شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
জনগুলি
كفر من زعم أن القرآن من كلام البشر
عاد المؤلف رحمه لتقرير ما تقدم من أن القرآن كلام الله فقال: [ليس بمخلوق ككلام البرية] أي: أن كلام الله جل وعلا لا يوصف بالخلق بل هو كلامه الذي هو صفة من صفاته، ليس بمخلوق ككلام البرية، أي: ككلام الخلق؛ فإن كلام الخلق مخلوق وإن تكلموا بالقرآن فإن حركاتهم مخلوقة، لكن الكلام الذي يتكلمون به وهو القرآن كلام رب العالمين ليس بمخلوق.
وقولنا: (إن القرآن قول الله) يشمل اللفظ والمعنى، فإنه كلام الله لفظه ومعناه، وهذا فيه الرد على من قال: إن المعنى هو كلام الله واللفظ من جبريل أو من النبي ﷺ، وفيه الرد أيضا على من قال: إن كلام الله هو الألفاظ فقط دون المعاني.
وكل هذا من أنواع الضلال في كلام الله ﷿، بل كلام الله ﷿ اللفظ والمعنى، فليس اللفظ خارجًا عن كلام الله، وليس المعنى خارجًا عن كلام الله، فالقرآن بلفظه ومعناه كلام رب العالمين.
يقول: [فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر؛ فقد كفر]، وهذا فيه بيان: أن التكذيب بأن القرآن كلام الله كفر؛ لأنه تكذيب للقرآن الكريم، وفيه أيضًا بيان حكم من قال: إن القرآن من قول النبي ﷺ كما يقول بعض الأشاعرة، وأن المعنى من الله واللفظ من النبي ﷺ، يقول: (فقد كفر) .
وهل التكفير في مثل هذا تكفير عيني أو وصفي؟ تكفير وصفي، أي: من قال بهذا القول فقد كفر، لكن يبقى حكم من يقول بهذا القول، هل نقول: إنه كافر؟
الجواب
لا.
لكن نقول القول كافر، وأما القائل فنحتاج إلى النظر في حاله من حيث توافر الشروط وانتفاء الموانع؛ فإن تكفير المعين يحتاج إلى هذا، وأما تكفير الأقوال فإنه لا يحتاج إلا إلى إثبات الدليل على أن القول كفر، أما تنزيل الحكم العام على الشخص المعين فنحتاج فيه إلى النظر في الشروط: هل توافرت؟ والموانع: هل ارتفعت؟ فإن توافرت الشروط وانتفت الموانع؛ فإننا نحكم بكفره.
قال رحمه الله تعالى: [وقد ذمه الله وعابه، وأوعده بسقر]، سقر: اسم من أسماء النار نعوذ بالله منها، وقيل: إنه اسم من أسماء أبوابها.
قال: [حيث قال تعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر:٢٦]، فلما أوعد الله بسقر لمن قال: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥] علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر]، وهذا القول قول الوليد بن المغيرة الذي لما سمع القرآن قال في مدحه والثناء عليه ما نفى عنه قول البشر، ثم حاجه قومه فقالوا: كيف تقول هذا وأنت سيد قريش؟! فرجع وقال: إن هو إلا قول البشر، فقال الله ﷿ في توعده وتهديده: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر:٢٦]؛ لأنه كذب بكلام رب العالمين، وأضافه إلى النبي صلى لله عليه وسلم حيث قال: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥]، و(إن) هنا نافية، والمعنى: ما هذا إلا قول البشر.
قال ﵀: [ولا يشبه قول البشر]، وهذا ليس خاصًا بالقرآن، بل هو في سائر الصفات كما تقدم، فإنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، سبحانه وبحمده.
7 / 5