شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
জনগুলি
الأصل السادس: إثبات الحكمة في أفعال الله
الأصل السادس: الإيمان بأن سائر أفعاله وخلقه وأمره ﷾ لحكمة أرادها الله ﷾، وقال سبحانه: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ [الأعراف:٥٤]، والحكمة التي أجمع عليها السلف ﵏، ليست هي الحكمة التي يثبتها المتكلمون من المعتزلة وغيرهم، فإن إثباتهم فيها قاصر، فإن السلف كما قرر شيخ الإسلام، يؤمنون بحكمة الباري ﷾، المتعلقة بذاته صفة له، والمتعلقة بمفعولاته على ما تقتضيه هذه الحكمة، نعمةً، أو ابتلاءً، أو عقوبة، أو غير ذلك، ولهذا قد يكون الشيء الواحد لبعض العباد نعمة ولبعضهم عقوبة، ولبعضهم ابتلاءً ومحنة.
مثال ذلك المال؛ فإن الله ﷾ آتى داود مالًا عظيمًا، فقال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ [سبأ:١٠].
ولاشك أن هذا الملك والمال الواسع الذي أوتيه داود ﵊ هو نعمة، ولذلك سماه الله ﷾ فضلًا، وأضافه إليه فقال: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا).
وقد يكون المال عقوبة، كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام:٤٤] قال طائفة من السلف: فتح الله عليهم الدنيا، وكما في قوله تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ [الكهف:٢٨]، والإغفال قد يكون بالدنيا، وقد يكون بغيرها، ولهذا قال الله تعالى لنبيه: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ [طه:١٣١].
وقد يكون المال ابتلاءً ومحنة كالولد، كما قال تعالى: ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال:٢٨]، وكل هذا يرجع إلى حكمته ﷾ وقضائه وعدله، أو فضله وإحسانه.
4 / 10