/متن المنظومة/
وما أتى تواترًا في الواقعِ ... يفيدُ في العلمِ اليقيني القاطعِ
وأنَّهُ كالذِّكرِ في ثبوتهِ ... وكفَّروا الجاحدَ في ثُبُوتِهِ
والخبرَ المشهورَ زادَ الحنفي ... وفَسَّقوا جاحدَهُ إنْ لَمْ يَفِيْ
-١٨٧ و١٨٨- أخبر أن السنة تقسم من حيث عدد الرواة إلى أنواع فذكر منها: المتواتر، وهو ما رواه جمع عن جمع تحيل العادة تواطؤهم على الكذب وحيث تحققت شروط التواتر فإن ذلك يلزم العلم اليقيني القاطع، ويجب العلم به وتحرم مخالفته، وثبوته كثبوت القرآن، لأن القرآن إنما نقل أيضا بطريق التواتر، ومنكر المتواتر بلا بينةٍ كافر.
-١٨٩- الجمهور يقسمون الحديث إلى آحاد ومتواتر، فالمتواتر ما بيناه، والآحادي ما في إحدى حلقات إسناده راوٍ واحد، ولكن الحنفية أضافوا صنفًا ثالثًا وهو المشهور، وهو ما كان متواترا إلى الصحابي ثم لم يروه عن رسول الله إلا صحابي واحد، بجامع أن الصحابة كلهم عدول. ومنكر الخبر المشهور فاسق عند الحنفية إن لم يقم بينة على إنكاره، وهو ما عبر عنه بقوله: إن لم يفي، أي لم يوافِ بالبينة.
لكن المتأخرين من علماءِ الاصطلاح يصنفون السنة على الاعتبار الآتي:
المتواتر: ما رواه عشرة فما فوق.
المشهور: ما رواه أربعة إلى تسعة من الرواة.
العزيز: ما رواه اثنان أو ثلاثة.
الآحاد: ما رواه واحد.
ولا يخفى أن المراد بالأعداد المذكورة هو أضعف حلقة في سلسلة الإسناد.
/متن المنظومة/ واتَّفَقوا بأنَّها تستلزِمُ ... عَمَلنا والاحتجاجُ ملزِم وخبر الآحادِ خُذْ دليلا ... أَنْ تنذِرَ الطائفةُ القَبيلا وربَّ حاملٍ إلى فقيهِ ... وبلِّغوا عنِّي كما نَرْويهِ -١٩٠- ولا خلاف بأن العمل بالمتواتر من الحديث لازم، والحجة به قائمة ملزمة، مع الإشارة إلى ما سبق من رأي الحنفية. -١٩١- ذكر الناظم نوعًا ثالثًا هو حديث الآحاد، وقد سبق تعريفه، وأورد على وجوب الاحتجاج به من الأدلة: قوله تعالى: ﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ التوبة -١٢٢- فالفرقة ثلاثة، والطائفة واحد أو اثنان، وقد أخبر سبحانه بأن الطائفة مأمورة بإنذار الفرقة. -١٩٢- واستدلَّ كذلك بالحديث الذي يبلغ رتبة التواتر المعنوي، وهو ما أخرجه الأئمة عن جبير بن مطعم وعبد الله بن مسعود قال رسول الله ص: «نَضَّر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرب حاملِ فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» وقوله: (بلغوا عني) إشارة إلى ما نرويه من حديث الإمام البخاري عن ابن عمر في قوله ص: «بلغوا عني ولو آية» . ...
/متن المنظومة/ وانعقدَ الإجماعُ.. أَيْ لم ينكرِ ... فجزيةُ المجوسِ فعلُ عمرِ كذلِكَ استدلَّ بالقياسِ ... في الحكمِ يكفي واحدٌ في النَّاسِ والجرحُ والتعديلُ في التصويبِ ... رجِّحْ بِهَا الصِّدقَ على التكذيب ونقلوا عن الخليفتينِ ... مع خبرِ الواحد شاهدينِ وربما حلَّفَهُ لم تَطَّرِدْ ... عنهم طريقة لأخذٍ أو لِرَدّْ -١٩٣- واستدلَّ أيضًا بانعقاد الإجماع على وجوبِ الأخذ بخبر الآحاد، والإجماع المقصود هنا هو الإجماع السكوتي، ومعناه أن الصحابة أخذوا بحديث الآحاد ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعًا. فقد عمل عمر بن الخطاب ﵁ بحديث عبد الرحمن بن عوف، وهو قول النبي ﷺ في المجوس: (سنُّوا بهم سنة أهل الكتاب) فأخذ منهم الجزية وهو حديث آحاد، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. -١٩٤- ويستدلُّ أيضًا بالقياس على وجوب الأخذ بخبر الواحد، وذلك أن القاضي يقضي بشهادةِ الرجلين كما في نص القرآن الكريم. -١٩٥- واستدلَّ عقلا بأن علم الجرح والتعديل تكفل ببيان أحوال الرجال، فصار الصدق أدنى من الكذب، وصارت الرواية تفيد الظن القوي. -١٩٦- شرع في بيان شروط الأخذ بخبر الواحد، فنقل أولًا شروط الصحابة الكرام، فقد كان الخليفتان الراشديان أبو بكر وعمر ﵄ يشترطان شاهدين مع الحديث حتى يحكما به. -١٩٧- وأحيانا كان عمر ﵁ يستحلف الراوي فيما يروي، ثم أشار الناظم إلى أن ذلك لم يكن منهجًا مطردًا، بل كان ذلك عائدًا لمدى قناعة الخليفة ﵁ بموثوقية المحدث.
