Efforts of Muslim Scholars in Criticizing the Bible from the 8th Century AH to the Present "Review and Critique"
جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر "عرض ونقد"
জনগুলি
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
فلقد جاء الرسول ﷺ على فترة من الرسل بنور وكتاب مبين، فأقام دولة وأسس أمة وربى رجالًا بذلوا أرواحهم في سبيل الله من أجل رفعة دينه فرحمة الله عليهم من سلف صالح ولله در من تبعهم من خلف. أولئك الذين رفعوا لواء الإِسلام وكان دين الواحد منهم لحمه ودمه؛ بل أغلى عنده من نفسه، فوقف يدافع عنه ضد الهجمات التى يشنها أعداء الإِسلام، ولازالوا يناصبونه العداء.
فمن يا تُرى وراء تلك الهجمات؟ إنهم اليهود والنصارى على حد سواء في في القديم والحديث وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٢٠)﴾ (١).
فاليهود إذن أشد حقدًا على الإِسلام والمسلمين، لأن النبوة الخاتمة لم تأت من نسل يعقوب الأعجمى، كما كانوا يريدون، ولكنها أتت من نسل إسماعيل العربي، وتلك هي البداية التي دفعتهم لتحريف كل كلمة تشير إلى العرب وأفضليتهم أو إلى النبي الخاتم ﷺ الذي عرفوا صفته من كتبهم كما يعرفون أبناءهم فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (٢) فحرفوا ما يدل عليه من كلمات وبشارات وزيفوا التاريخ وبدلوا الحقائق على هذا الأساس.
وعند تتبع تاريخ بنى إسرائيل وموقفهم من الإِسلام يقف الباحث على حقيقة هامة وهي: أنه قد آمن
منهم من آمن عن طواعية واختيار، ورغبة في العدل والخير، وكائن سماحة الإِسلام السبب المبَاشر في
إسلامهم، وبقي من بقى منهم على يهوديته أو نصرانيته عصبية وحقدًا على المسلمين.
_________
(١) سورة البقرة: الآية: (١٢٠)
(٢) سورة البقرة: الآية (١٤٦).
1 / 1
فهؤلاء الذين أصروا على كفرهم وعنادهم استمرءوا تحريف ما بين أيديهم من كتب على مر العصور، وقد بين ذلك القرآن الكريم فقال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١).
وقد شهد الرسول ﷺ حادثة تدل على أنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه وهي حادثة الرجل اليهودي الذي أخفى آية الرجم بن التوراة بيديه حتى لا يُطبق حد الرجم علي من أخطأ، فقد جاء في الحديث: "أُتي رسول الله بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعًا، فقال لهم: ما تجدون في كتابكم؟ قالو إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتحبية، قال عبد الله بن سلام (٢) ادعهم في يا رسول الله بالتوراة، فأتى بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له ابن سلام: ارفع يدك فإذا آية الرجم تحت يده فأمر بها رسول الله فرجما" (٣).
وتوالت الأحداث وكلما مر عهد حرف اليهود والنصارى وغيروا وبدلو وزادوا وأنقصوا، وكلما يطبع من كتبهم نسخة تكون غير النسخة الأولي التى قبلها لما يراه رجال دينهم ومجامعهم المقدسة- في زعمهم- من حذف كلمة أو زيادة أخرى أو تبديل كلمة مكان كلمة وغير ذلك يدعون صحة كتبهم وأنها من عند الله، وليس ذلك فحسب، بل وجهوا نقدهم للإسلام ورسوله وكتابه وأثاروا حوله الشبه والشكوك، ولكن الله ﷿ حافظ كتابه من التبديل والتغيير فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (٤) وقال سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٥).
_________
(١) سورة المائدة: الآية: (١٣).
(٢) هو: عبد الله بن الحارث، أبو يوسف من ذرية يوسف ﵇، حليف النوافل من الخزرج الإسرائيلي الأنصاري، كان حليفًا لهم وكان من بني قينقاع، كان اسمه الحصين فغيره النبي ﷺ إلى عبد الله، وكان يهوديًا فأسلم، مات سنة ٤٣ هجرية (انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ٦/ ١٠٨ - ١١٠، طبعة مكتبة الكليات الأرهرية، ط١، ١٣٩٦هـ/١٩٧٦م).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين، باب الرجم في البلاط ٤/ ١٧٧ ط / دار إحياء الكتب العربيه، الحلي، والتحميم هو تسويد الوجة بالفحم، والتحبسيه أن يضم الإنسان رجيله إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشد عليه (النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير: ١/ ٣٣٥، ٤٤٤، طبعة دار إحياء التراث العربي؛ بيروت).
(٤) سورة فصلت: الآيتان (٤١، ٤٢).
(٥) سورة الحجر: الآية (٩).
