أتظن أنك لم تفز بشيء في مقابل العشاء الذي فاتك؟
بل فزت حقا، فزت بإعفائك من تملق من لا تريد أن تتملقه، وإعفائك من تحمل فظاظة الحجاب على بابه. (26) الطبيعة لا تختلف
من يرد أن يعرف إرادة الطبيعة فليطلع على الأمور التي لا يختلف فيها أحدنا عن الآخر. مثلا، إذا كسر خادم جارنا كوبا أو ما أشبه، فإننا نسارع بقولنا: «لا بأس، مثل هذه الخسائر لا بد منها.» عليك إذن إذا انكسر كوبك أنت، أن تكون مثلما كنت بإزاء كوب غيرك.
فلتطبق هذا على ما هو أعظم من الأمور؛ هل توفي ابن لأحد أو توفيت زوجته؟ ليس منا من لن يقول: «هكذا حال البشر.» فإذا ما توفي أحد من ذويه لم يلبث أن يقول: «وا أسفاه، كم أنا حزين!» فلنتذكر دائما ما نجده في أنفسنا عندما نسمع بحدوث الشيء نفسه للآخرين. (27) العالم ليس شرا
لا أحد يحدد أمامه دريئة (هدفا للرمي) من أجل أن يخطئها! وبالمثل، لا شيء في العالم هو شر في طبيعته وصميمه. (28) تسليمك لعقلك!
إذا سلم أحد جسدك لأول عابر فسوف تغضب ولا ريب.
أفلا تخجل إذن وأنت تسلم عقلك لأي عابر بحيث إذا سبك تكدرت وتعكر صفوك؟! (29) رياضة الفلسفة
في كل فعل تهم به انظر فيما سبق وما يلحق، ثم امض في الفعل نفسه. وإلا فإنك ستبدأ بحماس، غير مبال بالعواقب، حتى إذا ما اعترضتك بعض المصاعب انسحبت منخذلا.
هل تريد أن تفوز في الأوليمبياد؟ أنا أيضا أريد، وحق الآلهة؛ فهذا شيء رائع. ولكن انظر فيما يسبق ذلك وما يتلوه، فإذا راقك فاشرع في العمل؛ إن عليك أن تلتزم في كل شيء بقواعد؛ أن تأكل وفق نظام صارم، أن تمتنع عن لذيذ الطعام، أن تأخذ نفسك بالتدريب، شئت أم أبيت، في مواعيد محددة، في الحر والبرد، ألا تشرب ماء باردا، وألا تشرب نبيذا على هواك. وباختصار، يجب أن تسلم نفسك لمدربك مثلما تسلمها للطبيب؛ وعندئذ، عندما تمضي إلى المباراة فقد تقع في مصرف، وقد تنخلع ذراعك، أو يلتوي كاحلك، أو تستف ترابا كثيرا، وربما تضرب، وبعد كل هذا تخسر المنازلة.
إذا بقيت تنوي - بعد النظر في كل هذه الاعتبارات - أن تدخل في المسابقات الرياضية، فادخل. وإلا فلتعلم أنك سوف تسلك كالأطفال الذين يلعبون حينا دور المصارعين، وحينا آخر دور المجالدين، وتارة ينفخون البوق، وطورا يمثلون تراجيديا إثر رؤيتهم لهذه العروض وإعجابهم بها. كذلك أنت أيضا ستكون آنا مصارعا وآنا آخر مجالدا، وتارة فيلسوفا، وطورا خطيبا؛ ولكن لن تكون شيئا على الإطلاق بكل روحك. أنت تقلد، كالقرد، كل ما تراه. يروقك الشيء تلو الآخر بكل تأكيد، غير أنه يفقد لديك جاذبيته بمجرد أن تألفه؛ ذلك أنك لم تدخل في أي شيء قط بتبصر أو بعد استقصاء الأمر كله وتمحيصه، بل دخلته باستخفاف ورغبة فاترة.
অজানা পৃষ্ঠা