/متن المنظومة/ وهذِهِ شَرَّطَها الأَحنَافُ ... أَنْ لا يُرى في فعلِهِ خلافُ أو ليسَ مما حثتِ الدَّواعي ... أولم يُوافِقْ عملَ الأَتْبَاع في الفقه والراوي بلا فقهٍ كما ... في خَبَرِ المصراةِ قد تَذمَّما واشتَرطوا لمالكٍ بأَنَّ مَا ... خالفَ فعلَ يثربٍ لم يَسْلَما -١٩٨ و١٩٩ و٢٠٠- واشترط الأحناف شروطًا ثلاثة: - أن لا يعمل الراوي بخلاف ما يرويه - أن لا يكون مما توافرت الدواعي على نقله، فالحديث الذي تتوافر الدواعي على نقله يجب أن يكون من رواية أكثر من واحد، وإن عدم وجود أحد يرويه مظنة ريبة. - أن لا يكون مخالفًا للقياس والأصول الشرعية وعمل الأمة إن كان الراوي غير فقيه. -٢٠٠- تقدير الكلام أن الراوي بلا فقه مذموم، وأورد الناظم مثالًا عليه في حديث الشاة المصراة، وهو ما أخرجه الإمام البخاري في كتاب البيوع باب ٦٤، من حديث أبي هريرة ﵁ قال: قال ص: «لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاع تمر» -٢٠١ واشترط الإمام مالك شرطًا آخر، وهو وجوب موافقة الحديث لعمل أهل المدينة، لأنه يرى أن عمل أهل المدينة وهم أبناء الصحابة الخلص، إنما هو نوع من التواتر المعنوي فلا يدفع بحديث الآحاد.
/متن المنظومة/ والشافعيُّ أربعٌ شُروطُهُ ... في كلِّ راوٍ عقلهُ وضَبْطُهُ وأَنْ يكونَ ثقة في دينهِ ... ولم يخالِفْ متنُهم لِمَتْنِهِ وأحمدٌ شروطُه كالشَّافِعِيْ ... فصَّلْتُها على المقالِ الرائِعِ -٢٠٢ و٢٠٣- واشترط الشافعي أربعة شروط وهي العقل، والضبط، والاستقامة في الدين في كل راو من الرواة، وأن لا يكون متن رواية مخالفًا لما هو رواية الجماعة. -٢٠٤- ومذهب الإمام أحمد في الرواية كمذهب الشافعي، غير أنه يرى أن الحديث الضعيف خير من قول الرجال، وكذلك يحتج بالحديث المرسل.
/متن المنظومة/ واتَّفَقوا بأنَّها تستلزِمُ ... عَمَلنا والاحتجاجُ ملزِم وخبر الآحادِ خُذْ دليلا ... أَنْ تنذِرَ الطائفةُ القَبيلا وربَّ حاملٍ إلى فقيهِ ... وبلِّغوا عنِّي كما نَرْويهِ -١٩٠- ولا خلاف بأن العمل بالمتواتر من الحديث لازم، والحجة به قائمة ملزمة، مع الإشارة إلى ما سبق من رأي الحنفية. -١٩١- ذكر الناظم نوعًا ثالثًا هو حديث الآحاد، وقد سبق تعريفه، وأورد على وجوب الاحتجاج به من الأدلة: قوله تعالى: ﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ التوبة -١٢٢- فالفرقة ثلاثة، والطائفة واحد أو اثنان، وقد أخبر سبحانه بأن الطائفة مأمورة بإنذار الفرقة. -١٩٢- واستدلَّ كذلك بالحديث الذي يبلغ رتبة التواتر المعنوي، وهو ما أخرجه الأئمة عن جبير بن مطعم وعبد الله بن مسعود قال رسول الله ص: «نَضَّر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرب حاملِ فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» وقوله: (بلغوا عني) إشارة إلى ما نرويه من حديث الإمام البخاري عن ابن عمر في قوله ص: «بلغوا عني ولو آية» . ...
