شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
জনগুলি
التوسل بالأعمال الصالحة
الثاني: التوسل بالأعمال الصالحة: وقد ثبت ذلك بالكتاب والسنة؛ فقال الله تعالى حاكيًا لنا عن الحواريين عندما توسلوا لربهم بالأعمال الصالحة، فقالوا: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران:٥٣].
وقوم محمد ﷺ قالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ [آل عمران:١٩٣] فهم سألوا الله بأعمالهم الصالحة، وهي: الإيمان بالله، والإيمان برسول الله ﷺ، ثم قالوا: ﴿رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا﴾ [آل عمران:١٩٣] وهل يصح سؤاله ﷿ بحبه وحب رسوله ﷺ؟
الجواب
نعم، يصح للمرء أن يقول: اللهم إني أسألك بحبي لك ولدينك، وحبي لنبيك أن تحببني فيك وتحبب عبادك في، أو: أن تحببني إلى الصالحين وتحبب الصالحين إليّ، فتدعو الله جل وعلا بالعمل الصالح، وهو حبك لله وحبك لرسول الله ﷺ.
وأصرح من ذلك فعليًا قصة الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار، وكيف أنهم توسلوا لله بالأعمال الصالحة.
فأما الأول: فتوسل بأنه أخذ اللبن الذي أتى به لأمه وأبيه أولًا وأولاده حوله يبكون يريدون اللبن فما أعطاهم؛ فبقي هكذا حتى بزغ الفجر، فسقى أباه وأمه برًا بهما، وترك أولاده وفلذات كبده.
فهذا عمل صالح، فذكره ثم قال: (اللهم إن كان هذا العمل إخلاصًا لوجهك الكريم فافرج عنا فانفرجت فرجة ينظرون منها ولا يستطيعون الخروج.
فجاء الثاني فقال: اللهم إنك كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم، وكنت أحبها حبًا جمًا، فطلبت مني مالًا فراودتها عن نفسها، فلما تمكنت منها وكنت منها بمكان الزوج من زوجه، قالت: اتق الله لا تفض الخاتم إلا بحقه) فارتدع الرجل، وهنا انظر الدين والإخلاص، فإن الرجل جاءه الرادع فارتدع، قال: (فأعطيتها المال، وهي أحب إلي خوفًا منك، اللهم إن كان هذا إخلاصًا لوجهك الكريم فافرج عنا ففرج الله عنهم.
وجاء فقال: اللهم إنه كان لي أجراء فكان من هؤلاء أجير لم يأخذ أجره فأخذت أجره فنميته له، فلما جاء الرجل قال: أجري؟ قلت: انظر إلى هذا الوادي من الغنم والبقر، قال: لا تستهزئ بي واتق الله، قلت: والله إن هذا أجرك، ثم قال: اللهم إن كنت فعلت ذلك إخلاصًا لوجهك فافرج عنا، ففرج الله عنهم).
فهذا توسل بالأعمال الصالحة.
3 / 6