ধু নুরাইন উসমান ইবনে আফান
ذو النورين عثمان بن عفان
জনগুলি
وعرضت له مسألة عسيرة من المسائل التي استطاع الفاروق إرجاءها ولم يكن ثمة بد من عودتها في أوانها.
عرضت له غزوة قبرص ورودس وجزر بحر الروم، وإعداد العدة لدفع الغارات البحرية عن شواطئ مصر والشام والقيروان، فكانت بحق مسألة - بل مشكلة - من المشكلات التي لم تستحكم قبل أيامه ولم تتطلب الحل السريع من ولي لأمر المسلمين في الجزيرة العربية، أو في البقاع التي انتهت إليها الفتوح.
وكان من سياسة عمر ألا يجعل بينه وبين جيش من المجاهدين بحرا ولا جسرا ولا قنطرة، وأن يجنبهم ركوب البحر ما استطاع، وكان معاوية يلح عليه في غزو الروم بحرا، ويهون عليه خطب هذه الغزوات، ولا يفتأ يحضه على ذلك، ويقول فيما قاله حضا عليه: «إن قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم وصياح دجاجهم» يعني جزيرة أرواد.
فكتب عمر إلى عمرو بن العاص يسأله أن يصف له البحر وراكبه ويقول له: «إن نفسي تنازعني إليه.»
فكتب إليه: «إني رأيت خلقا كبيرا يركبه خلق صغير، ليس إلا السماء والماء. إن ركد خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، يزداد به اليقين قلة والشك كثرة، وهم فيه دود على عود، إن مال غرق وإن نجا برق ...» إلى آخر ما هول به عليه؛ فأقسم عمر لا يحملن عليه مسلما أبدا، ورضي من ملك الروم بترك القتال، ثم زاد ملك الروم فكاتبه وقاربه وبادله الهدايا وأرسل مع البريد هدية من الملكة إلى السيدة أم كلثوم زوجة عمر تحتوي فيما احتوته عقدا فاخرا يقوم بأضعاف أضعاف هدية الطيب التي أرسلتها إليها أم كلثوم؛ فباع عمر العقد وأودعه خزانة بيت المال، وكتب إلى معاوية يحذره من القتال وينذره أن يصيبه منه ما أصاب العلاء الحضرمي إذا هو أقدم عليه بغير إذنه. •••
أما قصة العلاء هذه فقد كان لها أثرها الذي لم ينسه عمر، ولم يزل عالقا بذهنه يعاوده كلما عاوده بذكر البحر وغزواته، وخلاصتها أن العلاء الحضرمي والي البحرين كانت بينه وبين سعد بن أبي وقاص منافسة في الجهاد، فبرز اسم العلاء في حروب الردة، ثم غلبه سعد فضلا وهمة في وقعة القادسية «وأزاح الأكاسرة عن الدار وأخذ حدود ما يلي السواد» قال ابن الأثير: «فأراد العلاء أن يصنع في الفرس شيئا ... وقد كان عمر نهاه عن الغزو في البحر، فعبرت الجنود من البحرين إلى فارس، فخرجوا إلى إصطخر وبإزائهم أهل فارس، وعليهم الهربذ، فحالت الفرس بين المسلمين وبين سفنهم ... واقتتلوا قتالا شديدا بمكان يدعى طاوس، وقتل من أهل فارس مقتلة عظيمة، ثم خرج المسلمون يريدون البصرة ولم يجدوا إلى الرجوع في البحر سبيلا، وأخذت الفرس منهم طرقهم فعسكروا وامتنعوا ...»
قال ابن الأثير الذي تلخص منه قصة هذه الغزوة: «ولما بلغ عمر صنيع العلاء أرسل إليه عتبة بن غزوان يأمره بإنفاذ جند كثيف إلى المسلمين بفارس قبل أن يهلكوا ... وأمر العلاء بأثقل الأشياء عليه وهو تأمير سعد عليه؛ فشخص العلاء إلى سعد بمن معه» ولم يكن أشد على نفسه من هذا العقاب الأليم، وما كان ليطيعه لولا إيمانه وتقواه وأنه استحقه بمخالفته من لا ينجو من عقابه مخالف كائنا من كان.
وبقيت عبرة هذه الغزوة لا تنسى ولا تغيب عن فكر عثمان بعد عمر، وأوشكت مصائبها جميعا أن تعزى إلى البحر وإلى كل ماء من بحار فارس والروم، ثم عادت المسألة - أو المشكلة - إلى عثمان فوجب أن يفصل فيها برأيه وهو على ذكر من سياسة عمر وسياسة أبي بكر من قبله: لا يحملن أحدا من المسلمين على ركوب البحر، أو على ركوب الغرر - في قتال.
ونظرة عثمان في هذه المشكلة من أدل أعماله على نصيبه من الاجتهاد ومن الاقتداء، ومن أدل الأمور على إقدامه حيث يحجم من هم أشهر منه بالإقدام.
إن المشكلة هنا قد تغيرت ولم يبق بينها وبين مجازفة العلاء الحضرمي غير شبه قليل.
অজানা পৃষ্ঠা