পশ্চিমা আধুনিক ও সমসাময়িক দর্শনে দার্শনিক গবেষণা (দ্বিতীয় খণ্ড)
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
জনগুলি
وهي نظرية المثالية الألمانية سواء في صورتها الصوفية عند جاكوب بوهمه أو في صورتها الفلسفية الميتافيزيقية عند اسبينوزا وكانط وهيجل وشلنج. وهي النظرية التي تجعل الله تصورا عقليا، وأنه لا يوجد إلا من خلال الإدراك الإنساني كما أن الإنسان يوجد من خلال الإدراك الإلهي، ولكن الدين يجعل من الشخصية الإلهية الوسيلة التي يقلب الإنسان بها تحديداته وتمثلاته لماهيته الخاصة إلى تحديدات وتمثلات لموجود آخر خارجه. فالشخصية الإلهية ليست إلا إخراج الشخصية الإنسانية من موضعتها. لقد حول هيجل الشعور الذي لدى الإنسان عن الله إلى شعور الله بذاته. فأصبح الله موضوع ذهننا وتصوراتنا. وأصبح هذا الموضوع الفكري هو الموضوع الفكري لله. يذهب التأمل إذن أبعد مما يذهب الدين؛ لأن الله كموجود فكري ليس هو الله كموضوع خارجي. الله موجود داخلي روحي فكري شعوري، فعل داخلي محض. هذه الموضوعية التأملية تعني شيئين: الأول أن الله موضوع لفكرنا والثاني أن الله موضوع لفكر نفسه. أصبح الله في الفلسفة التأملية شعورا ذاتيا خالصا، يفكر في ذاته، كإله اليونان. وهذه هي النزعة الوجدانية الإنسانية في الدين. وطالما أن الله لا يعرف إلا من خلال الإنسان، فهو إنسان مشخص. الإنسان لا شيء بدون الله، والله لا شيء بدون الإنسان. في الإنسان وحده يصبح الله موضوعا كإله، وتصبح كل تحديدات الإنسان وصفاته الفيزيقية والعاطفية تحديدات وصفات لله. لقد بدأ جاكوب بوهمه بالكشف عن عواطف الإنسان ثم أخرجها وشخصها فأصبحت إلها (ومع أن الله عند شلنج يجمع بين قوى عديدة إلا أنه غير قادر بالفعل. الشعور الديني أكثر عقلانية منه لأنه يكشف عن ذاته ويتحقق من خلال الإنسان الواقعي بالطبيعة الفعلية. الإنسان هو الدم الذي ينطق بمدائح الله. فالعاطفة التي يشعر بها الإنسان تجاه الله هي نفس العاطفة التي يشعر بها الله تجاه ذاته. وعند هيجل أيضا، شعور الإنسان بالله هو شعور الله بذاته. فالشعور الإنساني هو شعور إلهي، واغتراب الإنسان عن شعوره هو جعله إياه شعورا إلهيا موضوعيا. فلماذا يوصف الله بصفات الإنسان؟ لماذا يكون الله شعورا في الإنسان وللإنسان ماهية الله؟ لماذا يكون لله ماهية وللإنسان شعور؟ لأن المعرفة التي عند الإنسان عن الله هي نفس المعرفة التي عند الله عن ذاته؛ وبالتالي يصبح كل اتجاه تأملي في الدين اغترابا، فالدين لا يجعل الإنسان متأملا في الكون بل يجعله فاعلا فيه. ويكون موقف هيجل بفلسفته التأملية موقفا مغتربا). (6)
التناقض في التثليث:
لا يموضع الدين أو اللاهوت ماهية الإنسان أو الله فقط باعتباره موجودا شخصيا، بل يعطي أيضا تحديدات أساسية لهذه الماهية في أشخاص. فالتثليث ليس إلا مجموع الفروق الجوهرية الأساسية التي يراها الإنسان في ماهيته. وهي تماثل التحديدات في الشخصية الإلهية. فتغترب الشخصية الإنسانية عن ذاتها بإدخالها هذه التحديدات في الشخصية الإلهية. الشخصية الإلهية لا توجد إلا في الخيال ولا توجد أيضا تحديداتها إلا بالخيال. التثليث تناقض من حيث إنه يضع تعدد الآلهة في تصور الإله الواحد، فيضع الخيال في العقل، ويدمج الأسطورة في الواقع. يفترض العقل وحدة الأشخاص ولكن