شرح العقيدة الواسطية للعثيمين
شرح العقيدة الواسطية للعثيمين
প্রকাশক
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
السادسة
প্রকাশনার বছর
١٤٢١ هـ
প্রকাশনার স্থান
المملكة العربية السعودية
জনগুলি
شرح العقيدة الواسطية
لشيخ الإسلام ابن تيمية
شرحه
سماحة الشيخ محمد الصالح العثيمين
خرج أحاديثه واعتنى به
سعد بن فواز الصميل
[المجلد الأول]
دار ابن الجوزي
অজানা পৃষ্ঠা
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
شَرحُ العَقِيدة الوَاسِطِيَّة
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لقد جرى مني الإذن لـ «دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع» بطبعي مؤلفي «شرح العقيدة الواسطية» بشرط العناية بالتصحيح وأن لا يحتفظوا بحقوق الطبع.
كتبه محمد الصالح العثيمين في ٢٩/ ١٢/ ١٤١٥ هـ
الطبعة السادسة
جمادى الأولى ١٤٢١ هجري
دار ابن الجوزي
للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية
الدمام - شارع ابن خلدون - ت: ٨٤٢٨١٤٦ - ٨٤٦٧٥٨٩ - ٨٤٦٧٥٩٣
ص ب: ٢٩٨٢ - الرمز البريدي: ٣١٤٦١ - فاكس: ٨٤١٢١٠٠
الإحساء - الهفوف - شارع الجامعة - ت: ٥٨٨٣١٢٢
جدة: ت: ٦٥١٦٥٤٩
الرياض: ت: ٤٢٦٦٣٣٩
1 / 4
مقدمة
الحمد لله رب العالَمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا كتاب "شرح العقيدة الواسطية" لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، نقدّمه لطلبة العلم بعد أن تمت مراجعته من قبل الشيخ نفسهِ -حفظه الله-، فصححه، ونقحه، وأضاف إليه زيادات هامة، فخرج في ثوب جديد قشيب.
وكتاب "العقيدة الواسطية" الذي ألّفه شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، كتاب مختصر مفيد، اشتمل على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة بأوضح بيان وأخصر عبارة، فكانت هذه الرسالة على صغر حجمها من أحسن ما جُمع وكُتب في موضوعه، ولا أدلَّ على هذا من عناية العلماء بشرحه وتدريسه على طلاب العلم.
ولقد كان عُلَماؤنا يحرصون على تدريس مثل هذه المختصرات على طلبتهم، ثم ينتقلون بعد ذلك إلى ما هو أوسع وأشمل.
1 / 5
ولقد سلك فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -نفع اللهُ بعلومهِ- هذه الطريقة، وكان يؤكِّد دائمًا على العناية بمثل هذه المختصرات وحفظِها.
فكان في دروسه للعقيدة مثلًا يقوم بتدريس كتاب "العقيدة الواسطية"، وكتاب "التوحيد" لشيخ الإسلامِ محمد بن عبد الوهاب ﵀، وفي الفقه بكتاب "زاد المستقنع" للحجَّاوي ﵀، وفي الفرائض بـ"منظومة القلائد البرهانية"، وفي النحو بـ"الآجرومية"، وهكذا في سائر دروسه.
فكان لهذه الطريقة الأثر البالغ في نفوس طلابه ومستمعيه، فانتشرت كتبه وأشرطته في شرق البلاد الإسلاميّةِ وغربها، وعمَّ الله بها النفع العظيم.
وهذا الأمرُ قد جعل دور النشر تقوم على طبع مؤلفات ورسائل الشيخ -حفظه الله-، وقد كان لدار ابن الجوزي للنشر والتوزيع السبق في ذلك منذ زمن ليس بالقريب، فنحمد الله تعالى ونشكره على أن يسّر لنا ذلك.
ولقد طبع هذا الكتاب من قبل، ولكنه في الحقيقة لم يُعْطَ حقه في التدقيق والتحقيق من قبل الشيخ -سدّده اللهُ-، لذلك قام فضيلة الشيخ بمراجعة الكتاب وتصحيحه وإعادة النظر فيه، واستدراك النقص الذي في الطبعة الأولى.
