5- وأخبرنا الإمام الزاهد أبو علي عمر بن علي بن عمر الواعظ ، بالحربية ، أن هبة الله بن الحصين ، أخبرهم ، أنبا أبو علي بن المذهب ، أنبا أبو بكر القطيعي ، ثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا يعقوب ، ثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، فحدثني معبد بن كعب بن مالك بن كعب بن القين ، أخو بني سلمة ، أن أخاه عبيد الله بن كعب ، وكان من أعلم الأنصار ، حدثه أن أباه كعب بن مالك ، وكان كعب ممن شهد العقبة ، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " خرجنا في حجاج قومنا من المشركين ، وقد صلينا وفقهنا ، ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا فلما وجهنا لسفرنا ، وخرجنا من المدينة قال البراء : يا هؤلاء إني قد رأيت والله رأيا ، وإني والله ما أدري ، أتوافقوني عليه أم لا ؟ قال : قلنا له : وما ذاك ؟ قال : قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر ، يعني الكعبة ، وأن أصلي إليها قال : فقلنا : والله ما بلغنا أن نبينا يصلي الآن إلى الشام ، وما نريد أن نخالفه فقال : إني أصلي إليها قال : فقلنا له : لكنا لا نفعل ، قال : فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام ، وصلى إلى الكعبة ، حتى قدمنا مكة ، قال : وقد كنا عبنا عليه ما صنع وأبى إلا الإقامة عليه ، فلما قدمنا مكة قال : يا ابن أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سله وفي صحبة حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا ، فإنه والله قد وقع في نفسي منه شيء ، لما رأيت من خلافكم إياي فيه ، قال : فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك ، فلقينا رجل من أهل مكة ، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل تعرفانه ؟ قال : قلنا : لا قال : هل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه ؟ قلنا : نعم قال : وقد كنا نعرف العباس ، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا ، قال : فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس قال : فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس ، فسلمنا ثم جلسنا إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس : " هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل ؟ " قال : نعم ، هذا البراء بن معرور سيد قومه ، وهذا كعب بن مالك ، قال : فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشاعر ؟ " قال : نعم , فقال البراء بن معرور : يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا وقد هداني الله للإسلام ، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر ، فصليت إليها ، وقد خالفني أصحابي في ذلك ، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء ، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال : لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها قال : فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معنا إلى الشام ، قال : وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات ، وليس ذلك كما قالوا : نحن أعلم به منهم , قال : وخرجنا إلى الحج فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ، فلما فرغنا من الحج ، وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنا عبد الله بن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا ، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين ، أمرنا فكلمناه ، وقلنا له : يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا ، وإنا نرغب بك عما أنت فيه ، أن تكون حطبا للنار غدا ، ثم دعوته إلى الإسلام ، وأخبرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم وشهد معنا العقبة ، وكان نقيبا ، قال : فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نتسلل مستخفين تسلل القطا ، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ، ونحن سبعون رجلا ومعهم امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار ، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن ثابت ، إحدى نساء بني سلمة ، وهي أم منيع ، قال : فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب ، وهو يومئذ على دين قومه ، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق ، فلما جلسنا كان العباس أول متكلم ، فقال : يا معاشر الخزرج , - قال : وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها ، - إن محمدا منا ، حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ، ممن هو على مثل رأينا فيه ، وهو في عز من قومه والمنعة في بلده قال : فقلنا : قد سمعنا ما قلت ، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت قال : فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا إلى الله ، ورغب في الإسلام قال : " أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم " قال : فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : نعم ، والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا ، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحروب ، وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر ، فاعترض للقول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل ، فقال : يا رسول اللهإن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها ، يعني العهود ، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ، قال : تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " بل الدم الدم والهدم الهدم ، أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم " وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم " فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا ، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس" .
পৃষ্ঠা ৮