1 / 2
فهيأ الله ﷿ لدينه من يدافع عنه وكان من العلماء من تصدي لهذه الشبه- فترة البحث- فرد عليها وبين بطلانها، من هؤلاء شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والامام الألوسي وغيرهم. ومن العلماء من جعل اليهود والنصارى ينشغلون بأنفسهم وبما تحت أيديهم من كتب لا سند لها ومشكوك في صحة نسبتها إلى كاتبيها فوجه نقده إليها بموضوعية وحيدة تامة ونزاهة واضحة، من هؤلاء العلماء العلامة رحمة الله الهندي والعلامة أحمد ديدات والعلامة الباجه جى زادة البغدادي وغيرهم ممن يمثلون علامات بارزة في تاريخ أمتنا الإِسلامية- فترة البحث- أولئك الذين اهتموا بدراسة الكتاب المقدس سندًا ومتنًا وبيان مكانته من الصحة أو عدمها وكان لكل واحد من هؤلاء منهجه وأسلوبه المتميز في النقد، ويجمعهم منهج مشترك ووجهة واحدة نجعلهم في خندق واحد أمام الحروب الفكرية التي يتزعمها اليهود والنصارى.
سبب اختياري لهذا الموضوع:
إبراز جهود أعلام الفكر الإِسلامي في نقد الكتاب المقدس، وذلك اعترافًا بفضلهم وإشادة بحهودهم، وتعريف المسلمين- لا سيما الباحثين منهم- قدر هؤلاء العلماء والقيمة العلمية لمؤلفاتهم في هذا الجانب.
1 / 3
نبذة عن الدراسة السابقة على موضوع البحث
هناك دراسة سابقة على هذا الموضوع في جامعة الأزهر فرع المنصورة وهي رسالة الدكتوراه الخاصة بالدكتور ياسر أبو شبانه الرشيدى وتحمل العنوان التالي: جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الأول الهجري إلى نهاية القرن السابع الهجري" عرض ونقد"
١ - وقد تحدث فيها أولًا عن حديث القرآن الكريم عن التوراة والإنجيل وأثرة في الحركة النقدية مبينا أن القرآن الكريم هو النبع الصافي الذي استقى منه المسلمون الأوائل أصول علومهم ومبادئ معارفهم، من هذه العلوم والمعارف علم مقارنة الأديان، إذا أنه لم يسهم عالم مسلم بنصيب في هذا المجال إلا وكان القرآن الكريم دافعه الأول ومحركه الأساسي لإنجاز دراسته.
٢ - بيَّن في دراسته المنهج القرآني في مخاطبة أهل الكتاب وكيف تدرج القرآن الكريم في ذلك على مرحلتين.
أ - المرحلة المكية
وقد اتسمت هذه المرحلة بالحديث عن الكتب السابقة وبيان مضمونها، والغاية من إنزالها، وذكر البشارة بالنبي صلى الله علية وسلم فيها، وبين موقف أهل الكتاب مما أنزله الله عليهم، وأنهم قد انحرفوا وحادوا عن الصراط المستقيم، وقد بين القرآن في هذه المرحلة أن الكتب السماوية كلها تنبثق عن أصل واحد، وأن هذه الكتب دليل على صدق القرآن الكريم وصحة النبوة الخاتمه كل ذلك على سبيل الإجمال.
ب- المرحلة المدنية
وفيها تم تفصيل ما أجمل في المرحلة المكية، وخاصة قضية التحريف بأنواعه المختلفة ومن أبرز سمات القرآن فيها أنها تبين سوء مسلك أهل الكتاب مع كتاب الله المنزل إليهم كفروا به ونبذوه وراء ظهورهم.
٣ - تحدث عن أهم المؤلفات في نقد الكتاب المقدس وقسمها إلى مرحلتين:
الأولى: بعض المؤلفات من القرن الثاني الهجري حتى نهاية القرن الرابع الهجرى وتتميز هذه المرحلة بسيطرة النزعة العقلية على هذه المؤلفات وأرجع ذلك إلى الخلفية الفكرية لأصحابها وقد استوعب في هذه المرحلة بعض المؤلفات بالعرض والتحليل.
1 / 4
الثانية: بعض المؤلفات من القرن الخامس حتى نهاية القرن السابع وقد بين أن هذه المرحلة قد شهدت تحولًا كبيررًا في منهج علماء المسلمين في مجادلة أهل الكتاب، وقال إن أبرز سمات هذه المرحلة الاتجاه إلى مناقشة ونقد ما يراه القوم كتابًا مقدسًا ومن ثم خفت إلى حد كبير نزعة الجدل والحوار الفلسفي والمنطق الجاف وسيطر على هذه المؤلفات تحليل النصوص والموازنة بينها ونقدها نقدًا علميًا سديدًا.
