128

تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

প্রকাশক

غراس للنشر والتوزيع

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م

জনগুলি

ومن يجترئ أن يقول: إنها تشبه أيدي المخلوقين إلا من ابتلي بالزيغ والضلال وعدم تعظيم الرب ﷿ وعدم قدره ﷾ حق قدره، كما قال ﵎: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ ١، فقد وصف الله ﷿ يده بهذه العظمة: أنَّ الأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه فكيف يقال يد كأيدينا!!
وبهذا يزول تشنيع المبتدعة على أهل السنة بأنهم مشبهة، إذ المشبه من يقيس الله ﷿ بخلقه فيقع صراحة في التشبيه، أو يعطل صفات الله فرارًا من التشبيه. ولهذا قال أئمة السلف ﵏: كل معطل مشبه، وكل مشبه معطل ٢.
لأنَّ من يعطل صفة الله إنما عطلها فرارًا من التشبيه الذي قام في نفسه، توهَّمَ أن إثبات هذه اليد لله حقيقة يقتضي التشبيه فأراد أن يفر منه فعطل الصفة، ولما عطَّل الصفة وقع في تشبيه آخر، وهو تشبيه الله ﷿ إما بالجمادات أو المعدومات أو الممتنعات حسب نوع تعطيله. ولهذا فإنَّ كلَّ تعطيل محفوف بتشبيهين: تشبيه قبل التعطيل وآخر بعده.
وكلُّ مشبه معطل، فمن ادعى أنَّ اليد في قوله تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ يد كيد المخلوق فهو معطل، ولم يعطل مرة واحدة، بل وقع في ثلاثة أنواع من التعطيلات:
الأول: تعطيله للرب العظيم عن صفة كماله اللائقة بجلاله، فإنَّه لم يثبت يدًا تليق به، بل عطَّلها بتشبيهه.

١ الآية ٦٧ من سورة الزمر.
٢ انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم "١/٢٤٤ "

1 / 133