قتل بالسيف، وأن الدم كان في دجلة قريبًا من رمية سهم، فلم يزالوا يقتلون من وجدوا حتى أصبحوا، فذكروا أن زفر دخل معهم دجلة، وكانت فيه بحة، وجعل ينادي ولا يسمع صوته أصحابه، وفقدوه، فخشوا أن يكون قد قتل، فتذامروا، وقالوا: لئن قتل شيخنا فما صنعنا شيئًا، فاتبعوا، فإذا هو في الماء يصيح بالناس وتغلب قد رمت بأنفسها تعبر في الماء، فخرج من الماء، وأقام في موضعه، فهذه الوقعة تسمى الحرجيَّة لأنهم أحرجوا، فألقوا أنفسهم في الماء، ثم وجه يزيد بن حمران، وتميم بن الحباب ومسلم بن ربيعة والهذيل بن زفر، كل واحد منهم في أصحابه، وأمرهم ألا يلقوا أحدًا إلا قتلوه.
فانصرفوا من ليلتهم، وكل قد أصاب حاجته من القتل والماء. ثم مضى يستقبل الشمال بجماعة أصحابه حتى أتى رأس الأيِّل، ولم يخلف بالكحيل أحدًا. والكحيل على عشرة فراسخ من مدينة الموصل فيما بينها وبين الجنوب - فصعد قبل رأس الأيل، فوجد عسكرًا من النمر وتغلب فقاتلوهم بقية ليلتهم، فهربت تغلب وصبرت النمر، وهذه الليلة تسميها تغلب "ليلة الهرير"، فقال زياد بن سليمان النمري يفخر على بني تغلب بصبر النمر:
1 / 55