٤ - خصص فصلًا لنقد متن العهد القديم وسنده تحدث فيه عن التناقض بين النصوص وبيَّن وقوع كتبة العهد القديم في أخطاء حسابية فادحة، وناقش النصوص التي تتناقض مع جلال الألوهية وعظمة الربوبية، والنصوص التي تقدح في عظمة الأنبياء وتحدث عن النسخ في نصوص العهد القديم والتشريعات وغير ذلك من تفريعات أخرى.
٥ - ثم ذكر بعد ذلك كيف نقد علماء المسلمين سند الكتاب المقدس والأدوار التاريخية التي مر بها بنو إسرائيل وكيف كانت سببًا في ضياع التوراة والإنجيل الأصليين ومن ثم فقدان السند كل ذلك من خلال نصوص الكتاب المقدس.
٦ - ثم خصص فصلًا آخر لنقد متن العهد الجديد وسنده، وسار فيه على نهج ما سار في نقد العهد في القدم مبينا كيف نقض علماء المسلمين عقائد النصارى في المسيح ﵇ وأن العهد الجديد يحمل البشارة به ﷺ.
٧ - ثم ذكر بعد ذلك كيف نقد علماء المسلمين سند العهد الجديد من خلال كتبة أسفاره والجانب التاريخي في نقد السند وبين أثر الاضطهادات في فقدان الإنجيل المنزل من عند الله ﷿.
٨ - وفي هذه نهاية الدراسة القيمة بين د/ ياسر أبو شبانه أهم الجوانب الأيجابية والسلبية للحركة النقدية ووضع منهجًا موضوعيًا مقترحًا للدرسات من هذا النوع يتمثل في أهمية العمل الجماعي في إخراج أبحاث متكاملة مع التأكيد على تنوع التخصصات في فريق العمل واستخدام مجالات نقدية جديدة لا تقتصر على العلوم الشرعية فقط بل تمتد إلى إلى التاريح والجغرافيا والأرصاد الجوية والطب وما يتصل به، والعلوم المتصلة بالسكان وتطوير المجتمعات البشرية.
1 / 5
خطة البحث:
وتشتمل على مقدمة وتمهيد ومدخل وقسمين وخاتمة. فالمقدمة سبق الإشارة إليها في الصفحات السابقة، والتمهيد يشتمل على المطالب التالية:
- المطلب الأول: مسيرة الحركة النقدية للكتاب المقدس.
- المطلب الثاني: العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد.
- المطلب الثالث: دوافع الدراسة النقدية للكتاب المقدس.
- المطلب الرابع: موقف الإِسلام من التوراة والإنجيل.
القسم الأول عرض محتويات الكتاب المقدس ونقد سنده
ويشتمل هذا القسم على بابين
* الباب الأول: وعنوانه: نماذج من الجهود النقدية وعرض محتويات الكتاب المقدس.
ويتناول بيان ما يلي:
أولا: الجهودالنقدية للكتاب المقدس
ثانيًا: الكتاب المقدس وعرض محتوياته.
الباب الثاني وعنوانه: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد سند الكتاب المقدس. ويشتمل هذا الباب على فصلين:
• الفصل الأول: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد سند العهد القديم.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
- المبحث الأول: نقد سند الأسفار الخمسة من العهد القديم.
- المبحث الثاني: نقد سند الأسفار الأخرى من العهد القديم.
- المبحث الثالث: نظرة تاريخية حول العهد القديم.
1 / 6
الفصل الثاني جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد سند العهد الجديد
ويشتمل هذا الفصل على ثلاثة مباحث:
- المبحث الأول: نقد سند الأناجيل الأربعة "متي، مرقس، لوقا، يوحنا".
- المبحث الثاني: نقد سند الأسفار الأخرى من العهد الجديد.
- المبحث الثالث: نظرة تاريخية حول العهد الجديد.
القسم الثاني نقد متن الكتاب المقدس
ويشتمل هذا القسم على بابين:
* الباب الأول: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد متن العهد القديم.
ويشتمل هذا الباب على أربعة فصول:
• الفصل الأول: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد العقائد في العهد القديم.
ويشتمل هذا الفصل على سبعة مباحث:
- المبحث الأول: نقد أنوع التوحيد في العهد القديم.
- المبحث الثاني: نقد عقيدة الإيمان بالملائكة ووجود الجن في العهد القديم.
- المبحث الثالث: نقد موقف العهد القديم من الكتب المقدسة.
- المبحث الرابع: نقد عقيدة الإيمان بالنبوة والأنبياء في العهد القديم.
- المبحث الخامس: نقد عقيدة الإيمان باليوم الآخر في العهد القديم.
- المبحث السادس: نقد عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر في العهد القديم.
- المبحث السابع: نقد عقيدة أرض الميعاد في العهد القديم.
• الفصل الثاني: جهود علماء المسلمين- فترة - البحث- في نقد التشريعات في العهد القديم.
ويشتمل هذا الفصل على خمسة مباحث:
- المبحث الأول: نقد التشريعات الخاصة بالطهارة والنجاسة في العهد القديم.
