পশ্চিমা আধুনিক ও সমসাময়িক দর্শনে দার্শনিক গবেষণা (দ্বিতীয় খণ্ড)
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
জনগুলি
La Révolte des Masses
2
هو أشهر كتاب لأورتيجا. ولا يكاد يذكر اسم أورتيجا إلا ويذكر معه أنه هو مؤلف «ثورة الجماهير». وإذا ما أراد الناشر التعريف بكتاب أقل شهرة منه فإنه يشير إلى أن صاحبه هو مؤلف «ثورة الجماهير» حتى أصبح الكتاب نقطة إحالة لكل مؤلفات أورتيجا مثل «الإنسان والناس»، «الإنسان والأزمنة»، «موضوع عصرنا الحديث»، «رسالة الجامعة». ويعتبر، على حد قول إحدى المجلات الأمريكية بالنسبة للقرن العشرين بمثابة «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو بالنسبة للقرن الثامن عشر و«رأس المال» لماركس بالنسبة للقرن التاسع عشر. وهو ليس كتابا مؤلفا منذ البداية، يحتوي على مذهب متسق، بل هو مجموعة من المقالات نشرها أورتيجا في جريدة يومية تصدر في مدريد عام 1926م كما هي العادة مع كثير من الفلاسفة المعاصرين الذين استعملوا أساليب المقال واليوميات والتأملات والرواية والقصة والمسرحية ... إلخ، دون اللجوء إلى الأسلوب العقلي التقليدي القائم على تحليل التصورات والمفاهيم وبناء الأنساق. استعمل أورتيجا الكتابة الصحفية كأداة للتعبير. فالقدر الأعظم من مؤلفاته إن لم تكن كلها قد نشرت في الأصل في صحف إسبانية، خاصة في المجلة التي أسسها وهي «مجلة الغرب» التي ذاعت واشتهرت بفضل كتاباته. لم يكتب أورتيجا كتابا واحدا ذا أبواب وفصول. ولم يدرس موضوعا واحدا دراسة تصورية محضة أو تاريخية صرفة للجمهور الخاص بل كتب في معظم الموضوعات العصرية بأسلوب المقال للجمهور العريض. فهو بهذا المعنى كاتب
Essaiste
أكثر منه فيلسوفا. خاطب أورتيجا عامة الناس لا خاصتهم، أساتذة كانوا أو رهبانا. ربما استطاع أورتيجا أن يجمع بين الأدب والفلسفة والصحافة في أسلوب جديد أعطاه شعبية كبيرة، وجعله أقرب إلى فلاسفة الشارع ومفكري الرصيف منه إلى أستاذ الجامعة وفيلسوف الرواق. كما أنه ربما استطاع الجمع بين أساليب الأدب والخطابة وبين طرق الفلسفة والبرهان بغية التأثير على الجماهير وكسبها في صف تياره الجديد. وهذا النوع من الكتابة يعطي صاحبها شهرة فائقة وجمهورا عريضا داخل وطنه وخارجه. وقد تصيب هذه الشهرة صاحبها ببعض الغرور فيتكلم في كل شيء، ويعرض الأفكار اعتمادا على مجهودات الآخرين. يكتب أي شيء؛ فالصحيفة موجودة، والقراء ينتظرون اعتمادا على سلطة الكاتب وبصرف النظر عن تحليل الموضوع. ونتيجة لقوة الدفع التي تتولد عن اتصال الكاتب بجمهوره قد تنشأ لديه رغبة لتملق الجماهير واكتساب ولائهم متنازلا عن الدقة الفلسفية والتحليل العلمي الرصين. وهنا يتحول الكاتب إلى فنان يحرص على جمهوره حتى وإن تنازل عن فنه، فيصبح الجمهور هو الذي يوجه الكاتب كما أن شباك التذاكر هو الذي يوجه الفنان. وقد يصبح الموضوع ذاته غامضا في الذهن بحيث لا يستطيع القارئ المتخصص أن يعرف ماذا يريد أورتيجا أن يقول فينتقل بين عديد من الموضوعات، يسهب في البعض دون البعض، ويغيب التركيز على صلب الموضوع. وتكثر أسماء الأعلام والشخصيات والدول والعواصم طلبا للعصرية وإيحاء بالأمثلة التي تصور تحليلات نظرية غامضة أو غائبة؛ لذلك غلبت على كتابات أورتيجا التحليلات السريعة، والانتقال من موضوع إلى موضوع بلا تعمق كاف. يذكر القارئ بما قيل سالفا وبما سيقال آنفا. ثم يعود ويرجع إلى الموضوع الأول بعد استطراد طويل وكأن ما يخطر بباله يعبر عنه دون ما بنية للموضوع أو تصور له؛ ومن ثم كانت كتاباته أقرب إلى الأدب الصحفي منها إلى المقال الفلسفي. مهمتها تنوير القراء وتثقيف العامة وخلق تيار فكري سياسي عن طريق الفلسفة واعتمادا عليها. فكانت أشبه بكتابات رسل المتأخرة عن السعادة والجنس والتربية والسلطة والفرد والحرب والسلام والبلشفية ... إلخ بعيدا عن الدراسات المتخصصة لجمهور متخصص. ومن جراء التعامل مع الفلسفة باعتبارها محاولات
Essais
فقد غاب المقال الفلسفي الذي يعتمد على مقدمات وينتهي إلى نتائج ويقوم على براهين واستدلالات، تطبيقا لخطوات منهج وانتقالا طبيعيا من فكرة إلى أخرى. ومع أن معظم الموضوعات المدروسة ملموسة وعصرية ويمكن الوصول فيها إلى نتائج محددة، إلا أن أورتيجا تعامل معها على نحو مجرد واسع وشامل بالرغم من انتسابه إلى المنهج الظاهرياتي لوصف الموضوعات باعتبارها تجارب شعورية حية، فردية واجتماعية مثل «ثورة الجماهير»، ولكن ليست كل كتابة وصفية ظاهريات. فالظاهريات للماهيات لا للوقائع، وإدراك للدلالات لا للأحداث، وذلك من أجل الوصول إلى بنيتها أو إلى مناطقها الوجودية.
