ইসলামি চিন্তায় আধুনিক দার্শনিক স্টাডিস (প্রথম পর্ব)
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
জনগুলি
1
ولا يكاد أحد يذكر البيئة الأوروبية نفسها ، كأنما الحضارة الأوروبية حضارة بلا بيئة، نشأت بلا عوامل ودوافع، بلا ظروف وملابسات، سواء فيما يتعلق بطبيعة المعطى الديني الذي كان لديها، مثل عقيدة الاختيار التي كانت موجودة وراء العنصرية والاستعمار، أو الروحانية الغالية والقائلة إن ملكوت السموات ليس في هذا العالم، وإن للداخل الأولوية المطلقة على الخارج، مما سبب رد فعل جذريا تبدى في المادية الفظة، واعتبار ملكوت السموات في هذه الأرض مقررا أولوية الخارج على الداخل. ولا يكاد أحد يذكر أيضا طبيعة السلطة الدينية التي نشأت في الغرب واعتبار أن للوحي مصدرين؛ الكتاب والتراث، الوحي والكنيسة؛ مما تسبب في نشأة السلطة الدينية واحتكارها للتفسير وللعلم، وسيطرتها على السلطة السياسية. وقد أحدث هذا رد فعل مضادا لصالح العلم والعقل والسلطة المدنية، فنشأ الوعي الأوروبي معاديا للسلطة الدينية، داعيا للعلمانية، معاديا للدين باسم العلم والعقل والمدنية. هذه هي الظروف التي نسج الغرب حولها مؤامرة الصمت ليجعل الحضارة الأوروبية نموذجا للحضارة العالمية التي يتعين على كل حضارة أخرى الاقتداء بها. عصرها كل العصور، ومذاهبها كل المذاهب، وتاريخها كل التاريخ، إبداعاتها للتقليد، وتقنياتها للنقل، وكأن علم اجتماع المعرفة لا يطبق إلا على ثقافات الآخرين.
أما من حيث التطور فقد مر الوعي الأوروبي بخمس مراحل: عصر آباء الكنيسة، الفلسفة المدرسية، عصر الإحياء والنهضة، عصر العقلانية والتنوير، ثم عصر العلم والتقنية.
ففي مرحلة آباء الكنيسة تشكل الوعي الأوروبي باعتباره وعيا دينيا أفلاطونيا إشراقيا، تحولت فيه آلهة اليونان إلى آلهة الدين الجديد وملائكته، ونظريات الدين اليونانية إلى نظريات للدين الجديد، وتمت ظاهرة التشكل الكاذب المضاد أي إن المضمون اليوناني الروماني أخذ شكلا مسيحيا، حدث التشكل الكاذب في الجوهر لا في العرض، وفي المضمون لا في الصورة، وفي المعنى لا في اللفظ، وفي الشيء لا في التصور. وقد استغرق ذلك القرون السبعة الأولى التي تشكلت فيها العقائد المسيحية والتي أتى الإسلام بعدها ليتحقق من صدقها .
وفي الفلسفة المدرسية تحولت التعاليم الدينية من الكنائس إلى المدارس، ومن المعابد إلى الجامعات. كما تحول فيها الوعي الديني الأوروبي من الأفلاطونية الإشراقية إلى الأرسطية الطبيعية. وعاد التشكل الكاذب المضاد مرة ثانية، أي أخذ النسق الأرسطي في الحقيقة واستعمل الدين الجديد في الظاهر. وقد ظهر في هذه المرحلة أثر الفكر الإسلامي وامتداده سواء من المتكلمين أو الحكماء؛ تدعيما للتيار العقلاني المدرسي حتى اتحدت الفلسفة بالدين؛ أسوة بالنموذج الإسلامي، وأصبح المسلم نموذجا للفيلسوف في مقابل اليهودي والمسيحي.
وفي عصر الإحياء في القرن الرابع عشر بدأت العودة إلى الأصول، وهو اتجاه إسلامي، بالبحث عن النصوص والتعامل معها مباشرة دون وساطة أحد. وكانت الأصول في الآداب القديمة. وظهر المصدر اليوناني الروماني مخلصا للوعي الأوروبي من الأصل اليهودي المسيحي. وفي عصر الإصلاح الديني في القرن الخامس عشر قامت نفس الحركة للعودة إلى الأصول ولكن في الدين من أجل الإصلاح، والقضاء على سلطة الكنيسة واحتكارها للتفسير والعلم، وتأكيد حرية الإنسان في الفهم والتفسير، ورفض الوساطة بين الإنسان والله، وإعطاء الأولوية للداخل على الخارج، وللأخلاق على العقائد، ولم يكن النموذج الإسلامي بعيدا عن غايات الإصلاح.
