وأما حيلة بيع الرجا فإنما هي توصل إلى الربا المحض المتفق عليه، فإن المقرض ما قصد الشر، والمستقرض ما أراد البيع، وإنما أراد مجرد القرض، فلما عرفا أن قرض درهمين بثلاثة لا يروج لهما، ولا يقبل منهما، وأنه يكون سببا في التشنيع عليهما، وإيصال الأذى إليهما، جاءا بهذه الحيلة الباردة، والوصلة التي ليست لها قاعدة، ليكون علة المبيع زيادة للمقرض على ما أقرض، لئلا يخلو قرضه عن فائدة، فبئست الحيلة التي بالإثم والخسران عائدة، ومن هذا القبيل الذي هو كثير في كل جهة، غير قليلة مسئلة التمليك في تهامة، وعرفهم في هذه الطامة، فلكل فيها عرف، والمرجع إلى معنى واحد، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليجتنب الدخول في هذه المسألة، مقرضا أو مستقرضا، وكاتبا وشاهدا، ، فهي من أبواب النسيء المذكورة في تلك الأحاديث المأثورة، ولو قدر أن في المسألة إشكالا، أو أن للشك فيها مجالا، فلكل ملك حمى، وحمى الله محارمه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فاعتبروا يا أولي الأبصار، واذكروا فقد أن لكم الإدكار، واتركوا يا حملة العلم الترخيص للعامة في مواضع الإنكار، وصونوا موارد الشرع الصافية من شوب الأكدار، ولا تحتجوا بأن هذه عادة جارية، ووظيفة ماضية، فكم من بدعة قد صارت معتادة، ومنكرة قد سنها الأتباع والعادة.
جعلنا الله وإياكم ممن سعد وعمل به ففاز، ونال ما رجا مما أعداه الله للراسخين في العلم وحاز، وعصمنا مما يصمنا عند الواحد القهار، وأنجانا عن مسلك من علم علما فكتمه فألجم بلجام من نار، وحسبنا الله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
قال في الأم: رقم بفلله بتاريخ شهر رجب، سنة ثلاث وتسعين.
পৃষ্ঠা ৪৪৬