زينب (تقترب منه) :
ما كنت أرجو يا كمال أن يكون قدومي إليك على هذا الوجه، ما كنت أرجو أن أحضر إليك متخفية متنقبة كاللصوص الذين يتسللون البيوت في خوف ووجل، وإنما كنت أتوق إلى القدوم إليك وأنا أجر أذيال ثياب العرس، قضيت أيام الطفولة وليالي الصبا أرتع في ظلام هذا الحلم، لكنك قضيت على هذا الأمل فلم ترغب في يدي، وأحجمت عن الاقتران بي، ولا أخفي عليك أنني لبثت أعواما حانقة عليك أبطن لك الحفيظة والحقد في طيات صدري، عازمة على نسيانك، معولة على تعويد نفسي محبة بعلي، لكنني لم أجد فيه الرجل الذي يفهم ألم نفسي ويقدر حالتي الروحية، وإذ ذاك صفحت عنك وصالحتك بيني وبين نفسي في أيام وحدتي، ثم بدأت أحبك يا كمال حبا صادقا عميقا، أحببتك دون أن يكون لي أمل في رؤيتك رأي العين وأنا على قيد الحياة.
كمال (يلاطفها ملاطفة المريضة) :
مسكينة يا زينب.
زينب :
ولقد تعمق أثر ذلك الحب في نفسي إلى حد أنك استطعت أن تكسر قيود صبري وتجلدي بنظرة واحدة، ببضع كلمات، فككت قيود صبري لتغلني من جديد بقيود أسرك، وهكذا تم لك الفوز فاجتذبتني إليك وجئت بي تحت أقدامك كالطير المصاب عندما يقع تحت أقدام الصياد، كيف جئت هنا؟ وكيف أقدمت على هذا العمل؟ لا أدري وإنما الذي أعلمه أنني كنت أمزح معك على غير روية فما كدت أقول لك اعتباطا: هل أحضر إليك في دارك؟ حتى وجدت وجهك يترقرق بشرا، وعندما ذكرت لك أن لا سبيل إلى ذلك تجهم وجهك وانقبض صدرك، فلم أتمالك نفسي إذ ذاك، لم أستطع التجلد، خشيت أن أقضي حياتي في ندم مريع إن أنا حرمتك وحرمت نفسي من هذا الأمل.
كمال :
إنني مدين لك بكل شيء يا زينب (يحاول أن يضمها إلى صدره) .
زينب (تمانع) :
لا، لا تقترب يا كمال، مهلا، ولا تظن أنني أبتعد الآن دلالا؛ لأنني أعلم تماما معنى حضوري إليك وما يترتب على هذا الحضور، لكن عليك أن تنتظر حتى يخيم الظلام، حتى نلتف برداء الليل فيغدو كل شيء شبيها بالأحلام، وسأفضي إليك الآن برغبة في نفسي، سأطلب منك أن تقسم لي بأنك تنزل عند إرادتي في تلك الأمنية.
অজানা পৃষ্ঠা