وفي عصر النهضة بدأ تأسيس الوعي الأوروبي على أسس جديدة بنقد الموروث حتى يمكن التحرر منه كمصدر للعلم وكقيمة في السلوك، والتحول إلى العقل والطبيعة كبديل عن الوحي والسلطة. ووضع الإنسان مركزا للكون على أنه بدن قبل أن يكون نفسا. فنشأت علوم الأحياء والتشريح والطب الحديثة، ثم أتت العقلانية في القرن السابع عشر تتويجا للعقل الذي أصبح له سلطان على كل شيء: الدين، والفلسفة، والعلم، والسياسة، والاجتماع، والأخلاق، والقانون. وبلغ الوعي الأوروبي أعلى درجة من الشمول والاتساع. ثم أتى عصر التنوير في القرن الثامن عشر بعد تفجير العقل في المجتمع، فاندلعت الثورات، واهتزت الأنظمة، وسقطت العروش والتيجان، وتأسس كل شيء في العقل والطبيعة، وخرجت أفكار الحرية والعدالة والمساواة والتقدم والإنسان والطبيعة والتاريخ، وتحولت الفلسفة إلى ثورة، والفيلسوف إلى كاتب للجماهير وقائد لهم.
ثم أتى عصر الثورة الصناعية عندما تراكم العلم، وظهرت الاكتشافات العلمية والاختراعات الحديثة، وحلت الآلة محل الإنسان في الإنتاج، وظهرت الطبقة العمالية، وقامت الثورات الاشتراكية. ثم أتى القرن العشرون لإحداث ثورة صناعية ثانية: عصر التقنية، وفي الوقت نفسه بداية أزمة العلم، وأزمة الوعي الأوروبي، وبداية النهاية منذ ديكارت حتى هوسرل، منذ الأنا أفكر حتى الأنا موجود، وبالتالي تكون الملحمة قد شارفت على النهاية.
بعد هذا التطور الكمي التراكمي للوعي الأوروبي اخترع بناء خاص اكتمل أيضا في النهاية. فالوعي الأوروبي ذو بناء ثلاثي أشبه بالبواعث أو المقاصد أو الاتجاهات؛ الأول هو الاتجاه العقلاني الذي بدأ في الأنا أفكر في القرن السابع عشر عند ديكارت، واستمر فيه الديكارتيون: اسبينوزا وليبنتز ومالبرانش، ثم تم تأكيده من جديد في الفلسفة النقدية عند كانط. لقد أصبح العقل مشرعا للواقع، والأنا، من جديد، مركزا للعالم كالشمس وسط الكون. ثم تطور العقل عند تلاميذ كانط حتى ابتلع كل شيء: الروح والطبيعة، الحس والذهن، الحضارة والتاريخ حتى بلغ أكبر قدر من الصورية والشمول، وهو بمثابة اتجاه يبدأ من الأنا ويعرج إلى أعلى. والثاني هو الاتجاه التجريبي الذي بدأ من بيكون في المنطق الجديد من أجل تأسيس المعرفة الحسية وصدقها في التطابق مع الواقع، وليس في تطابق الذهن مع نفسه فقط. واستمر التيار نفسه في المدرسة الأنجلو سكسونية: لوك وهوبز وهيوم، الذين طبقوا المذهب الحسي في الدين والأخلاق والاجتماع والسياسة، فيكون هذا بمثابة اتجاه يبدأ من الأنا هابطا إلى أسفل.
ثم نشأت محاولات عديدة للجمع بين التيارين في الفلسفة النقدية عند كانط في ألمانيا، فتصور العقل على أنه حس أولا فذهن ثانيا فعقل ثالثا. التحليل الترنسندنتالي أولا ثم الجدل الترنسندنتالي ثانيا. وقد وضع مشروعا للتوحيد بين القبلي والبعدي صائغا عبارته المشهورة «التصورات بلا حدوس فارغة، والحدوس بلا تصورات عمياء». ولكن التوحيد بينهما قد تم بصورة آلية تركيبية خارجية سكونية مما دعا تلاميذه إلى التوحيد بينهما بصورة حركية جدلية. الحس ونقيضه الذهن، ثم يأتي العقل ليجمع بينهما (هيجل)، أو بطريقة صورية في فلسفة الهوية والتوحيد بين الروح والطبيعة (شلنج )، أو في فلسفة الذاتية والتوحيد بين الأنا واللاأنا من أجل تكوين الأنا المطلق (فشته)، أو في فلسفة الإرادة تعبيرا عن العقل والطبيعة (شوبنهور) ... كما حاولت فلسفة التنوير في فرنسا الجمع بينهما عن طريق النظرة العقلية الحسية للعالم كما هو واضح في دائرة المعارف الفلسفية.
অজানা পৃষ্ঠা