- المبحث الثاني: نقد التشريعات الخاصة بالكهنة والقرابين في العهد القديم.
1 / 7
- المبحث الثالث: نقد التشريعات الخاصة بالأسرة والزواج في العهد القديم.
- المبحث الرابع: نقد التشريعات الخاصة بغير اليهود في العهد القديم.
- المبحث الخامس: نقد التشريعات الخاصة بالجرائم والعقوبات في العهد القديم.
• الفصل الثالث: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد السلوكيات الأخلاقية في العهد
القديم. ويشتمل هذا الفصل على خمسة مباحث:
- المبحث الأول: نقد المادية في أخلاق اليهود في العهد القديم.
- المبحث الثاني: نقد العدوانية في أخلاق اليهود في العهد القديم.
- المبحث الثالث: نقد الانحلال الخُلقي في العهد القديم.
- المبحث الرابع: نقد الغدر والخيانة في العهد القديم.
- المبحث الخامس: نقد الكذب والسرقة في العهد القديم.
الباب الثاني نقد متن العهد الجديد
ويشتمل هذا الباب على ثلاثة فصول:
° الفصل الأول: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد العقائد في العهد الجديد ويشتمل هذا الفصل على ستة مباحث:
المبحث الأول: نقض عقيدة ألوهية المسيح في العهد الجديد.
المبحث الثاني: نقض عقيدة بنوة المسيح في العهد الجديد.
المبحث الثالث: نقض عقيدة ألوهية الروح القدس في العهد الجديد.
- المبحث الرابع: نقض عقيدة التثليث في العهد الجديد.
1 / 8
-المبحث الخامس: نقض عقيدة الحلول والاتحاد في العهد الجديد.
-المبحث السادس: نقض عقيدة الصلب والفداء في العهد الجديد.
° الفصل الثاني: جهود علماء المسلمين- فترة البحث- في نقد الشرائع والعبادات والأخلاق في العهد الجديد.
ويشتمل هذا الفصل على مبحثين:
-المبحث الأول: نقد الشرائع والعبادات في العهد الجديد ..
- المبحث الثاني: نقد الأخلاق في العهد الجديد.
الخاتمة:
ذكرت فيها النتائج التي أسفر عنها البحث وتوصيات الباحث.
طريقة جمع المادة العلمية:
في جمعي للمادة العلمية إلتي تكون منها البحث اتبعت ما يلي:
١ - عزوت الآيات القرآنية إلى سورها والأحاديث النبوية إلى مصادرها الأصلية.
٢ - قمت بتعريف الأعلام الذين وجدت لهم سيرة ذاتية في كتب التراجم وغيرها وكذا الأماكن والبلدان من المصادر المعتبرة.
٣ - طريقة العزو إلى المصادر، أقوم بذكر المصدر ثم المؤلف ورقم الصفحة ورقم الجزء والصفحة إن كان المصدر له أكثر من جزء ثم الطبعة ورقمها وتاريخها إن وجد.
٤ - بينت معانى معظم الألفاظ الغريبة أو الأعجمية التي وردت في البحث.
1 / 9
٥ - خرجت نصوص الكتاب المقدس فذكرت اسم السفر ثم رقم الإصحاح ورقم الفقرات فيه ثم عنوان الإصحاح.
٦ - عندما يذكر أحد المؤلفين نصًا من نسخة قديمة للكتاب المقدس فإذا كان مطابقًا للنسخة البروتستانتية التي بين يديّ أذكر اسم السفر مباشرة وإذا لم يكن موجودًا بالنص ولكن وجد بالمعنى أو بألفاظ متقاربة أو متغيرة أو محرفة أقول قبل كتابة اسم السفر انظر: ثم أذكر اسم السفر والنص من النسخة التي اعتمدت عليها غالبًا.
٧ - عالجت القضايا التي تناولها البحث معالجة علمية بالأدلة العقلية والنقلية وسرت مع ما ذكره علماء المسلمين من آراء نقدية مسترشدًا بذلك في الحكم على القضايا التي تناولها البحث بالنقد والتحليل.
منهج البحث:
استخدمت في إعداد البحث المناهج التالية:
١ - المنهج الاستنباطى (١) كأداة أساسية لربط المقدمات بالنتائج عن طريق التأمل والملاحظة لاستخلاص الحكم النهائي من الأدلة التي أستشهد بها في كل قضية من قضايا البحث.
٢ - المنهج الاستقرائى (٢) كأداة أساسية لتتبع الجزئيات في القضية الواحدة من جميع مطالب البحث للوصول إلى رؤية شاملة وعامة عنها.
٣ - المنهج التاريخي (٣) كأداة لربط النصوص ببعضها عند استرجاع أحداثها ومعرفة مدى توفر الشروط اللازمة في توثيق هذه النصوص ومدى صحة نسبتها التي قائليها ومعرفة زمن كتابتها وأيضًا التسلسل التاريخي للأحداث.
