ذكر من هو أقل شأنا منه.
ولم أزل أستعجب من تأخر المؤرخين في التوريخ لرجالات هذه المدينة العظيمة حتى زمن الخطيب البغدادي مع أن رجلا مثل بحشل «ت 292 ه» قد ألف تاريخا لواسط ، وهي لا تعشر بغداد في سعتها ومنزلتها وكثرة علمائها وأعلامها. كما أن التواريخ المحلية كانت معروفة قبل هذا التاريخ ، مثل تاريخ مصر لابن يونس ، وتاريخ أصبهان لأبي الشيخ ، ثم لأبي نعيم الحافظ ، وتاريخ نيسابور لأبي عبد الله الحاكم ، وتاريخ الحمصيين لأحمد بن عيسى البغدادي ، وتاريخ بخارى لغنجار ، وتاريخ المراوزة لمحمد بن حمدوية الهورقاني ، وتاريخ سمرقند لأبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإسترابادي وغيرها مما ذكره الخطيب نفسه في تاريخه (1).
وربما كان هذا الإغفال لكون مدينة السلام هي عاصمة الدولة الإسلامية ومقر الخلفاء والأمراء ، ومن ثم فإن تاريخها هو التاريخ العام للمسلمين جميعا ، فالتواريخ السياسية أكثرها مما يعنى بحاضرة الخلافة. على أن هذا يعكر عليه كون العلماء قد كتبوا في تواريخ العلماء لحواضر أقل منها خطورة مثل واسط ، ومرو ، وأصبهان ، ومصر ، وغيرها من البلدان ، ومن ثم كان «تاريخ مدينة السلام» للخطيب البغدادي في واقع الأمر هو أول كتاب تراجمي عن بغداد مهما قيل عن الكتب الأخرى ، فضلا عن أنه أول كتاب يصل إلينا.
ولد أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي في جمادى الآخرة من سنة 392 ه بقرية من أعمال نهر الملك قريبة من بغداد ، وذهب إلى أحد المؤدبين على عادة أهل تلك الأزمان ، ثم توجه لسماع الحديث وهو في الحادية عشرة من عمره سنة 403 ه حيث كان والده قد انتقل إلى بغداد. وأخذ الفقه الشافعي عن شيخه القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري مدة
পৃষ্ঠা ৩৮