حواسه وتتيح له أن يرسم منها الصور، فقد ألقت الحياة بين يديه ما لم تلق بين أيدي غيره، فحصانه يدور كخدروف الوليدـ وترائب صاحبته مصقولة كالسجنجل.
والطابع الحسي والواقعية من أهم خصائص التشبيه عنده لكنه كان في بعض التشبيهات يعرض للأشياء لمحًا، ويترك في تشبيهه جانبًا خفيًا غامضًا وله في ذلك ابتكارات كثيرة ملكت على الأقدمين ألبابهم يقول:
أيَقْتُلُني وَالمَشْرَفيُّ مُضَاجِعِي ... ومَسْنُونَةً زُرْقٌ كأنيابِ أَغْوَالِ
٢ - عنايته بموسيقى الألفاظ ولعّله من أجل ذلك كان يكثر من التصريع، على نحو ما صنع في المعلّقة، وتتجلّى عناية الشاعر بالموسيقى في إخضاع الصوت للمعنى، كاختيار الأصوات الصاخّة للمعاني البدوية، واختيار الأصوات المهموسة والألفاظ المأنوسة للمعاني الحضرية، والمواقف الوجدانية كقوله:
مِكَرّ، ٍ مفرٍّ، مُقْبِلٍ، مُدْبِرٍ معًا ... ... كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ ...
فقد جعل لكل وضع من أوضاع الفرس لفظةً قائمة برأسها مفصولة عن جارتها.
ومع كل ذلك مجد في إيقاعه بعض الخلل سببه كثر الزحافات والعلل العَروضية كقوله:
أعِنّي على برقٍ أراهُ وميضِ ... يضيءُ حَبيًّا في شَمَاريخَ بيضِ
بلادٌ عريضةٌ، وأرض أَرِيضةٌ ... مَدَافِعُ عَيْثٍ في فضاءٍ عريضِ
فقد وازن، وصرّع، ورصّع؛ لكنه أساء إلى الموسيقى الخارجية أي إلى الوزن، فقلق الإيقاع لا يرتاح له السمع.
٣ - سموّ الشاعر من أفق العاطفة الذاتية إلى أفق العاطفة الإنسانية.
1 / 12