الخيال يضع التثليث. وفي حكم العقل، هذه التمييزات من صنع الخيال، أي مجرد وهم في حين أنها في نظر الخيال وجود. يقتضي التثليث أن يفكر الإنسان عكس ما يتخيل، وأن يتخيل عكس ما يفكر، يقتضي التفكير في أشباح وكأنها موجودات حقيقية، فالعقل يستبعد تعدد الآلهة من الألوهية (ففي سر الثالوث المقدس بقدر ما هو حقيقة مستقلة عن ماهية الإنسان كل شيء فيه ينتهي إلى خداع وخيال وتناقض وسفسطة. وكأن فيورباخ هنا يرد على إعلاء الرومانسيين من شأن الخيال والحلم). (7)
التناقض في الطقوس:
وكما يتضمن الجوهر الموضوعي للدين تناقضات واضحة كذلك يتضمن الجوهر الذاتي تناقضات أوضح. وتناقضات الجوهر الذاتي للدين هي الإيمان والحب اللذان يتخارجان في الشعائر وطقوس العماد والمشاركة؛ فطقس الإيمان هو العماد، وطقس الحب هو المشاركة. الإيمان والحب هما عنصرا الدين الذاتيان. الإيمان هو الأمل بالنسبة للمستقبل ولكنه يتشخص ويتحول إلى وجود خاص كما تحولت من قبل ماهية الإنسان وتشخصت في الله. يتحول الماء من ماء طبيعي إلى ماء فوق طبيعي
Surhumain . وكما يوقعنا الدين في اغتراب عن ماهيتنا الخاصة وكما نغترب عن ذواتنا يغترب الماء عن ذاته ويتم ذلك أيضا بفعل الخيال. وكما يغترب الخمر فيصبح دما، ويغترب الخبز فيصبح جسدا إذ يتم ذلك بفعل المعجزة. لا يمكن فهم العماد بدون المعجزة، كما لا يمكن أن يحصل الإيمان بدون المعجزة إذ لا يعتمد على الذات ولا على النشاط المستقل أو على حرية الحكم والاعتقاد. المعجزة هي التي تجعلني أومن بحقيقة فاعل الأعاجيب
Thaumaturge . والملحد ينكر الله لأنه لا يجده في التجربة، ولا يريد الاعتماد على المعجزة. وإذا كان العماد للأطفال فالمشاركة للكبار، غرضها المشاركة في جسد المسيح، الجسد الحقيقي. فالمسيحي قبل الإفطار في الصباح وهو صائم يتمثل جسد المسيح بالتناول، بالفعل وليس بالروح وحده. الحقيقة أن ذلك لا يتم إلا في الخيال مثل تحويل الخمر إلى دم، والخبز إلى جسد. الإيمان قوة الخيال التي تحول الواقع إلى لا واقع، واللاواقع إلى واقع، وهو ما يعارض شهادة الحس وبرهان العقل. ينكر الإيمان ما يثبته العقل، ويثبت ما ينكره العقل. لقد استطاعت البروتستانتية أن تقيم مشاركة أفضل تتم بالكلام وباللغة وليس بالخمر والخبز. ومع ذلك فالنتيجة واحدة: الخرافة واللاأخلاقية. (8)
التناقض في الإيمان والحب:
بعد أن تكشف الطقوس عن التناقض بين المثالية والمادية، بين الذاتية والموضوعية، وهما يكونان ماهية الدين، فإن الطقوس ليست شيئا بدون الإيمان والحب. فالتناقض في الطقوس يؤدي بنا إلى التناقض في الإيمان والحب. ماهية الدين هي التوحيد ولكن الظاهر هو التفريق. فالله ماهية الإنسان المتوحد مع وجود ولكنه يعرف في الدين باعتباره آخر منفصلا. الحب يكشف عن ماهية الدين المتحدة بمضمونه، والإيمان يكشف عن وضعه وصورته (الحب يوحد بين الإنسان والله، والإيمان يفرق بينهما) ولما كان الله هو التصور الجنسي (المنطقي) الصوفي للإنسانية، فالتفرقة بين الإنسان والله تفرقة بين الإنسان ونفسه، وقضاء على الخير المشترك. بالإيمان يتناقض الدين مع الأخلاقية ومع العقل ومع الحس الإنساني بالحقيقة. والحب اتفاق مع الأخلاق والعقل والحس. الإيمان يعزل الله ويجعله موجودا خاصا آخر، والحب يفحم ويعارض هذه التناقضات ويجعل