ويظهر أن كلا من الأصمعي وأبي عبيدة كان في عصره يمثل فكره؛ فالأصمعي يمثل العربية، والتعصب لها، وحب العرب وإجلالهم والإشادة بذكرهم، وأبو عبيدة يمثل فكرة الشعوبية، والبحث عن معايب العرب والتشهير بهم. وكان كل زعيما، يلتف حوله من يؤيدون فكرته، ويناصرونه ويتعصبون له؛ العرب حول الأصمعي، والفرس حول أبي عبيدة، فنرى إسحاق بن إبراهيم الموصلي (وهو فارسي) يقول للفضل بن الربيع:
عليك أبا عبيدة فاصطنعه
فإن العلم عند أبي عبيدة
وقدمه، وآثره عليه،
ودع عنك القريد بن القريدة!
45
ويقول أبو الفرج الأصفهاني: إن إسحاق الموصلي «كشف للرشيد معايب الأصمعي، وأخبره بقلة شكره وبخله وضعة نفسه، وأن الصنيعة لا تزكو عنده، ووصف له أبا عبيدة بالثقة والصدق والسماحة والعلم، وفعل مثل ذلك للفضل بن الربيع، واستعان به، ولم يزل حتى وضع مرتبة الأصمعي وأسقطه عندهم، وأنفذوا إلى أبي عبيدة من أقدمه.»
46
ونجد أبا نواس - ونزعته الفارسية لا تنكر - يقدم أبا عبيدة على الأصمعي، ويقول: «أما أبو عبيدة فإنهم إن أمكنوه قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين، وأما الأصمعي فبلبل يطربهم بنغماته.» ونجد الأصمعي من ناحية أخرى يذم البرامكة، ويقول:
إذا ذكر الشرك في مجلس
অজানা পৃষ্ঠা