مَسْأَلَةٌ (٢): وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ مَطْبُوخًا كَانَ أَوْ نِيًّا (١).
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ بِالْمَطْبُوخِ مِنْهُ (٢).
وَبِنَاءُ الْمَسْأَلَةِ لَنَا عَلَى الْكِتَابِ وَالنَّظَرِ، وَلَهُمْ عَلَى الْخَبَرِ كَمَا زَعَمُوا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (٣)، فَنَقَلَ مِنَ الْمَاءِ إِلَى التُّرَابِ وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً.
وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ﵁: "الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ عَشْرَ حِجَجٍ، وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّ بَشَرَهُ الْمَاءَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ (٤) ".
فَجَعَلَ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ ثُمَّ بِالصَّعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِمَا.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ طَرِيقِ الْخَبَرِ فِي مَنْعِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ النَّبِيذِ فِي الْوُضُوءِ بِمَا:
[١٦] أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ﵀ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أنا
(١) انظر: الحاوي الكبير للماوردي (١/ ٤٧)، والمهذب (١/ ٤١)، والمجموع (١/ ١٣٨ - ١٤٠).
(٢) قال أبو حنيفة: يجوز الوضوء بنبيذ التمر المطبوخ إذا كان في سفر وعدم الماء. وروي أنه رجع عن جواز الوضوء به، وقال: يتيمم، وهو الذي استقر عليه مذهبه. انظر: الأصل للشيباني (١/ ٨٦ - ٨٧)، والمبسوط للسرخسي (١/ ٨٨ - ٨٩)، وتحفة الفقهاء (١/ ٦٨ - ٦٩)، وبدائع الصنائع (١/ ١٥ - ١٧).
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٩/ ٤٩٨٧).