شرح رسالة رفع الملام عن الأئمة الأعلام
شرح رسالة رفع الملام عن الأئمة الأعلام
জনগুলি
محل الترجيح
الجهة الثانية: محل الترجيح:
وهذه الجهة تفسر لماذا قيل في ماهيته: إنه تقديم الأقوى، فإن محل الترجيح هو الخلاف المعتبر، فخرج بقولنا: (الخلاف المعتبر) ما ليس معتبرًا؛ كمخالفة الإجماع، فهذا لا يعد خلافًا معتبرًا لو خالف به مخالف، وخرج بذلك أيضًا الخلاف الشاذ، فإذا خالف مخالف الإجماع لسبب طرأ عنده؛ إما لأنه لم يعرف الإجماع، أو لأنه لم يبلغه، أو ما إلى ذلك، فهذا لا يقال فيه: الترجيح بين الإجماع وبين قول فلان، وكذلك إذا كان الخلاف ليس خلافًا للإجماع ولكنه خلاف للعامة من أهل العلم، بمعنى: أن رتبة القول المتروك تسمى شاذة.
فالقول الشاذ ليس داخلًا في باب الترجيح، صحيح أنه يقدم القول الذي عليه العامة من أهل العلم، لكن كلمة الترجيح تعني راجحًا ومرجوحًا، تعني وجود أكثر من محتمل، أما في باب الخلاف الشاذ الذي تقدمت الإشارة إلى مفهومه، فإن الخلاف الشاذ ينبغي أن يكون من باب المتروك، وهو ما خالف ظواهر الأدلة والعامة من الأئمة، فما اجتمع فيه هذان الأمران: أنه مخالف للعامة من الأئمة، ومخالف في نفس الوقت لظواهر النصوص، فهذا يسمى: الخلاف الشاذ وهذا ليس محلًا للترجيح؛ لأن ما خالف الإجماع محله الإبطال، وما خالف العامة -وهو الشاذ- فمحله الترك والهجر، ولا يوازن في مسائل الترجيح، ولا ينبغي الاشتغال بموازنته في مسائل الترجيح.
ومن هنا يكون الترجيح متعلقًا بالخلاف المعتبر، وهذا هو الذي يصطلح عليه بكلمة الترجيح، ولما كان محله الخلاف المعتبر صار مناسبًا أن يقال في ماهيته: إنه تقديم الأقوى.
9 / 4