فكانت طبعة هذا الكتاب -حقًا- خيرًا من سابقتها.
1 / 6
عملي في الكتاب:
خرَّجت الأحاديث والآثار التي أمكنني الوقوف عليها بقدر استطاعتي، فإن كان في "الصحيحين" أو في أحدهما فإنني أكتفي بهما، وإن كان في غيرهما عزوته إلى أهم مصادره تفاديًا للتطويل، وذكرنا ما قيل عنه من صحة وضعف مسترشدًا بأقوال العلماء المعتبرين في هذا الفن، دون أن يكون لنا زيادة على ذلك.
قمت بعمل فهارس لأحاديث المتن والشرح، وفهرسٍ آخر لمواضيع الكتاب.
آثرت عدم ذكر ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية مكتفيًا بالتراجم التي خرجت له ﵀ وهي كثيرة جدًا (١).
كما أنَّنا ذكرنا ترجمة موجزة للشيخ محمد بن عثيمين، قام بكتابتها الأخ الفاضل وليد بن أحمد الحسين.
هذا هو جهد المقلِّ، وأنا أعلم بأن هناك من طلاب العلم من هو أولى بهذا العمل، فأسأل الله تعالى العفو والمغفرة، وأن يوفِّقنا لما فيه الخير والصواب.
كما أرى لزامًا عليَّ أن أتوجَّه بالشكر لله ﷿-أولًا-، ثم لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين -نَفَعَ الله بعلومهِ- الذي أولانا
_________
(١) مثل: "العقود الدرية" لابن عبد الهادي، و"الكواكب الدرية" للشيخ مرعي الكرمي الحنبلي، و"الرد الوافر" لابن ناصر الدين الدمشقي، و"الأعلام العلية" للبزار، وغيرها كثير.
1 / 7
العناية بطبع هذا الكتاب، وتخريج أحاديثه ومراجعته لها.
كما أشكر الإخوة في دار الحسن للنشر والتوزيع -بالأردن، الذين قاموا بصف حروف وإخراج هذا الكتاب بحلته القشيبة.
وختامًا؛ أسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه، ليس لأحد فيه شيء، ويغفر لي ما كان فيه من خطأ، إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سعد بن فواز الصميل
الخُبر
1 / 8
ترجمة المؤلف
اسمه ونسبه:
هو أبو عبد الله، محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ أبو عبد الله في مدينة عنيزة، إحدى مدن القصيم، عام ١٣٤٧ هـ، في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، في عائلة معروفة بالدين والاستقامة، بل تتلمذ على بعض أفراد عائلته، أمثال جدّه من جهة أمه، الشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ، ﵀؛ فقد قرأ عليه القرآن، فحفظه، ثم اتجه إلى طلب العلم، فتعلم الخط والحساب، وبعض فنون الآداب.
وكان الشيخ قد رزق ذكاء وزكاء، وهمة عالية، وحرصًا على التحصيل العلمي في مزاحمته الركب لمجالس العلماء، وفي مقدمتهم الشيخ العلامة المفسر الفقيه عبد الرحمن بن ناصر السعدي وكان الشيخ عبد الرحمن قد أقام اثنين من طلابه لتعليم
1 / 9
الصغار، وهما الشيخ علي الصالحي، والشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع، فقرأ الشيخ محمد بن صالح العثيمين عليهما "مختصر العقيدة الواسطية"، للشيخ عبد الرحمن السعدي، و"منهاج السالكين في الفقه" للشيخ السعدي أيضًا، و"الآجرومية"، و"الألفية" في النحو والصرف، وهكذا كانت نشأة الشيخ بين أحضان العلماء.
ولم يرحل الشيخ لطلب العلم إلا إلى الرياض، حين فتحت المعاهد العلمية عام ١٣٧٢ هـ، فالتحق بها.