وتعبير «ثورة الجماهير» يلقى هوى في النفوس خاصة لدى شعوب العالم الثالث في مرحلتها الراهنة وبعد الثورات الإسلامية في إيران وثورات السودان وهايتي والحركات الشعبية في كوريا الجنوبية ومظاهرات الطلاب والانتفاضات الشعبية في مصر والعالم العربي والإسلامي في السنوات الأخيرة والتي قد تستمر في التسعينيات ردا لاعتبار ثوراتها في الخمسينيات والستينيات وبعد انحسار الثورة المضادة في السبعينيات والثمانينيات. فالعنوان «ثورة الجماهير» مبهر؛ إذ إننا نعيش في عصر الجماهير. ومن منا لا يود ثورة الجماهير؟ ولكن العنوان البراق قد يخفي موضوعا أقل بريقا وأكثر غموضا. ونتيجة لإعطاء الأولوية للأسلوب على الموضوع أصبح الموضوع غامضا مسطحا، وأصبحت معظم العناوين خادعة، عناوين براقة وموضوعات عادية مثل «ثورة الجماهير» «الإنسان والأزمنة»، «الإنسان والناس»، «التاريخ باعتباره نسقا»، «التطابق والحرية»، «ما هي الفلسفة؟» «نشأة الفلسفة». وقد يكون أهم ما في الكتاب هو العنوان الذي أثار في الغرب الأذهان من قبل منذ الثورة الفرنسية وثورة 1848م في ألمانيا، وثورات الشباب في العالم كله في 1968م والذي ما زال يشد الانتباه بالنسبة للشعوب المقهورة غير المنظمة التي تسيطر عليها النظم الحاكمة بأجهزة الأمن والجيش والشرطة والأمن المركزي وأجهزة المخابرات العامة والخاصة.
ويبدو أن تعبير «ثورة الجماهير» تعبير اشتباهي يوحي بالإيجاب والسلب في آن واحد. فهل «ثورة الجماهير» ظاهرة سلبية ، وقد يكون هذا هو المعنى الذي يقصده أورتيجا، أم ظاهرة إيجابية وهو المعنى الذي يثير هوى النفس أشجانا وأحزانا؟ تعني «ثورة الجماهير» بالمعنى السلبي الجماهير في مقابل الفرد، والأغلبية في مقابل الأقلية، والدهماء في مواجهة الصفوة، والديماغوجية نقيض الأرستقراطية، التسطيح والتفاهة، الإنسان الآلي الأصم في مقابل العميق والنبيل، الإنسان العظيم الحركي الحر. في حين تعني «ثورة الجماهير» لدى شعوب العالم الثالث أملا وحركة وحياة. إذا كان المعنى السلبي هو المقصود فهل يجعل ذلك أورتيجا من دعاة النظريات العنصرية والفاشية والنازية والقائمة على الصفوة المختارة، القادرة بما تتمتع به من مزايا أن تقود الجماهير الصماء؟ هل هو من أعداء النظم الاشتراكية بوصفه للعامة بأنها دهماء آلية صماء؟ وماذا عن «ثورة الجماهير» التي طالما تغنت بها شعوب العالم الثالث في مرحلة التحرر من الاستعمار في القارات الثلاث؟ هل يقصد الوضع الراهن للجماهير في البلاد النامية وصلة طبقات الشعب الكادحة بالطبقات الجديدة في عصر ما بعد التحرر وبدايات الحركات الشعبية منذ أواخر السبعينيات حتى الآن؟ يمكن الإجابة على هذه الأسئلة بالبحث عن الظواهر الاجتماعية والسياسية التي يراها أورتيجا حاملة لثورة الجماهير. هناك احتمالان؛ الأول: أن ثورة الجماهير يشير أورتيجا بها إلى ثورات الشعوب في القرن العشرين، البلشفية في روسيا، وصعود النازية (الفاشية) في ألمانيا. وهو الاحتمال الأرجح نظرا إلى إشارات أورتيجا الدائمة إلى هاتين الثورتين دون الإشارات إلى ثورات سابقة مثل الثورة الفرنسية أو ثورة 1848م في ألمانيا. وبهذا المعنى يشير أورتيجا إلى ظاهرة أوروبية صرفة هي الفاشية والبلشفية دون الحديث صراحة عن النازية. ويدعم هذا الاحتمال نقد الاتحاد السوفياتي والدفاع عن الليبرالية الفردية، صراحة أو ضمنا دون أي نقد لأمريكا والغرب، باستثناء نقد أخلاقي شائع بالخواء الروحي والأخلاقي والمعروف عند برجسون وشيلر وغيرهما ممن بينوا «قلب القيم» في الوعي الأوروبي المعاصر. والاحتمال الثاني: هو ثورة الجماهير في الحرب الأهلية الإسبانية خاصة وأن أورتيجا عرف بأنه مفكر الجمهوريين وناقد الملكية في إسبانيا. والغريب أنه لا توجد شواهد على ذلك من نصوص أورتيجا. بل لا يكاد يشير إلى الحرب الأهلية الإسبانية وموقفه من الجمهوريين ضد الملكيين. أما كتابه «إسبانيا بلا عمود فقري»
The lnvertebrate Spain
অজানা পৃষ্ঠা