_________
(١) هو: الذي يربط العقل فيه بين المقدمات والنتائج أو بين الأشياء وعللها، على أساس المنطق والتأمل الذهني، فهو يبدأ بالكليات ليصل منها إلى الجزئيات (انظر: البحث العلمي مناهجه وتقنياته: د/ محمَّد زيان عمر، ص ٣٢، ط/ جدة بالسعودية، ١٣٩٤ هـ).
(٢) هو: الذي يبدأ بالجزئيات ليصل منها إلى قوانين عامة، المرجع السابق، ص ٣٢.
(٣) هو: الذي يعني بفهم الماضي ومحاولة فهم الحاضر على ضوء الأحداث والتطورات الماضية، ويعتمد في ذلك على الوثائق ونقدها (انظر: محاضرات في البحث الأدبي: د/ فاطمة المرسى جوهر، ص ٤٨، طبعة ١٩٩٦م.
1 / 10
التمهيد
ويشتمل على المطالب التالية:
المطلب الأول: مسيرة الحركة النقدية للكتاب المقدس.
المطلب الثاني: العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد.
المطلب الثالث: دوافع الدراسة النقدية للكتاب المقدس.
المطلب الرابع: موقف الإِسلام من التوراة والإنجيل.
1 / 11
المطلب الأول مسيرة الحركة النقدية للكتاب المقدس
إن الجذور التاريخية لنقد الكتاب المقدس، تمتد التي عمق الزمن، حيث مدرسة الاسكندرية الفلسفية، التي دخلت في صراع فكرى مع اليهود، حول العلاقة بين العقل والنقل، وأيهما يسبق الآخر (١).
وعندما تتبعت هذه المسيرة في مؤلفات علماء المسلمين، وجدت الفضل فيها أولا، يرجع إلى علماء الغرب، في القرن التاسع الميلادي، حيث بدأ نقد العهد القديم، على يد المؤلف اليهودي "حيوي البلخي"، وقد ظهرت بعده مؤلفات متفرقة هنا وهناك (٢).
ثم نشطت حركة النقد ابتداءً من القرن السابع عشر الميلادي، وقام القسيس الفرنسى" ريتشارد سيمون" ووضع كتابًا موجها التي "اسبينوزا" (٣) نقد فيه الكتاب المقدس نقدًا عنيفًا، ثم قدم اسبينوزا نقده الشامل في كتابه "رسالة في اللاهوت والسياسة"، وفي القرن الثامن عشر، حمل لواء النقد فولتير (٤).
وبعد هذه الفترة، توالى علماء الغرب في نقد الكتاب المقدس، حيث أخضعوه للدراسات النقدية، وتوالت العصور ودام الصراع بين الكنيسة والمحتجين عليها الخارجين على أحكامها، وكثرت المؤلفات النقدية الغربية للكتاب المقدس.
_________
(١) انظر: النصوص المقدسة في الأديان الثلاثة: د/ سيد عبد التواب، ص ٢٠٩، ط/ دار الطباعة المحمدية، ١٩٨٢ م.
(٢) انظر: اليهود واليهودية والصهيونية، د/ عبد الوهاب المسيري، ٥/ ١٠١ - ١٠٢، ط/ دار الشروق، ١٩٦٨ م.
(٣) هو: فيلسوف هولندي، ولد سنة ١٦٣٢ م طردته الجالية اليهودية بأمستردام من مجمع اليهود، من مؤلفاته البحث اللاهوتي السياسى، ت ١٦٧٧ م، (انظر الموسوعة الفلسفية، م روزينتال، ي يودين، ت سمير كرم، ص ٢٤٢، ط / دار الطليعة بيروت، ط / ٢، ١٩٨٠ م).
(٤) فولتير: كاتب فرنسى، وفيلسوف ومؤرخ، أحد زعماء حركة التنوير الفرنسية، تعلم في الكلية اليسوعية، ولد سنة ١٦٩٤ م، وتوفي سنة ١٧٧٨ م، (انظر: المرجع السابق، ص ٣٥٧ - ٣٥٨).
1 / 12
هذا .. وفي أثناء هذه الحركة النقدية، وبعد أن جاء الإِسلام، وعرف المسلمون كيف حرف اليهود والنصارى، ما بين أيديهم من كتب، عن طريق ما ورد في القرآن الكريم، حيث يخبر رب العزة سبحانه وتعالي عن وجود التحريف في التوراة والإنجيل في آيات كثيرة، منها: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١).
وفتح باب الحوار بين المسلمين وأهل الكتاب، وكان للجدل المديني أهميته القصوى في العلاقة بينهم، وذلك من أجل مد جذور التواصل لطريق الهداية إلى الإِسلام، وقد وضعت الأسس الإِسلامية لهذا الجدال في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (٣).