وبعد وفاة شيخه عبد الرحمن السعدي، الذي توفى في عنيزة عام ١٣٧٦ هـ، عن عمر يناهز التاسعة والستين، رشح بعض المشايخ لإمامة الجامع الكبير، إلا أنهم لم يستمروا على ذلك إلا مدة قصيرة جدًا، فرشح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لإمامة الجامع الكبير، عندها تصدى للتدريس مكان شيخه، ولم يتصدَّ للتأليف إلا عام ١٣٨٢ هـ، حين ألف أول كتاب له، وهو "فتح رب البرية بتلخيص الحموية"، وهو تلخيص لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية "الحموية في العقيدة".
واستغل الشيخ وجوده في الرياض بالدراسة على الشيخ عبد العزيز بن باز، فقرأ عليه من "صحيح البخاري"، وبعض رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض الكتب الفقهية.
وقد عرض على الشيخ تولي القضاء من قبل مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ﵀،
1 / 10
الذي ألح على فضيلته بتولي القضاء، بل أصدر قراره بتعيينه رئيسًا للمحكمة الشرعية بالأحساء، فطلب منه الإعفاء، وبعد مراجعات واتصالات سمح بإعفائه من منصب القضاء.
مشايخه:
استفاد الشيخ أبو عبد الله في طلبه للعلم من عدة شيوخ منهم.
١ - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، المتوفى عام ١٣٧٦ هـ، المفسر المشهور، صاحب التفسير المعروف بـ"تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" في ثمان مجلدات.
٢ - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
٣ - الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، المتوفي عام ١٣٩٣ هـ، المفسر، واللغوي، صاحب التفسير المشهور والمعروف بـ"أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن".
٤ - الشيخ علي بن حمد الصالحي، ولا يزال على قيد الحياة، أطال الله عمره، وأحسن عمله.
٥ - الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع، ﵀.
٦ - الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان، ﵀.
٧ - الشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ ﵀، جد
1 / 11
الشيخ من جهة أمه.
تلاميذه:
لا يمكن حصر جميع من تتلمذ على الشيخ؛ لأنهم ازدحموا في مجلسه -لاسيما في السنوات الأخيرة- بما يزيد على الخمسمائة طالب في بعض الدروس، على اختلاف مستوياتهم، وقد ذكرت مجموعة من طلابه البارزين في ترجمته المفصلة في "مجلة الحكمة" العدد الثاني لا على سبيل الحصر فارجع إليها.
منهجه العلمي:
لقد أوضح الشيخ -حفظه الله- منهجه، وصرح به مرات عديدة، أنه يسير على الطريقة التي انتهجها شيخه العلامة الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي، يقول شيخنا أبو عبد الله: "لقد تأثرت كثيرًا بشيخي عبد الرحمن السعدي في طريقة التدريس، وعرض العلم، وتقريبه للطلبة بالأمثلة والمعاني".
والمنهج الذي سلكه الشيخ عبد الرحمن السعدي هو منهج خرج به عن المنهج الذي يسير عليه علماء الجزيرة -علماء نجد- عامتهم أو غالبتهم، حيث اعتماد المذهب الحنبلي في الفروع من مسائل الأحكام الفقهية، والاعتماد على كتاب "زاد المستنقع" في فقه الإمام أحمد بن حنبل، فكان الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي معروفًا بخروجه عن المذهب الحنبلي، وعدم التقيد به في مسائل كثيرة.
1 / 12
ومنهج الشيخ السعدي هو أنه كثيرًا ما يتبنى آراء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ويرجحهما على المذهب الحنبلي، فلم يكن عنده الجمود تجاه مذهب معين، بل كان متجردًا للحق، وقد انطبعت فيه هذه الصفة وانتقلت إلى تلميذه محمد الصالح العثيمين.
ولا بأس في أن نذكر أمثلة لبعض المسائل التي خالف شيخنا أبو عبد الله العثيمين فيها شيخ الإسلام ابن تيمية منها:
١ - يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجماعة شرط لصحة الصلاة، ويرى شيخنا أنها واجبة.
٢ - يرى شيخ الإسلام أن المتمتع في الحج يكفيه سعي العمرة عن سعي الحج، ويرى شيخنا أن سعي العمرة لا يكفي عن سعي الحج.
