن الله) فهي لا تكون إلا من بعد إذنه وأمره كما قال الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة:٢٥٥] فنفى الله ﷾ أن يشفع عنده أحد إلا بإذنه، وهذا أحد شرطي الشفاعة، وهو: إذن الله ﷾، والثاني: لا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال الله تعالى: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء:٢٨] وهذا فيه الشرط الثاني من شروط الشفاعة، وهو: رضا الله ﷾ عن الشافع والمشفع فيه.
ثم قال ﵀: (وهو لا يرضى إلا التوحيد كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران:٨٥]) وأظهر من هذه الآية في الدليل على أن الشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد ما روي في الصحيح عن أبي هريرة ﵁ أنه سأل النبي ﷺ فقال: (يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال ﷺ: أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله، خالصًا من قلبه)، فيكون أسعد الناس وأحظهم بشفاعة النبي ﷺ هم أهل التوحيد.
ثم قال ﵀: (فإذا كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا بعد إذنه، ولا يشفع النبي ﷺ ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد تبين لك أن الشفاعة كلها لله) فبالتالي إذا كانت الشفاعة كلها لله تعالى فهل يسوغ طلبها من غيره؟ لا.
ثم قال ﵀: (فأطلبها منه، فأقول: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفِّعه فيَّ، وأمثال هذا) وفي هذا غاية التوحيد والإقبال على الله تعالى والإخلاص، فإن بيده الخير ولا يُسأل إلا منه.
7 / 4