/متن المنظومة/ وانعقدَ الإجماعُ.. أَيْ لم ينكرِ ... فجزيةُ المجوسِ فعلُ عمرِ كذلِكَ استدلَّ بالقياسِ ... في الحكمِ يكفي واحدٌ في النَّاسِ والجرحُ والتعديلُ في التصويبِ ... رجِّحْ بِهَا الصِّدقَ على التكذيب ونقلوا عن الخليفتينِ ... مع خبرِ الواحد شاهدينِ وربما حلَّفَهُ لم تَطَّرِدْ ... عنهم طريقة لأخذٍ أو لِرَدّْ -١٩٣- واستدلَّ أيضًا بانعقاد الإجماع على وجوبِ الأخذ بخبر الآحاد، والإجماع المقصود هنا هو الإجماع السكوتي، ومعناه أن الصحابة أخذوا بحديث الآحاد ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعًا. فقد عمل عمر بن الخطاب ﵁ بحديث عبد الرحمن بن عوف، وهو قول النبي ﷺ في المجوس: (سنُّوا بهم سنة أهل الكتاب) فأخذ منهم الجزية وهو حديث آحاد، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. -١٩٤- ويستدلُّ أيضًا بالقياس على وجوب الأخذ بخبر الواحد، وذلك أن القاضي يقضي بشهادةِ الرجلين كما في نص القرآن الكريم. -١٩٥- واستدلَّ عقلا بأن علم الجرح والتعديل تكفل ببيان أحوال الرجال، فصار الصدق أدنى من الكذب، وصارت الرواية تفيد الظن القوي. -١٩٦- شرع في بيان شروط الأخذ بخبر الواحد، فنقل أولًا شروط الصحابة الكرام، فقد كان الخليفتان الراشديان أبو بكر وعمر ﵄ يشترطان شاهدين مع الحديث حتى يحكما به. -١٩٧- وأحيانا كان عمر ﵁ يستحلف الراوي فيما يروي، ثم أشار الناظم إلى أن ذلك لم يكن منهجًا مطردًا، بل كان ذلك عائدًا لمدى قناعة الخليفة ﵁ بموثوقية المحدث.
/متن المنظومة/ وهذِهِ شَرَّطَها الأَحنَافُ ... أَنْ لا يُرى في فعلِهِ خلافُ أو ليسَ مما حثتِ الدَّواعي ... أولم يُوافِقْ عملَ الأَتْبَاع في الفقه والراوي بلا فقهٍ كما ... في خَبَرِ المصراةِ قد تَذمَّما واشتَرطوا لمالكٍ بأَنَّ مَا ... خالفَ فعلَ يثربٍ لم يَسْلَما -١٩٨ و١٩٩ و٢٠٠- واشترط الأحناف شروطًا ثلاثة: - أن لا يعمل الراوي بخلاف ما يرويه - أن لا يكون مما توافرت الدواعي على نقله، فالحديث الذي تتوافر الدواعي على نقله يجب أن يكون من رواية أكثر من واحد، وإن عدم وجود أحد يرويه مظنة ريبة. - أن لا يكون مخالفًا للقياس والأصول الشرعية وعمل الأمة إن كان الراوي غير فقيه. -٢٠٠- تقدير الكلام أن الراوي بلا فقه مذموم، وأورد الناظم مثالًا عليه في حديث الشاة المصراة، وهو ما أخرجه الإمام البخاري في كتاب البيوع باب ٦٤، من حديث أبي هريرة ﵁ قال: قال ص: «لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاع تمر» -٢٠١ واشترط الإمام مالك شرطًا آخر، وهو وجوب موافقة الحديث لعمل أهل المدينة، لأنه يرى أن عمل أهل المدينة وهم أبناء الصحابة الخلص، إنما هو نوع من التواتر المعنوي فلا يدفع بحديث الآحاد.
/متن المنظومة/ والشافعيُّ أربعٌ شُروطُهُ ... في كلِّ راوٍ عقلهُ وضَبْطُهُ وأَنْ يكونَ ثقة في دينهِ ... ولم يخالِفْ متنُهم لِمَتْنِهِ وأحمدٌ شروطُه كالشَّافِعِيْ ... فصَّلْتُها على المقالِ الرائِعِ -٢٠٢ و٢٠٣- واشترط الشافعي أربعة شروط وهي العقل، والضبط، والاستقامة في الدين في كل راو من الرواة، وأن لا يكون متن رواية مخالفًا لما هو رواية الجماعة. -٢٠٤- ومذهب الإمام أحمد في الرواية كمذهب الشافعي، غير أنه يرى أن الحديث الضعيف خير من قول الرجال، وكذلك يحتج بالحديث المرسل.
1 / 44