وبعد الثورة استدعته محكمة ثورية ليشهد شهادة تكون ذات أثر في إدانة فؤاد سراج الدين، فإذا هو وهو رئيس الحزب الذي يعتبر المعارض الأول لحزب الوفد حزب الأحرار الدستوريين يعلن في شجاعة منقطعة النظير أن منابر المجالس النيابية لم تشهد نائبا ولا شيخا في ذكاء فؤاد سراج الدين وبراعته إلا في النادر من الرجال. وأعجبت بما قاله، وقصدت إليه أهنئه، فقال في كبرياء: «وهل كنت تنتظر مني غير ذلك؟ أحارب خصما وهو في مأزق.»
وهو محق، فقد ذكرت له لحظة ذاك يوم تخطاه الملك في رئاسة الوزراء، وعين إبراهيم باشا عبد الهادي، وأراد الملك أن يعتذر إليه فاستدعاه، وقال له في تلطف: «ستأتي إليك رئاسة الوزراء يا باشا لا شك.»
فإذا هيكل العملاق يقول له: «يا جلالة الملك أنا حين أجلس إلى مكتبي وأكتب تصغر أمام عيني كل كراسي الحكم.»
وقد أوشك الرجل أن يقول حتى كرسي عرشك.
ولهيكل باشا حديث معي لا أتصور أن أتحدث عنه ولا أذكره. فقد توفي خالي سعد الدين أكبر أخوالي، وأكثرهم حنوا علي، وأقمنا المأتم بالزقازيق.
وكنت أنتظر نتيجة التوجيهية أو الثانوية العامة كما يسمونها الآن ، فرأيت أن أعجل بالسفر إلى مصر؛ لأتلقف أخبار النتيجة، وكان أبي سيبيت في غزالة، ودار الحديث أمام هيكل باشا فقال في بساطة: «تعال معي، أنا في السيارة وحدي مع خالتك عزيزة.»
وسارعت بالقبول.
وفي السيارة سألني: «تنتظر نتيجة التوجيهية؟»
قلت: «نعم.»
قال: «وعلام تنوي؟»
অজানা পৃষ্ঠা