পশ্চিমা আধুনিক ও সমসাময়িক দর্শনে দার্শনিক গবেষণা (দ্বিতীয় খণ্ড)
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
জনগুলি
فاللغة قبل أن تكون ألفاظا وعبارات هي صورة وتعبيرات، أشكال ورموز تتوجه إلى الخيال قبل أن تخاطب العقل، توحي بالمعاني من خلال طرق للتعبير تقوم على شتى أنواع المجاز والاستعارة والكناية والتشبيه وضرب الأمثال مما يعطي اللغة قدرة أكثر على التعبير وجمهورا أوسع في الإيصال وتخفيفا لحدة منطق البرهان وصورية الجدل. البعد الجمالي للغة يعطي للمعنى إمكانيات إيحائية أكثر مما يعطي البرهان الصوري؛ لذلك ارتبط المعنى بالدين منذ نشأته، وكان الفن أحد مظاهر التعبير عن الدين منذ بدايات التعبير البشري حتى أكثرها تطورا في آخر الكتب المقدسة المدونة. البعد الجمالي للغة حلقة متوسطة بين النص كموضوع وبين الذات كفهم، تكشف عن ميدان الخيال. الصورة الفنية في النص تخاطب الخيال في الذات وتوقع التخييل في النفس. يعيش الإنسان في الحياة شاعرا حتى ولو لم يقرض الشعر، ويتذوق الجمال حتى ولو لم يمارس أيا من الفنون الجميلة. بل إن الواقع ذاته خيال كما يبدو ذلك في الخيال العلمي والخيال السياسي والخيال العسكري.
3 (2)
المستوى الاشتباهي لمعاني الألفاظ:
وذلك أن النص قد يحتوي على معنيين ليس فقط للمجاز والإيحاء بالمعنى ولكن أيضا للسلوك والتوجه العملي داعيا الأفراد والجماعات للفعل وتاركا لهم حرية الاختيار في فهم عموم النص أو خصوصه، إطلاقه أو قيده، اعتمادا على المواقف المحددة لهذا المعنى أو ذاك. النص بهذا المعنى إمكانية ذات وجهين ثم تأتي القراءة فتحدد هذا الوجه أو ذاك. النص بلا قراءة إمكانية بلا تحقق. ذخيرة بلا إطلاق. ولا يمكن أخذ الإمكانيتين معا لأن النص لا يتركز إلا على جانب واحد حين قراءته. فمثلا لا يمكن أخذ الجانب الإلهي والجانب الإنساني معا في نص واحد يضم الإرادتين معا لأن الإنسان هو القارئ وليس الله. وأخذ الجانب الإلهي هو ادعاء للإنسان وخروج عن حقه الشرعي وانحراف عن وضعه الطبيعي. وهذا هو ما سماه القدماء المحكم والمتشابه؛ فالمحكم هو الذي يحتوي على معنى واحد والمتشابه هو الذي يوحي بمعنيين طبقا لاختيار الإنسان الذي يحدده وضعه في العالم. (3)
التوجه السلوكي نحو الأفراد والجماعات:
وذلك أن النص هو اقتضاء فعل إيجابا في صيغة الأمر «افعل» أو سلبا في صيغة النهي «لا تفعل»؛ ومن ثم تنشأ الحاجة إلى تحديد عموم اللفظ وخصوصه. النص صورة بلا مضمون، روح بلا جسد، والقراءة هي التي تعطيه مضمونا وجسدا، تجعله يضم هذا الفرد أو هذه المجموعة، هذه الأمة أو البشرية جمعاء. القراءة هي التي تحدد مضمون الخطاب وتشير إلى من يتوجه إليهم النص. كما أنها هي التي تحدد نمط السلوك قولا أو عملا، فكرا أو وجدانا؛ لذلك كان الخطاب الديني أمرا أو نهيا، إعلانا أو بشارة، دعوة إلى العمل أو الخلاص.
4
خامسا: هل هناك معنى موضوعي للنص؟
بالرغم من أن النص مكتوب بلغة معينة، مقروءة ومفهومة، حتى ولو كانت لغة قديمة إلا أن النص، على غير الاعتقاد الشائع، لا يحتوي على معنى موضوعي وكأنه شيء. النص عمل إنساني خالص منذ تدوينه الأول حتى قراءته الأخيرة. النص قول صامت، نطق ساكت، حروف مرئية، مدونة حرفية، ورق ومداد . والقراءة هي التي تحيله إلى معنى وتجعله قولا معلنا. ونطقا مسموعا، وتوجيهات عملية، ومعارك سياسية واجتماعية.
يخضع تدوين النص إذن لعدة عوامل كلها ذاتية مثل رؤية الوقائع، وقراءتها على نحو معين، وتوجيهها في اتجاه معين. النص عمل أيديولوجي صرف. وقد كان تدوين النصوص الدينية في العصر المسيحي الأول جزءا من الصراعات المذهبية حول أقوال المسيح وأفعاله. ثم ظهر التدوين لتقنين هذه الأقوال والأفعال ضد التعدد والتضارب، كل فرقة تدون عقائدها لتعطي نفسها شرعية تاريخية وصيغة قانونية ضد المذاهب الأخرى. وكان تدوين علم العقائد وتاريخ الفرق الإسلامية خاضعا أيضا لتوجيهات الفرقة الناجية وتدوينا لتاريخ فرق المعارضة من خلال فرقة السلطة. وتواريخ مصر القديمة كانت لفرعون مصر وأمجاده وليس للسابقين عليه. يبدأ التاريخ من كل فرعون وينتهي إليه! التدوين قراءة واختيار. وإن تدوين تاريخ الأنبياء في آخر مرحلة من تطور الوحي إنما هي قراءة الماضي من خلال الحاضر، ورؤية للتطور من خلال البناء؛ وبالتالي أصبح كل الأنبياء مسلمين منذ إبراهيم حتى آخر الأنبياء. وهذا يسمى «التفسير النمطي» للنصوص وكما حدث في استعمال الشواهد النقلية من العهد القديم في العهد الجديد واختيار نصوص قديمة تتفق في معانيها ووصفها للحوادث مع رؤية العصر وحوادثه، فكل نص يشير إلى نبي يدخل مدينة على راكبة وبيده غصن زيتون يكون هو المسيح داخلا القدس. فتدوين نصوص العهد القديم داخل الجديد ليست قراءة موضوعية لنصوص العهد القديم بل تفسير لها من منظور العهد الجديد.
অজানা পৃষ্ঠা