فلما جاء عصر التدوين، في منتصف القرن الثاني الهجري، وبدأ المسلمون يكتبون في الفقه والتفسير والحديث، واليهودية والنصرانية (٤) وغير ذلك، نشطت الحركة النقدية بعد ذلك على يد عمالقة الفكر الإِسلامى، وكثرت المؤلفات التي تهتم بدراسة الكتاب المقدس، من هذه المؤلفات:
١ - الرد على النصارى لأبي عثمان الجاحظ، ت ٢٥٥ هـ.
٢ - كتاب التوحيد لأبي منصور الماتريدي، ت ٣٣٣ هـ.
٣ - رسالة الحسن بن أيوب، ت ٣٧٨ هـ.
٤ - التمهيد للقاضى أبو بكر الباقلاني، ت ٤٠٣ هـ.
٥ - الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم الأندلسي، ت ٤٥٦ هـ.
٦ - شفاء العليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل، لأبي المعالى الجوينى، ت ٥٨٩ هـ.
_________
(١) سورة المائدة: الآية (١٣).
(٢) سورة العنكبوت: الآية (٤٦).
(٣) سورة آل عمران: الآية (٦٤).
(٤) اليهوديه: د/ أحمد شلبى، صـ٢٧، ط/مكتبة النهضة المصرية، ط/٧ - ١٩٨٤م
1 / 13
٧ - النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية، للمهتدي نصر بن يحيي، ت ٥٨٩ هـ.
٨ - الرد على النصارى، لأبي البقاء الجعفرى، ت ٦٣٢ هـ.
٩ - الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة، للقرافي، ت ٦٨٤ هـ.
وغير ذلك من المؤلفات، وهناك من الدراسات الحديثة من استوعب هذه المؤلفات وغيرها، بالعرض والتقويم (١).
وتواصلا لهذه المسيرة تابع هؤلاء العلماء في نقد الكتاب المقدس، علماء فترة البحث وسوف أتناول مؤلفاتهم بإذن الله تعالى بالعرض والتقويم (٢) بداية من القرن الثامن الهجري التي العصر الحاضر، وذلك من أجل إبراز الجهود النقدية القيمة لهؤلاء العلماء تكملة للفترة السابقة.
والجدير بالذكر، أن ما قام به علماء فترة البحث من جهود، ما هو إلا امتداد لتلك الحركة النقدية التي سبقت، غربية كانت أو إسلامية، فقد استفادوا من كتب السابقين عليهم في هذا المجال، وكان علماؤنا الأجلاء في نقدهم، بين متأثر بمن سبقه وبين مجتهد له رؤيته الخاصة، التي تتميز بالإبداع والابتكار في الأسلوب والطريقة النقدية، فكان معظم من نقد الكتاب المقدس، من علماء المسسلمين له رؤيته النقدية التي يتميز بها عن غيره، ولذلك تعددت هذه الرؤى تبعًا لتعدد مشارب العلماء وثقافاتهم المختلفة.
_________
(١) مثل: كتاب، النصوص المقدسة في الأديان الثلاثة: "دراسة في تاريخ الأديان" د/ سيد عبد التواب، الأستاذ بجامعة الأزهر، ومقدمة كتاب: العلامة ديدات، هل الكتاب المقدس كلام الله؟ حيث تناول فيها أ. د/ نجاح الغنيمي، الأستاذ مجامعة الأزهر، فرع البنات- تقييم كتاب إظهار الحق، وكتاب أحمد ديدات السابق ذكره، ورسالة الدكتوراه د/ ياسر أبو شبانه، "جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الأول الهجري حتى نهاية القرن السابع الهجري عرض ونقد".
(٢) مثل: كتاب: إظهار الحق، للعلامة رحمة الله الهندي، والجواب الصحيح، لابن تيمية، وهداية الحيارى، لابن القيم، والجواب الفسيح، للألوسى، والجوهر الفريد لأيوب بك صبري، والإِسلام للدكتور/المطعني، والفارق بين المخلوق والخالق، للبغدادي، وغير هذه الكتب كثير سيأتي ذكرهم في ثنايا البحث.
1 / 14
ومازالت الحركة النقدية في تطور مستمر، حيث اتجه النقاد في العصر الحديث إلى الدراسات الأكاديمية، وأنشأت الجامعات في الدول العربية والإِسلامية، الأقسام الخاصة بدراسة الأديان، واهتمت هذا التخصص الدقيق، كل ذلك من أجل بيان عظمة الإِسلام، وتميزه عن غيره، وعالميته وخلوده، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن كتابه محفوظ من التبديل والتغيير والتحريف، فقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾ (١).
_________
(١) سورة الحجر: الآية (٩).
