444

দুরর মানসুর

الدر المنثور في طبقات ربات الخدور

প্রকাশক

المطبعة الكبرى الأميرية

সংস্করণ

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٣١٢ هـ

প্রকাশনার স্থান

مصر

سنة ٥٢ قبل الميلاد وكان في سن الثالثة عشرة وهي في سن السابعة عشرة فراودتها نفسها على الاستئثار بالعرش دونه، فقاومها رجال البلاط وأوصياء زوجها القاصر حتى إذا أعيتها الحيلة عمدت على الاستنصار بأغسطوس قيصر الرومان، فألف ذات بينهما، ولكنها بعد قليل تزوجت بأخيها الثاني ولم يكن قد أتى عليه إحدى عشرة سنة، فنودي به بأمر قيصر ملكًا على مصر.
ثم مات هذا مسمومًا بعد زواجه بأربعة أعوام، ولما خلا العرش من ملك بعث أنطنيوس أحد مشتركي دولة الرومان الأربعة، فاستدعى كليوباترة إلى طرسوس حيثما كان ذاهبًا إلى محاربة بروتوس الروماني فلبت الدعوة وسارت على أجنحة الرياح حتى بلغت نهر طرسوس، وهنالك اتخذت لها سفينة فاخرة الأثاث أرجوانية السجف والقلاع مزدانة ببديع الأواني ونفائس الجوهر، وأفرغت على قدها الفتان حلة كسروية مدبجة بالدر، وكللت جبينها الوضاح بتاج وهاج، وألبست وصائفها الحور ثيابًا خضرًا من سندس واستبرق، وتصدرت بينهن كأنها الشمس وكأنهن البدور وهن يضربن بالعيدان والقياثير، ويطلقن البخور والند حتى عبق الشاطئ برياحها، وماج النهر طربًا بنغمات أعوادهن ولألأ محياهن.
فلما لقيها أنطونيوس استطار فؤاده شغفًا وذهب رشده هيامًا وكلفًا فما عتم أن عاد معها إلى الإسكندرية، وهنالك زفت عليه حليلة فلم يستطع بعد على فراقها صبرًا، فغادر واجباته ومهامه إلى التقادير، وأصبح لا يستفيق من خمرة جبها سكرًا.
ولما طار الخبر إلى زوجته الأولى "أوكتافيا" نزغها من شيطان الغيرة نازغ، فأغرت أخاها "أوكتافيوس" أحد الشركاء الأربعة على مخاصمته والانتقام منه. فحشد جيشًا خميسًا وقصد به الديار المصرية، فتغلب عليها بعد نزال بشيب لهوله الوليد. ولما حمى الوطيس وأحس "أنطونيوس" بسوء المنقلب سقط في يده ولات حين ندامة، فتناول مدية وطعن بها ثديه فكانت القاضية.
وأما كليوباترة فلما لم تنطل أساليبها على "أوكتافيوس" ولم تقو على اختلابه بما أوتيت من الجمال الباهر واللطف الساحر بفوات عرشها بعد أن أحاطت به جواريها وأترابها، وكانت قد زينت رأسها بالتاج، وأفرغت على جسدها البلوري حلة من نفيس الديباج، ثم زحزحت غلالتها عن نهديها العاجيين وأطلقت حية خبيثة على صفحة صدرها المزري باللجين، فلدغتها لدغة مشوق ملهوف أوردها حياض الحتوف، وكان ذلك سنة ٣٠ قبل المسيح وبموتها قرض الله دولة البطالسة بعد أن حكمت مصر ٢٩٤ عامًا فسبحانه إذا قضى أمرًا فإنه يقول له: كن فيكون.
كانت مدة ملك كليوباترة ٢٢ سنة، وكانت حكيمة متفلسفة مقربة للعلماء معظمة للحكماء، ولها كتب مصنفة في الطب والزينة وغير ذلك من الحكمة مترجمة باسمها منسوبة إليها معروفة عند صنعة الطب. وقال العلامة المسعودي في كتابه المسمى "مروج الذهب ومعادن الجوهر" أن سبب وفاة كليوباترة كانت عند ما جمعت في مجلسها أصناف الرياحين استحضرت حية من الحيات التي تكون بين الحجاز ومصر والشام وهي نوع من الحيات التي تراعي الإنسان حتى إذا تمكنت من النظر إلى عضو من أعضائه قفزت أذرعًا كثيرة كالرمح فلم تخطئ ذلك العضو بعينه حتى تتفل عليه سمًا فتأتي على الإنسان ولا يعلم بها لخموده من فوره ويتوهم الناس أنه قد مات حتف أنفه فجاءت بحية وضعتها في إناء بلوري.
ثم لما علمت أن "أغسطس أوكتافيوس" أراد الدخول في قصر ملكها أمرت بعض جواريها ومن أحبت فناءها قبلها، وأن لا يلحقها العذاب بعدها فسمتها بإناء، فخمدت من فورها ثم جلست كليوباترة على سرير ملكها ووضعت تاجها على رأسها وعليها ثيابها وزينة ملكها، وجعلت أنواع الرياحين والزهور والفاكهة والطيب وما يجمع بمصر

1 / 459