ইসলামি চিন্তায় আধুনিক দার্শনিক স্টাডিস (প্রথম পর্ব)
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
জনগুলি
الفيلسوف هو صاحب الموقف الحضاري الذي يأخذ موقفا من التراث القديم ويأخذ موقفا نقديا من الموروث حتى يزحزح الغطاء النظري القديم من أجل تنظير آخر، آخذا العقل والطبيعة كمحورين في العلم الجديد. الفيلسوف كل من يأخذ موقفا من التراث الغربي رادا إياه إلى داخل حدوده الطبيعية، محجما إياه بعد أن ظهر على امتداد مائتي عام خطورة وضع نقل جديد فوق نقل قديم، إذ ازداد العقل المعاصر ثقلا فوق ثقل، وأصبح لا فرق هناك بين من يقول: قال ابن تيمية وبين من يقول: قال كارل ماركس، أو بين من يقول: قال الله والرسول وبين من يقول: قال ديكارت وكانط. الفيلسوف كل من يحاول التنظير المباشر للواقع محاولا التعرف على مكوناته، مبدعا، دارسا الأشياء، محللا للظواهر قدر الإمكان، قاصدا إلى الأشياء ذاتها، متخليا عن المنقول إلى المعقول، وواصلا إلى المعقول من المشاهدة والحس والتجربة. إنه كل من يحاول سبر غور الواقع محصيا إياه، عدا عدا، فلا فكر إلا من واقع، ولا ثقافة إلا من شعب. الفيلسوف إذن هو صاحب الموقف الحضاري في أحد أبعاده الثلاثة أو فيها كلها، فهي مترابطة فيما بينها. والموقف من التراث القديم محاولة للمساهمة في حل أزمة العصر كما يفرضها الواقع مع التقليل من مخاطر الغزو الثقافي الغربي. والموقف من التراث الغربي هو في الوقت نفسه تحرير للذهن من النقل وإفساح المجال للإبداع الذاتي التزاما بقضايا الواقع، واكتشافا للتواصل التاريخي بين الماضي والحاضر، وعودة للتراث القديم بعد أن تمت إزاحته جانبا في منافسة غير متكافئة الأطراف. والموقف من الواقع هو في حقيقة الأمر موقف من التراثين: القديم والجديد، واللذين ما زالا يفعلان فيه، ويفرضان معلوماتهما عليه.
بدون هذا الموقف الحضاري ستظل الفلسفة في جامعاتنا ومعاهدنا نباتا بلا غرس، هواء بلا طير، كتابة بلا مداد، وسنظل نعاني ما نعاني منه اليوم من ضياع وتشتيت وبكاء على غياب الفلاسفة وتحسر على الطلاب. الفلسفة مشروع قومي حضاري وليست مجرد مادة علمية مقررة، لها كتاب محفوظ، وأستاذ ملقن، وطالب يستذكر، وشهادة تعطى، ووظيفة تؤخذ لحل قضية المعاش وكسب القوت. وهي ليست مصطلحات مهنية ومذاهب مستغلقة يشعر الأستاذ أمامها بالزهو والطالب بالرهبة والقراء بالعظمة. الفلسفة تنبع من موقف حضاري محدد، وتساهم في صنع وتحديد معالم مرحلة تاريخية يمر بها مجتمع ما، هي القدرة على التعرف على اللحظة الحالية، وقراءة روح العصر، والإحساس بالموقف الحضاري، وإلا كانت لا زمان لها ولا مكان، أسطورة وغيب، ولظلت الماركسية كتحليل للتاريخ ولحركات الشعوب نقطة جذب لوعي الأمة، وبالتالي الوقوع في مزيد من التغريب.