1 / 15
المطلب الثاني العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد
1 / 16
العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد:
قبل عرض الجهود النقدية لعلماء المسلمين حول الكتاب المقدس سندًا ومتنًا، لا بد من إلقاء الضوء على ما قام به النقاد من علماء المسلمين، في البحث عن السبب الذي جعل النصارى يضمون العهد الجديد إلى جوار العهد القدىم في كتاب واحد، وأطلقوا عليه اسم "الكتاب المقدس" رغم ما يوجد بين اليهود والنصارى من عداوة وتناحر على مر العصور، ولذلك يتساءل كثير من الناس هل هناك علاقة بين العهدين (القديم والجديد) أم أن كلًا منهما مستقل عن الآخر؛ وما مدي اعتراف اليهود والنصارى بالكتاب المقدس جملة وتفصيلًا؟ هذا سيتضح إن شاء الله تعالى في الصفحات التالية: (يعتمد اليهود في إثبات عقائدهم واستخراج شرائعهم وعباداتهم على مصدرين أساسيين:
الأول: العهد القديم أو التوراة (١) الكتابية.
الثاني: التلمود (٢) أو التوراة الشفهية (٣).
أما النصارى فالكتاب المقدس برمته يشكل عقائدهم وتشريعاتهم إلا أن التوراة تعد المصدر الأساسى للتشريع عند النصارى؛ لأن عيسى ﵇ أعلن أنه غير ناسخ للتوراة فقد ورد في الإنجيل "لاتظنوا أني جئت لأنقض (٤) الناموس (٥) أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (٦) (٧).
ولذلك فإن عيسى ﵇ جاء مصدقًا للتوراة في العقيدة والشريعة باستثناء بعض التعديلات والتشريعات فقال تعالى: ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾ (٨) وجاء في التوراة: "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد" (٩) وجاء في الإنجيل: "فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأي أنه أجابهم حسنًا فسأله أية وصية هى أول الكل "فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هى:
_________
(١) هي: كلمة مستعربة أصلها العبري (تورا). بمعني القانون والتعليم والشريعة والهداية والإرشاد، وقد سميت في بعض الأسفار (الناموس) وفي اليونانية سميت (بنتاتيك) أي الكتاب ذو الأسفار الخمسة، (انظر: إظهار الحق: رحمة الله الهندي، ١/ ٩٩، ط / دار التراث العربي، ١٩٧٨، واليهودية: د/ أحمد شلبي، ص ٢٣٠.
(٢) هو: الكتاب الذي يحتوي على التعاليم اليهودية ويفسرها ويبسطها، وهو مأخوذ من كلمة (لامود) بالعبرية وتعني تعاليم (انظر: جذور النبلاء: أ/ عبد الله التل، ص ٧٢ ط، المكتب الإِسلامي بيروت).
(٣) تأثر اليهودية بالأديان الوثنية: د/ فتحى محمَّد الزغبي، ص ٤٧ ط، دار البشير ط ١، ١٩٩٤م.
(٤) المناقضة: تعني المخالفة، (لسان العرب ٦/ ٤٥٢٤) ط، دار المعارف، بدون.
(٥) هو: جبريل ﵇، وأهل الكتاب يسمون جبريل ﵇، الناموس، (لسان العرب ٦/ ٤٥٤٧).
(٦) متي: (٥/ ١٧ - ١٨) إ كمال النامرس.
(٧) انظر: التعصب الصلبى د/ عمر عبد العزيز القرشي، ٢/ ٢٢ ط /دار الاستقامة ط ١ - ١٩٩٦ م.
(٨) سورة آل عمران الآية: (٥٠).
(٩) تثنية (٦/ ٤) - أحب الرب إلهك-.
1 / 17
اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد) (١) وعلى هذا الأساس سار عيسى ﵇ -ومن كان معه وكان ﵇ يزيل تشدد علماء بني إسرائيل ويصحح لهم تفسير ما اختلفوا فيه (٢).
وبهذا يتضح أن العلاقة بين العهدين علاقة تكاملية أي أن العهد الجديد جاء مكملًا لما في العهد القدم ومزيلًا لما فيه من تشدد ومصححًا لما اختلفوا فيه.
وليس معني إقرار المسيح ﵇ للعهد القديم الاتباع الحرفي لكل ما جاء في الإنجيل: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب علي أخيه باطلًا يكون مستوجا الحكم" (٣) ويقول أيضًا "قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هذا" (٤). (هذا وقد اعتبرت الكنيسة (٥) الأولى العهد القديم هو كاتبها المقدس حتى القرن الثاني للميلاد حيث تم جمع العهد الجديد واعتبرت منذ هذا العصر كتبًا مقدسة وقد روعى في قبولها اتفاقها مع العهد القدىم وبهذا أصبح للكنيسة عهدان مقدسان: عهد قديم وعهد جديد (٦).
