ثم عادت تضحك مرة أخرى، وقالت ليزا: وماذا نفعل، ما دام لا يريد أن يترك الدراجة.
واصطنعت بيسي الجد وهي تقول: نعم أنت محقة. ماذا يمكن أن نفعل؟ هلم بنا.
وسرنا، أمسك بدراجتي وليزا إلى جانبي وبيسي تقود العربة تسبقنا أحيانا أو يطيب لها أن تضحك منا فتبطئ حتى تظل بجانبنا. وفي مرة من المرات التي شاءت فيها بيسي أن تتيح لنا خلوة من الحديث قالت ليزا: أتعبت؟
قلت في فرح: أنا؟! أبدا.
فقالت وابتسامة ماكرة على فمها: على كل حال عليك أن تتحمل تبعة فعلتك.
وأخذت بحديثها وقلت: أية فعلة؟ - ما ذنب الدراجة حتى تفسد إطارها، وما ذنب درابزين بيتنا حتى تخلع مساميره.
ظل حبي لها ينمو مع الأيام حتى كان يوم عرضت عليها فيه أن نتزوج فقالت: نعم أتمنى ذلك؟ ولكن أمهلني بضعة أيام. - متى أعرف الجواب. - في أي يوم نحن؟ - اليوم الأحد. - إذن ففي يوم الأحد.
لم يكن ساسة العالم على علم بهذا الوعد؛ فإنه لم يقدر لي أن أشهد هذا الأحد في إنجلترا وإنما وجدتني بين عشية وصباح على مركب ينقلني إلى مصر، لم أبال الأوامر وقصدت إليها في البيت قبيل الرحيل فلم أجد بالبيت أحدا؟ فتركت خطابا دسسته تحت الباب، ثم وضعت في المركب لأجد نفسي بمصر، لا تسألني كم من الخطابات أرسلت بعد ذلك، ولا تسلني كم خطابا تسلمت. فأما ما أرسلته فلا أذكر عدده لكثرته، وأما ما تسلمته فأذكر عدده لانعدامه. لم تصلني منها كلمة. ولكنني مع ذلك ظللت أكتب، وأكتب فقد أصبحت الكتابة إليها هي كل ما بقي لي من حبي ومن شبابي ومن حياتي كلها إني بلا زواج ولا ولد فأنا بلا أمل. لم يكن لي إلا هذه الخطابات فظللت أكتبها حتى أمس، أمس صباحا قبل أن ألقاك، كنت قد أودعت البريد خطابا إليها. لا لم أستطع السفر، خشيت، خشيت أن تصدمني الحقيقة هناك فأعلم أنها ماتت أو تزوجت ففضلت أن أحيا بأملي الواهن الشاحب الضئيل عن لقاء الحق الواضح الصريح القوي، فلم أسافر، حتى كان أمس ولقيتها، لقد تركوا بيتهم وتركوا الحي وتركوا المدينة، فلم تعد إليها مني كلمة، ولقد ...
وانسكبت الدموع من عينيه وهو يقول: ولقد جاءت إلى مصر بين الحربين، وعادت تجيء بعد الحرب الثانية على أمل واهن أن تلقاني، أو تسمع عني حتى أمس ولقد ...
وازدادت الدموع انسكابا من عينيه واختلج صوته في إجهاشة حب والهة شابة: ولقد انتظرتني فلم تتزوج.
অজানা পৃষ্ঠা