268

ইবন খালদুনের ভূমিকা সম্পর্কিত গবেষণা

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

জনগুলি

يعقب ذلك فقرتان طويلتان في كيفية اختلال أحوال الدولة: «فإذا استفحل العز والغلب، وتوفرت النعم والأرزاق بدرور الجبايات، وزخر بحر الترف والحضارة، ونشأت الأجيال على اعتياد ذلك؛ لطفت أخلاق الحامية، ورقت حواشيهم، وعادت من ذلك إلى نفوسهم هيأة الجبن والكسل، بما يعانونه من حنث الحضارة المؤدي إلى الانسلاخ من شعائر البأس والرجولية، بمفارقة البداوة وخشونتها. ويأخذهم العز بالتطاول إلى الرئاسة والتنازع فيها؛ فيفضي إلى قتل بعضهم بعضهم، ويكبحهم السلطان عن ذلك، بما يؤدي إلى قتل أكابرهم وإهلاك رؤسائهم؛ فتفقد الأمراء والكبراء، ويكثر التابع والمرءوس؛ فيفل ذلك من حد الدولة، ويكسر من شوكتها، ويقع الخلل الأول في الدولة، وهو الذي من جهة الجند والحامية كما تقدم. «ويساوق ذلك السرف في النفقات، بما يعتريهم من أبهة العز وتجاوز الحدود في البذخ بالمناغاة في المطاعم والملابس وتشييد القصور واستجادة السلاح وارتباط الخيول، فيقصر حينئذ دخل الدولة من خرجها، ويطرق الخلل الثاني في الدولة، وهو الذي من جهة المال والجباية.»

إن ما جاء في هاتين الفقرتين بمثابة تلخيص موجز لما ذكر في الفصل السابق عن كيفية طروق الخلل للدولة. كان قال ابن خلدون هناك: إن الخلل يأتي إما من جهة الجند والحامية، وإما من جهة المال والجباية. ونراه يسمي هنا كل جهة من هاتين الجهتين باسم خاص؛ ينعت الخلل المتأتي من أحوال الجند الحامية باسم «الخلل الأول»، كما ينعت الخلل المتأتي من جهة المال والجباية باسم «الثاني». (4)

بعد ذلك يشرح ابن خلدون ما يحدث من اجتماع هذين الخللين: «ويحصل العجز والانتقاص بوجود الخللين، وبما تنافس رؤساؤهم وتنازعوا وعجزوا عن مغالبة المجاورين والمنازعين ومدافعتهم، وربما اغتر أهل الثغور والأطراف بما يحسون من ضعف الدولة وراءهم، ويعجز صاحب الدولة عن حملهم على الجادة؛ فيضيق نطاق الدولة عما كانت انتهت إليه في أولها، وترجع العناية في تدبيرها بنطاق دونه، إلى أن يحدث في النطاق الثاني ما حدث في الأول بعينه؛ من العجز والكسل في العصابة، وقلة الأموال والجباية.» «فيذهب القائم بالدولة إلى تغيير القوانين التي كانت عليها سياسة الدولة من قبل الجند والمال والولايات؛ ليجري حالها على استقامة، بتكافؤ الدخل والخرج والحامية والعمالات وتوزيع الجباية على الأرزاق، ومقايسة ذلك بأول الدول في سائر الأحوال.» «والمفاسد مع ذلك متوقعة من كل جهة، فيحدث في هذا الطور من بعد، ما حدث في الأول من قبل، ويعتبر صاحب الدولة ما اعتبره الأول، ويقايس بالوزان الأول أحوالها الثانية، يروم دفع مفاسد الخلل الذي يتجدد في كل طور، ويأخذ من كل طرف حتى يضيق نطاقها إلى نطاق دونه كذلك، ويقع فيه ما وقع في الأول.»

يلاحظ أن ابن خلدون يذكر هنا «القوانين التي كانت عليها سياسة الدولة»، ويشير إلى تغيير تلك القوانين.