والذي يؤكد تلك العلاقة الوثيقة بين العهد القديم والعهد الجديد اقتباس كتَّاب الأناجيل من التوراة وبيان ذلك كالتالي:
أ. أن الله تعالى يقول لبني إسرائيل علي لسان النبي هوشع (٧): "إني أريد رحمة لا ذبيحة" (٨) يعني أنه لا يريد ذبائح وقرابين والقلوب قاسية على خلق الله.
ب. " بينما كان عيسى ﵇ في بيت متي -وهو واحد من الحواريين - جلس معه على المائدة كثيرون من الخطاة والمذنبين فلما رأي ذلك علماء بني إسرائيل استنكروا؛ لأنم كانوا يترفعون عن مخالطة هؤلاء وقالوا للحواريين: لماذا يأكل معلمكم مع العشارين (٩) والخطاة؟ فلما سمع يسوع قال لهم:
_________
(١) مرقس: (٢٨/ ١٢ - ٢٩) الوصية العظمى.
(٢) التعصب الصليى د/ عمر عبد العزيز، ٢/ ٢٢ مرجع سابق بتصرف.
(٣) متي: (٥/ ٢١) الغضب.
(٤) متي: (١٩/ ٨) الزواج والطلاق، وانظر: النصوص المقدسة في الأديان الثلاثة د/سيد عبد التواب ص ٧٢.
(٥) المراد بالكنيسة: العقيدة والمذهب والدين. يجمعهم في الاعتقاد: دستور ايمانهم المخلص من الإنجيل (مقدمة الفارق بين المخلوق والخالق- للبغدادي- ص ١٦، ١٧ ط مكتبة الثقافة الدينية تعليق د/السقا ١٤٠٧ هـ -١٩٨٧ م.
(٦) النصوص المقدسة في الأديان الثلاثة ص ٧٢، ٧٣ مرجع سابق.
(٧) هو: نبي من الأنبياء، دامت فترد نبوته أربعين سنة في القرن الثاني قبل الميلاد (قاموس الكتاب المقدس د/ بطرس عبد الملك وآخرون، ص ١٠٠٥) ط دار مكتبة العائلة- القاهرة.
(٨) هرشع: (٦/ ٦) شعب إسرائيل غير التائب.
(٩) هم: من يتعهدون بجمع الضرائب، (قاموس الكتاب المقدس ص ٦٢٩).
1 / 18
"لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضى فاذهبوا وتعلموا ما هو: إنما أريد رحمة لا ذبيحة لأني لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة التي التوبة (١) " (٢).
وهنا يظهر مدي التماثل بين النصين وإلى أي حد وصل الاقتباس من التوراة ومن ينظر في الآية "إنما أريد الرحمة لا الذبيحة" وهي من سفر هوشع يجد عيسى ﵇ قد نطقها كما هى واستدل بها على المعني الخلقى الذي يريد تقريره وإذاعته في الناس فالنص الثاني مقتبس من التوراة أي منقول منها للاستشهاد به في الإنجيل (٣).
وبناء على ذلك (يقرر علماء النصارى أن الترابط الوثيق بين العهدين جعل منهما في الحقيقة كتابًا واحدًا لا ينفصل متدرجًا في الإعلان ومتنوعًا في طرق الوحى، ويصرح البعض الآخر بما يفيد أفضلية وأكملية العهد الجديد فيقرر أن في العهد القدم يستتر العهد الجديد وفي العهد الجديد ينكشف القديم وأن العهد القديم إنما كان بمثابة طريق التي غاية لم يُكشف عنها إلا في العهد الجديد) (٤).
وخلاصة ما سبق:
١ - توجد علاقة واضحة وارتباط وثيق بين العهد القديم والعهد الجديد يجعل منهما كتابًا واحدًا
٢ - يعتبر العهد الجديد مكملًا للعهد القديم وكاشفًا ما فيه من غموض وإبهام.
٣ - رغم ما بين العهدين من علاقة أكيدة إلا أن كلًا منهما يناقض الآخر في مواضع كثيرة.
٤ - اعتمد كتَّاب الأناجيل على العهد القديم حتى قيل إن العهد الجديد مقتبس من العهد القديم.
_________
(١) (١) متى: (٩/ ٩ - ١٣) دعوة متى، ويسوع لقب المسيح فقيل يسوع المسيح (قاموس الكتاب المقدس ص ١٠٦٦).
(٢) اقتباسات كتَّاب الأناجيل من التوراة "بيان ونقد" د/ أحمد حجازي السقا ص ٢١ ط ١١ مكتبة الإيمان بالمنصورة ١٤٢١ هـ ٢٠٠٠م.
(٣) المرجع السابق: ص ٢١، ٢٢ بتصرف يسير.
(٤) النصوص المقدسة: د/ سيد عبد التواب ص ٧٢ - ٧٤ مرجع سابق.
1 / 19
المطلب الثالث دوافع الدراسة النقدية للكتاب المقدس
1 / 20