الله موجودا عاما. الإيمان يقسم الإنسان إلى قسمين؛ داخل وخارج، والحب يشفي جراح الإيمان في قلب الإنسان. الإيمان يجعل حب الإنسان لله قانونا، والحب يجعله حرية. ولا يدين الملحدون لأنهم ملحدون. ولأنهم يلغون على الأقل عمليا، إن لم يكن نظريا، وجود إله خاص معارض للإنسان. الإيمان يفصل، وبالتالي فهو خاطئ، يضع صورته في شكل عقائد صحيحة في مقابل أخرى خاطئة. والحب يجمع ويجد المضمون المشترك بين العقائد المتباينة. الإيمان نفي لا يسمح بقبول شيء داخله
Exclusive ، والحب إثبات وضم وحنان. الإيمان يتعامل مع شيء خاص، ومع وحي خاص، ومع إله خاص، ولا يعرف ما هو عام ومشترك، والحب على عكس ذلك. الإيمان يحدد الإنسان ويقيده، ينزع منه حريته وقدرته على تقدير الآخر المنفصل عنه، والحب الضد من ذلك. الإيمان مغلق على نفسه. واللاهوتي سجين مذهبه، ويصوغ الإيمان موضوعه على أساس من المصلحة والأنانية بدعوى البحث عن السعادة في وجود شخص خاص. المؤمنون أرستقراطيون وغير المؤمنين من العامة، والله هو تشخيص المؤمنين على حساب غير المؤمنين. الإيمان مغرور بل وأعتى من الغرور الطبيعي لأنه يعتمد على موجود أسمى، المخلص والمنقذ، والكريم وصاحب الأيدي والنعمة. تواضع المؤمن إذن غرور مقلوب، تواضع ظاهري. الإيمان محدود، ومن خلال هذا التحدد يكون الله غير المحدود. الإيمان أمر ضروري ومن ثم فهو عقيدة. الإيمان أناني لا يبحث إلا عن خلاص المؤمن ولو غرق الآخرون. الإيمان كراهية (من ليس مع المسيح يكون ضده). الإيمان عداء للآخرين، موالاة للمؤمنين، ومعاداة لغير المؤمنين. الإيمان يعارض نصوص الكتاب المقدس باسم العقيدة ومن أجلها. الإيمان يكفر ويدين الذين لا يؤمنون ، ويلغي ويطرد من الرحمة باسم حب المؤمنين وبغض الكافرين. الإيمان مجتمع مغلق، والمؤمن لا يعاشر إلا المؤمن. الإيمان عماد الحب وتحويله إلى طقس. الإيمان يقضي على الصلات الطبيعية للإنسانية، ويقيم بدلا عن العلاقة الشاملة علاقة خاصة بين الناس. الإيمان نفاق وادعاء، الإيمان تحيز ومحاباة. سبب الحروب الدينية والمذابح الطائفية، واضطهاد الفرق (المخالفة في الرأي). الإيمان تعصب لا يعرف التسامح، ومرتبط بالوهم والجنون والطائفية. الإيمان نقيض الحب، والحب صنو العقل (الإيمان تناقض في كل شيء. الإيمان واجبات أمام الله مناقضة للواجبات أمام الإنسانية. الإيمان تشخيص تمحي فيه الفضائل والأوامر الخلقية وتصبح شخصية خاصة. الإيمان معارض للأخلاق بالرغم من إيحائه للإنسان بالسعادة وهي في حقيقة الأمر سعادة وهمية. الإيمان على أقصى تقدير، لا يقدم إلا أخلاقا سلبية مثل الصبر، والتوكل، والتضحية، والعذرية، مظاهر فضيلة. هكذا يتناقض الإيمان مع نفسه ويتعارض مع الحب. الحب هو الأخلاق والإيمان هو الدين. الحب صفة والإيمان موضوع. الحب بلا إيمان، والإيمان بلا حب. الحب لكل الناس والإيمان لشخص خاص. الحب قانون شامل للعقل والطبيعة، جعله فيلون الفضيلة الأولى، كما جعل أرسطو الصداقة، وهي إحدى صور الحب، توحد بين السيد والعبد وكما جعل الفلسفة، وهي صورة أخرى للحب، توحد بين البشر، وعند الرواقيين يوجد الإنسان للآخر، ويدعو سنيكا لحب الجميع). الحب مباشر بلا واسطة مثل العقل في حين أن الإيمان في حاجة إلى توسط. الإيمان اغتراب لا يقضى عليه إلا بالحب. (9)
অজানা পৃষ্ঠা