٣ - يرى شيخ الإسلام جواز سفر المرأة بلا محرم مع الأمن، ويرى شيخنا عدم جواز سفر المرأة بلا محرم مطلقًا.
٤ - يرى شيخ الإسلام جواز الجمع بين الأختين من الرضاع، ويرى شيخنا التحريم لعموم حديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
٥ - يرى شيخ الإسلام جواز دفع الزكاة في قضاء دين الميت الذي لم يخلف وفاء، ويرى شيخنا عدم الجواز.
٦ - يرى شيخ الإسلام جواز تعفير الوجه بالتراب تذللًا لله
1 / 13
تعالى -ذكرها في الاختيارات- ويرى شيخنا ضعف هذا القول؛ لأن الأصل في العبادات المنع والحظر، حتى يقوم دليل على المشروعية.
٧ - يرى شيخ الإسلام أن للأم الثلث مع الإخوة المحجوبين بالأب، ويرى شيخنا أن للأم السدس؛ أي إن الأخوة، وإن كانوا محجوبين بالأب، لكن تأثيرهم على الأم يظل باقيًا، فيحجبونها حجب نقصان من الثلث إلى السدس، وهو قول الجمهور.
٨ - يرى شيخ الإسلام جواز الزيادة بين الربويين من جنس واحد في مقابل الصنعة، ويرى شيخنا عدم الجواز للعمومات الدالة على أن الذهب بالذهب لابد فيه من التساوي وزنًا بوزن، سواء بسواء، يدًا بيد.
٩ - يرى شيخ الإسلام أن المأموم تكفيه قراءة إمامه في الصلاة الجهرية، وهو المذهب، ويرى شيخنا وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الجهرية.
طبيعة الدرس عند الشيخ:
إن طبيعة الدرس التي التزمها الشيخ، وسار عليها، واتخذها منهجًا له منذ توليه التدريس في الجامع الكبير خلفًا لشيخه منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة تكمن في نمط معين؛ ذلك أن الشيخ يركز كثيرًا على حفظ المتون، ويطالب التلميذ ويتابعه على الحفظ في كل درس، بل إن الشيخ ينكر على من يحضر درسه ولا يلتزم الحفظ. وقد حفظنا على الشيخ كثيرًا من المتون المنثورة
1 / 14
والمنظومة.
ومن آثاره العلمية:
ذكرت من آثاره العلمية خمسة وخمسين مؤلفًا، وأكثرها عبارة عن رسائل صغيرة، فارجع إلى التفصيل في ذكرها إلى مجلتنا "مجلة الحكمة" في عددها الثاني، في ترجمة الشيخ -حفظه الله-. فقد أطلنا في ترجمته إلى ثلاثين صفحة فارجع إليها.
هذا ما تيسر كتابته وتدوينه باختصار عن ترجمة المؤلف، والله أسأل أن يَمُدَّ في عمره، ويحسن عمله، وينفع به الأمة إنه سميع قريب مجيب والحمد لله رب العالمين.
بقلم تلميذه
وليد بن أحمد الحسين أبو عبد الله الزبيري
رئيس تحرير مجلة الحكمة
1 / 15
مقدمة الطبعة الثانية
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فقد مَنَّ الله تعالى علينا بشرح "العقيدة الواسطية" التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية في عقيدة أهل السنة والجماعة تقريرًا على الطلبة الذين درسوها علينا في المسجد، ومن أجل حرصهم على حفظ التقرير؛ قاموا بتسجيله ثم تفريغه كتابة من أشرطة التسجيل.
ومن المعلوم أن الشرح المتلقى من التقرير ليس كالشرح المكتوب بالتحرير؛ لأن الأول يعتريه من النقص والزيادة ما لا يعتري الثاني.
وقد تقدمت عدة مكاتب نشر بطلب طباعته، وسبق إلى ذلك (مكتبة طبرية)، فأخرجته بثوب قشيب، وعليه تعليقات مفيدة في تحقيقه وتخريج أحاديثه لأخينا أبي محمد أشرف بن عبد المقصود بن
1 / 17
عبد الرحيم وفقه الله وجزاه خيرًا.
