شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
জনগুলি
الخلاف فيمن نطق إحدى الشهادتين دون الأخرى
تنازع العلماء فيما لو قال عبد: أشهد أن لا إله إلا الله، هل تلتحق به أحكام الإسلام؟ أم أن أحكام الإسلام مقيدةٌ بذكره للشهادتين معًا؟
والخلاف هنا ليس لفظيًا، وهذه مسألة تكلم فيها المتأخرون وحصل الغلط فيها، والصواب في هذه المسألة: أن الحكم هنا له ظاهر وباطن، فأما من جهة الأحكام الباطنة، التي بين العبد وبين ربه ﷾، فمن قال: لا إله إلا الله على مقصد الدخول في دين الإسلام، فإن هذا في الباطن يكون مسلمًا، فلو أدركه الموت أو قتل ولم يقل: وأشهد أن محمدًا رسول الله، فلا شك أنه في الباطن يكون قد مات على الإسلام؛ لأن تأخيره لذكر شهادة أن محمدًا رسول الله؛ لم يكن عن تفريط.
وأما من جهة الأحكام الدنيوية، فهذا محل نزاع بين الفقهاء، والصحيح من أقوالهم: أن من قال ذلك ولم يدرك الثانية لمانع فإن أحكام الإسلام تتعلق بالأولى، وهذا هو الذي دل عليه ما ثبت في الصحيحين من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه، قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ﷺ، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله ﷺ: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله).
ودل عليه ما ثبت في الصحيحين أيضًا من حديث المقداد بن الأسود ﵁ أنه قال: (يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: لا إله إلا الله، أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها، فقال النبي ﷺ: لا تقتله، فقال: يا رسول الله، إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد أن قطعها، فقال ﵊: لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال).
وكذلك ما جاء في حديث أسامة بن زيد لما قتل رجلًا وقد قال: لا إله إلا الله في المعركة، فقال له النبي ﷺ: (فكيف تصنع بـ (لا إله إلا الله) إذا جاءت يوم القيامة).
5 / 3