هذا ليس بحثا في السياسة بل هو بحث في الفلسفة، لا يعطي توجيهات عملية بل يعطي تأصيلات نظرية من خلال الموقف الحضاري لجيلنا، لا يهدف إلى معارضة نظم قائمة أو إحداث تغيير أو انقلاب، إنما يبحث في أزمة الفلسفة في عالمنا العربي اليوم: لماذا هي في واد وواقعنا في واد؟ ولماذا ظلت أحوالنا الثقافية، بالرغم من عشرات أقسام الفلسفة في جامعاتنا، على ما هي عليه؟ لماذا لم تؤثر كتاباتنا الفكرية بعد في حياتنا القومية؟ قد يكون هذا البحث أشبه بالصراخ أو الخطابة، ولكن الفلسفة ليست مفاهيم أو ألفاظا يعاب عليها التجريد وأنها فلسفة، أي لا طائل تحتها ولا نفع منها. قد لا يحتوي هذا البحث إلا على عموميات يعرفها الجميع، وكررناها منذ عدة أجيال. وقد يكون فيه نوع من اتهام الذات، وتعذيب النفس، ولكنه يبقى على أية حال صراخ يوحنا المعمدان على تلال عمان.
التراث والنهضة الحضارية1
إذا كان الغرب قد أعطى نموذج النهضة على أنقاض التراث فإن المجتمعات غير الأوروبية تعطي النموذج الآخر للنهضة على أكتاف التراث. وتكون البشرية أمام نموذجين: الانقطاع أو التواصل. وإذا كان الغرب قد حقق إبداعه الفكري الذاتي ابتداء من هدم التراث فإن الشعوب غير الأوروبية تحقق إبداعها الفكري الذاتي ابتداء من تجديد التراث.
وقد يرجع التباين بين النموذجين إلى رصيد الشعوب التاريخي؛ إذ بدأت النهضة الأوروبية بقبائل الجرمان والقوط ولم يكن لها عمق تاريخي. وبدأت بهدم التراث اليوناني الروماني أو التراث اليهودي المسيحي وهي تشعر أنها لا تجد هويتها فيه، فعادت إلى بيئتها الأوروبية الطبيعية للتحرر من سيادة القدماء. لم يجد الفرنسيون والجرمان والبريطانيون أنفسهم في حضارة اليونان والرومان التي ابتلعت المسيحية والتي كانت اليهودية قد ابتلعتها من قبل، فخرجوا عنها إلى طبائعهم الخاصة. أما الشعوب غير الأوروبية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية فإنها شعوب تاريخية، لها رصيد في العمل التاريخي بالرغم من مؤامرة الصمت التي لحقت به في الدارسات الاجتماعية والتاريخية في الغرب. فهي صاحبة تراث تجد فيه هويتها، وتتحدد به وتتمثله، يحدد تصوراتها للعالم، ويعطيها موجهات للسلوك. إذا ما أراد الغرب السيطرة عليها إبان المد الاستعماري الحديث بدأ بالسيطرة عليه. وإذا أرادت هي نفسها أن تتحرر من سيطرة الاستعمار بدأت بتحرير تراثها أولا؛ حتى تحقق شروط التحرر، بتخليص روحها قبل أرضها.
كان من الطبيعي إذن أن يظهر هذان النموذجان للتراث والنهضة الحضارية: النموذج الغربي في الانقطاع، والنموذج اللاغربي في التواصل؛ نظرا للتباين بين الشعوب اللاتاريخية والشعوب التاريخية، بالرغم من ادعاء الغرب بأنه وحده الذي اكتشف الزمان والتاريخ في فلسفة التاريخ، ويضع غيره من الشعوب في مرحلة ما قبل التاريخ!
أولا: التراث الذاتي
التراث الذاتي هو ما يصل إلى شعب ما مما خلفه القدماء، وتتوارثه الأجيال، ويحدث لتيارات عامة واتجاهات ومدارس فكرية، ويؤثر في سلوك الناس. وهي مسئولية تاريخية تتحملها الأجيال فتواصل تاريخها، أو تتركها فتنقطع جذورها فتذوب في ثقافات مغايرة، والفعل اللاتيني
Tradere
অজানা পৃষ্ঠা