قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: افترض الله الصوم على أمة محمد في أول مرة كما افترضه على من كان قبلهم، فكانوا يصومون النهار ويأكلون وقت الإفطار إلى أن يناموا، ثم لم يحل لهم أكل ولا شراب ولا جماع حتى يكون من الغد عند دخول الليل، وكان من أمر الأنصاري، ما كان وهو رجل يقال له أبو قيس، واسمه صرمة بن أنس، فعمل في بعض حوائط المدينة، فأصاب مدا من تمر، فأتى به امرأته وهو صائم فأبدلته بمد دقيق فعصدته له، فنام لما به من الوهن والتعب قبل أن تفرغ امرأته من طعامه، ثم جاءت به حين فرغت فأيقظته ليأكل، فكره أن يعصي الله ورسوله، فطوى تلك الليلة مع ما تقدم من يومه، ثم أصبح صائما من غده، فمر برسول الله فرآه مجهودا، فقال له: لقد أصبحت يا أبا قيس مجهودا طليحا فأخبره بما كان من خبره، فسكت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وكان عمر بن الخطاب في رجال من أصحابه قد أصابوا نساءهم في شهر رمضان فخافوا أن يذكر أبو قيس في شيء من القرآن فيذكروا معه، فقام عمر بن الخطاب في أولئك الناس، فقالوا: استغفر لنا يا رسول الله، فإنا قد واقعنا النساء، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما كنت جديرا بذلك يا عمر)) فأنزل الله تعالى في أبي قيس وعمر وأصحابه {أحل لكم ليلة الصيام الرفث}[البقرة:187].. الآية، فنسخ الله الصيام الأول، فالحمد لله رب العالمين.
وقال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: حدثني أبي عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه قال: ((لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان. أراد بذلك أن صيام يوم الشك أولى من إفطاره)).
وبإسناده أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا صام ولا أفطر من صام الدهر)).
وبإسناده أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ليس من البر الصيام في السفر)).
* قال يحيى بن الحسين: أراد بذلك التطوع لا الفريضة.
وبإسناده أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج في شهر رمضان ورأسه يقطر، فصلى بالناس الصبح وكانت ليلة أم سلمة فأتيت فسألت فقالت: نعم، إن كان لجماعا من غير احتلام، فأتم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك اليوم ولم يقضه.
পৃষ্ঠা ৭৪