وإن قيل معناه: إنه يجب على الأمة كافة إجابته وطاعته ومتابعته، فهذا واجب آخر غير ما كنا بصدده، فالأمر كما ترى في تحقيق معنى الوجوب، والتحقيق المرجوع إليه أن الوجوب في هذه المسألة مختلف في حق الأمة، والصالح لها يجب عليه القيام والانتصاب بعد حصول من يعقدها له، إذا قلنا طريقها العقد، ومع ظن الإجابة إن قلنا طريقها الدعوة، فهذا واجب على الصالح للإمامة، والواجب على المعتبر من خير الأمة، وأهل الحل والعقد منهم أن ينصبوه ويختاروه، وهو واجب كفاية حيث كان الصالحون لذلك أكثر مما يحتاج إليه فيه.
والواجب على سائر الأمة أن يسلكوا طريقهم ويتبعوا آثارهم ويتابعوهم في ذلك، هذا حيث جعلنا طريقها العقد والاختيار، وإن جعلنا طريقها الدعوة فالواجب على الأمة إجابة الداعي الكامل وطاعته ومتابعته لا غير، والله عز وجل أعلم، ا ه.
وقد قيل (المهدي): في مذهب الإمامية يرجعه أن الواجب في هذا هو على الله سبحانه، وهو أن يجعل لنا إماما ينص عليه، ويعلمنا بوجوب طاعته، كما أنه يجب أن يكلفنا بالشرعيات التي هي لطف.
فإذا عرفت ذلك: فأحسن ما يحمل عليه القول بوجوب الإمامة، أنه يجب على المسلمين عموما الاهتمام بأمرها، والنظر في تحصيلها على سبيل الجملة.
وأما التفصيل فعلى(1) حسبما ذكرناه آنفا، والقصد أن يجري الناس على اسلوب ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاهتمام الكلي، والفزع إلى نصب الإمام وإيثاره على تجهيزه صلى الله عليه وآله وسلم مع كونه من أهم الأمور، ومباشرة ذلك ينهى من الأعيان والكبراء، وأهل الحل والعقد، وسائر الناس فرضهم العمل بما أبرموه واعتمدوه، فهذا هو المعنى والمراد ولا مشاحة(2) في العبارة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
পৃষ্ঠা ৭৩