ولكن؛ لما كان الشرح المتلقى من التقرير ليس كالشرح المكتوب بالتحرير؛ رأيت من المهم أن أقرأ الشرح بتمهُّل من أجل إخراج الشرح على الوجه المَرْضِيِّ، ففعلت ذلك ولله الحمد، وحذفت ما لا يُحتاج إليه، وزدت ما يُحتاج إليه.
وأسأل الله تعالى أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره؛ إنه قريب مجيب.
المؤلف
محمد العثيمين
٢٧/ ٣ / ١٤١٥ هـ
1 / 18
مقدمة الشارح
...
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فإنه هذا الكتاب الذي يسمى "العقيدة الواسطية" ألفه حبر الأمة في زمانه: أبو العباس، شيخ الإسلام، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، ﵀، المتوفى سنة ٧٢٨ هـ.
ولهذا الرجل من المقامات - التي يشكر عليها والتي نرجو من الله له المثوبة عليها - في الدفاع عن الحق ومهاجمة أهل الباطل ما يعلمه كل من تتبع كتبه وسبرها، والحقيقة أنه من نعم الله على هذه الأمة، لأن الله ﷾ كف به أمورًا عظيمة خطيرة على العقيدة الإسلامية.
وهذا الكتاب كتاب مختصر، يسمى "العقيدة الواسطية"، ألفه شيخ الإسلام، لأنه حضر إليه رجل من قضاة واسط، شكا إليه ما كان الناس يعانونه من المذاهب المنحرفة فيما يتعلق بأسماء الله
1 / 19
وصفاته، فكتب هذه العقيدة التي تُعدُّ زبدة لعقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالأمور التي خاض الناس فيها بالبدع وكثر فيها الكلام والقيل والقال.
وقبل أن نبدأ الكلام على هذه الرسالة العظيمة نحب أن نبين أن جميع رسالات الرسل، من أولهم نوح ﵊، إلى آخرهم محمد ﷺ، كلها تدعو إلى التوحيد.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].
وذلك أن الخلق خلقوا لواحد، وهو الله ﷿، خلقوا لعبادته، لتتعلق قلوبهم به؛ تألهًا، وتعظيمًا، وخوفًا، ورجاء، وتوكلًا، ورغبة، ورهبة، حتى ينسلخوا عن كل شيء من الدنيا لا يكون معينًا لهم على توحيد الله ﷿ في هذه الأمور؛ لأنك أنت مخلوق، لابد أن تكون لخالقك، قلبًا وقالبًا في كل شيء.
ولهذا كانت دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى هذا الأمر الهام العظيم، عبادة الله وحده لا شريك له.
ولم يكن الرسل الذين أرسلهم الله ﷿ إلى البشر يدعون إلى توحيد الربوبية كدعوتهم إلى توحيد الألوهية، ذلك أن منكري توحيد الربوبية قليلون جدًا، وحتى الذين ينكرونه هم في
1 / 20
قرارة نفوسهم لا يستطيعون أن ينكروه، اللهم إلا أن يكونوا قد سُلبوا العقول المدركة أدنى إدراك، فإنهم قد ينكرون هذا من باب المكابرة.
وقد قسم العلماء ﵏ التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: توحيد الربوبية:
وهو "إفراد الله ﷾ في أمور ثلاثة: في الخلق والملك والتدبير".
دليل ذلك قوله تعالى: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ [الأعراف، ٥٤] ووجه الدلالة من الآية: أنه قدم فيها الخبر الذي من حقه التأخير، والقاعدة البلاغية: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. ثم تأمل افتتاح هذه الآية بـ (ألا) الدالة على التنبيه والتوكيد: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ [الأعراف: ٤]، لا لغيره، فالخلق هذا هو، والأمر هو التدبير.
أما الملك، فدليلة مثل قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الجاثية: ٢٧]، فإن هذا يدل على انفراده ﷾ بالملك، ووجه الدلالة من هذه الآية كما سبق تقديم ما حقه التأخير.
إذًا، فالرب ﷿ منفرد بالخلق والملك والتدبير.
فإن قلت: كيف تجمع بين ما قررت وبين إثبات الخلق لغير الله، مثل قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون:
1 / 21