ومع ذلك فإنه لا يذهب إلى أن هذا التدبير يكون علاجا شافيا تماما، مع أنه يعتبر تغيير تلك القوانين بمثابة إنشاء دولة وتجديد ملك: «وكل واحد من هؤلاء المغيرين للقوانين قبلهم كأنهم منشئون دولة أخرى، ومجددون ملكا حتى تنقرض الدولة وتتطاول الأمم حولها إلى التغلب عليها، وإنشاء دولة أخرى لهم، فيقع في ذلك ما قدر الله وقوعه.» (5)

بعد سرد هذا النظرية وشرحها على هذا المنوال يستشهد ابن خلدون على صحتها بتاريخ الإسلام، ويرسم لنا لوحة ممتعة للتاريخ المذكور: «واعتبر ذلك في الدولة الإسلامية، كيف اتسع نطاقها بالفتوحات والتغلب على الأمم، تزايد الحامية وتكاثر عددهم بما تخولوه من النعم والأرزاق، إلى أن انقرض أمر بني أمية، وغلب بنو العباس. ثم تزايد الترف، ونشأت الحضارة، وطرق الخلل، وضاق النطاق من الأندلس والمغرب بحدوث الدولة الأموية المروانية والعلوية، واقتطعوا ذينك الثغرين من نطاقها. إلى أن وقع الخلاف بين بني الرشيد، وظهر دعاة العلوية في كل جانب، وتمهد لهم دول. ثم قتل المتوكل، واستبد الأمراء على الخلفاء وحجروهم، واستقل الولاة بالعمالات والأطراف، وانقطع الخراج منها وتزايد الترف.» «وجاء المعتضد فغير قوانين الدولة إلى قانون آخر من السياسة؛ أقطع فيه ولاة الأطراف ما غلبوا عليه مثل بني سامان وراء النهر، وبني طاهر العراق وخراسان، وبني الصفار السند وفارس، وبني طولون مصر، وبني الأغلب إفريقية. إلى أن افترق أمر العرب وغلب العجم، واستبد بنو بويه والديلم بدولة الإسلام، وحجروا الخلافة، وبقي بنو سامان في استبدادهم وراء النهر، وتطاول الفاطميون من المغرب إلى مصر والشام فملكوه.» «ثم قامت الدولة السلجوقية من الترك، فاستولوا على ممالك الإسلام، وأبقوا الخلفاء في حجرهم إلى أن تلاشت دولتهم.» «واستبد الخلفاء منذ عهد الناصر في نطاق أضيق من هالة القمر، وهو عراق العرب إلى أصبهان وفارس والبحرين، وأقامت الدولة كذلك بعض الشيء، إلى أن انقرض أمر الخلفاء على يد هولاكو بن طولى بن دوش خان ملك التتر والمغول، حين غلبوا السلجوقية وملكوا ما كان في أيديهم من ممالك الإسلام.»

يلاحظ أن هذه اللوحة التاريخية أتم من جميع التلخيصات التي نشاهدها في الأقسام المختلفة من المقدمة ومن التاريخ نفسه. (6)

بعد الانتهاء من هذا الاستعراض التاريخي، يعمم ابن خلدون هذه الأحوال على جميع الدول، وينهي أحكامه في هذا المضمار بهذه الأحكام القطعية: «وهكذا يتضايق نطاق كل دولة على نسبة نطاقها الأول، ولا يزال طورا بعد طور، إلى أن تنقرض الدولة.» «واعتبر ذلك في كل دولة عظمت أو صغرت.»

وفي الأخير يذكر ابن خلدون سنة الله في الدول، وينهي الفصل بآية قرآنية وفق عادته العامة: «فهكذا سنة الله في الدول، إلى أن يأتي ما قدر الله من الفناء على خلقه، وكل شيء هالك إلا وجهه.» (هذا الفصل منقول من طبعة كاترمير، ج2، ص114-117.) (5) قيام الدول المستجدة

يقرر ابن خلدون في فصل خاص «أن الدولة المستجدة» إنما تستولي على الدولة المستقرة - وتظفر بمطلوبها منها - «بالمطاولة لا بالمناجزة»، ويعني بذلك أن هذا الاستيلاء إنما يتم بالتدريج وبمرور الزمان لا فورا.

অজানা পৃষ্ঠা