Duroos Sheikh Omar Al-Ashqar
دروس الشيخ عمر الأشقر
জনগুলি
أهمية الاستقامة على منهج الله ودينه
قضيتنا: كيف ننتسب إلى هذا الإله المتفرد الواحد الأحد؟ وكيف نقيم حياتنا وفق منهجه؟ وكيف نحمل رسالته إلى العالمين؟ وكيف ندعو البشرية لأن يحكموا الحياة الإنسانية بمنهج الله ﵎؟ إن القضية التي جاءت بها الرسل من عند الله هي: أن يكون الناس عبيدًا لهذا الإله الواحد الأحد، وأن يقيموا وجوههم لله ﵎، وأن يحكموا حياتهم وحياة مجتمعاتهم بحكم الله، وبمنهج الله، قال ﵎: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ [آل عمران:٣ - ٤].
منهج الله تتضمنه الكتب السماوية التي أنزلها الله ﵎ هداية للبشرية، يلتزم بها الفرد في نفسه فيمثل الهداية على وجه الأرض، ويلتزم بها المجتمع فيحكم نفسه بالكتاب المنزل، فيكون المجتمع السوي الذي يريده الله ﵎ للبشرية، كما يقول الله أيضًا في أوائل هذه السورة: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [آل عمران:١٩]، فالدين والمنهج الحق الذي ينبغي أن يحكمك ويحكم المجتمع هو الإسلام، والإسلام علم على هذا المنهج الذي وضعه الله ﵎ ليصلح عقيدتك، وفكرك، وسلوكك، وأسرتك، والمجتمع الإنساني.
وهذا المنهج اسمه الإسلام؛ لأنك تستسلم فيه لله، وتنفذ منهج الله، ويستسلم فيه المجتمع لله، قال الله ﵎: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ»، لا الشيوعية ولا القومية، ولا البوذية، ولا عبادة الأصنام، ولا عبادة الفئران، ولا أي نظرية في الأرض.
﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [آل عمران:١٩]، هذه الانحرافات التي عند اليهودية، وعند النصرانية، وعند البشرية، حدثت والرسالات تتلى وتتوالى على البشر، فيختارون منهجًا غير منهج الله ﵎، وأنت تحمل القضية وهي: أنك تنتسب إلى الله ﵎، وبمجرد انتسابك إلى الله ﷿، بأن قبلت رسالة الله ﷿، وحملت الأمانة، وأصبحت ذا مهمة محددة تحققها في واقع الحياة؛ فإنك لا بد أن تواجه الذين يرفضون منهج الله ﵎، ودين الله، وكتب الله ﷿.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [آل عمران:٤]، هناك فريق لا يستجيب، لا يؤمن بما أنزل الله ﵎؛ فهؤلاء يصبحون أعداء لخالق الوجود الإله المعبود، وهم أعداء أيضًا للمؤمنين، والله ﵎ يعادي هؤلاء، ويتهددهم ويتوعدهم بالعذاب الدنيوي والعذاب الأخروي في الوقت الذي يؤمنك فيه، ويسكب في قلبك عظمته، وأنك تنتسب إلى قوة عليا تستطيع أن تواجه بها العالم، وعندما تأكد هذا المعنى في نفوس الصحابة، والقرآن يدفق عليهم بقوة أصبحوا قوة هائلة، بضع مئات كانوا يغلبون ألوفًا، وتهتز الدنيا من حولهم، ثم يرتد العرب الذين آمنوا ودخلوا في دين الله أفواجًا، يرتدون ولا يثبت منهم إلا فئة قليلة، ولكن هذه الفئة التي فقهت دورها وارتباطها بربها، وعلمت مدى قدرة الله وقوته، استطاعت أن تعيد المياه إلى مجاريها، وأن تحول التيار الذي أراد أن يجتاح الإسلام إلى قوة تزيل الكفر، وتدمر عروش الظالمين، فقهوا قوله ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [آل عمران:١٠ - ١١] أي: قل للذين كفروا الذين لا يؤمنون بي، ولا يوحدونني، ولا يؤمنون برسالتي، ولا يحكمون شرعي وديني، ولا ينهجون منهجي: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران:١٢].
والمثال قريب: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران:١٣]، في يوم الفرقان يوم التقى الجمعان -الكفر والإيمان- في معركة بدر، والمؤمنون قلة، والكفار كثرة، أنزل الله نصره على الذين آمنوا، وأمدهم بألوف من الملائكة تنزل فوجًا بعد فوج، فيثبت بهم قلوب الذين آمنوا، ونصرهم على أعدائهم.
«إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ» هؤلاء أعداء لله، وهؤلاء قد يصولون ويجولون، وقد يقتلون المؤمنين، بل وقد يقتلون الأنبياء، وتلك معركة ينال الكفار منا فيسقط من يسقط شهيدًا، وننال منهم فننال العزة والنصر، ولكن أين مصيرهم؟ غضب الله ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران:٢١]، ليس المؤمنون فقط هم الذين يقتلون، بل الأنبياء أيضًا قد يقتلون، ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ﴾ [آل عمران:٢١] أي: يأمرون بالعدل، وتنفيذ حكم الله وشرع الله.
فلا تظنوا الذين يسقطون الآن لأنهم يطالبون بحكم الله أنهم ظالمون، كلا، رب العزة يقول في هؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال التي تسميها الدول خيانة عظمى، وهي كذلك في ميزان الله، ولكنهم يخونون الله ﵎: ﴿الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران:٢٢].
ثم قال بعد ذلك: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران:٢٣]، أي: بقية اليهود والنصارى الذين عندهم بقية من كتاب ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ [آل عمران:٢٣]، وإلى منهج الله ودين الله فيقفون في صف الأعداء، وكان الأحرى بهم أن يقفوا في صف خاتم الرسل الذي جاء امتدادًا لموسى وعيسى ﵉.
﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [آل عمران:٢٣]، حجتهم إنما هي ترهات، وأباطيل، وكذب ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران:٢٦ - ٢٥]، بمقدار ما يعظم ربنا في صدورنا، وبمقدار ما نؤمن بقدرته وعظمته وقيوميته وحياته، وبمقدار ما نتوكل عليه، ونعتمد عليه، ونعلم أنه يفعل ما يشاء، ويقدر على ما يشاء، بمقدار ما نستطيع من تحقيق هذه الأمانة، وتفجيرها في واقع الحياة، وجعلها هي السائدة في الوجود.
1 / 3