انتشارات دانشگاه تهران شماره 1100 گنجينه عقايد وفقه اسلامي شماره 26 - الذريعة إلى أصول الشريعة تصنيف سيد مرتضى علم الهدى (أبو القاسم على بن الحسين الموسوي) قسمت أول (از آغاز تا پايان مباحث نسخ) تصحيح ومقدمه وتعليقات از دكتر أبو القاسم گرجى مقدمة الكتاب - بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله حمد الشاكرين الذاكرين، المعترفين بجميل (1) آلائه و جزيل نعمائه، المستبصرين بتبصيره (2) المتذكرين (3) بتذكيره، الذين تأدبوا بتثقيفه (4)، وتهذبوا (5) بتوفيقه، واستضاؤوا بأضوائه، وترووا من أنوائه حتى هجموا بالهداية إلى الدراية (6)، وعلموا بعد (7) الجهالة، واهتدوا بعد الضلالة، فلزموا القصد، ولم يتعدوا الحد، فيقلوا في موضع الاكثار، ويطيلوا في مكان الاختصار، ويمزجوا بين متباينين، ويجمعوا بين متنافرين، فرب مصيب حرم في صوابه ترتيبه له في مراتبه وتنزيله في منازله، فعد مخطئا، وعن الرشاد مبطئا، وصلى الله على أفضل بريته وأكمل خليقته سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم.
أما بعد: فإنني (9) رأيت أن أملى كتابا متوسطا في أصول الفقه (10) لا ينتهى بتطويل إلى الاملال (11)، ولا باختصار إلى الاخلال، بل يكون
পৃষ্ঠা ১
للحاجة سدادا وللبصيرة زنادا، وأخص مسائل الخلاف بالاستيفاء والاستقصاء فإن مسائل الوفاق تقل الحاجة فيها إلى ذلك.
فقد وجدت بعض من أفرد في أصول (1) الفقه كتابا، وإن كان قد أصاب في كثير من معانيه وأوضاعه ومبانيه، قد شرد (2) من (3) قانون أصول الفقه وأسلوبها، وتعداها كثيرا وتخطاها، فتكلم على حد العلم والظن وكيف يولد النظر العلم، والفرق بين وجوب المسبب عن السبب، وبين حصول الشئ عند غيره على مقتضى العادة، وما تختلف (4) العادة وتتفق، والشروط التي يعلم بها (5) كون خطابه تعالى دالا على الاحكام وخطاب الرسول عليه السلام، والفرق بين خطابيهما بحيث يفترقان أو يجتمعان، إلى غير ذلك من الكلام الذي هو محض صرف خالص للكلام (6) في أصول الدين دون أصول الفقه.
فإن كان دعا إلى الكلام على هذه المواضع أن أصول الفقه (8) لا تتم ولا تثبت إلا بعد ثبوت هذه الأصول، فهذه العلة تقتضي أن يتكلم (9) على سائر أصول الدين من أولها إلى آخرها وعلى ترتيبها، فإن أصول
পৃষ্ঠা ২
الفقه مبنية على جميع أصول الدين مع التأمل (1) الصحيح، وهذا يوجب علينا أن نبتدئ في أصول الفقه بالكلام على حدوث الأجسام وإثبات المحدث وصفاته وجميع أبواب التوحيد، ثم بجميع (2) أبواب التعديل و (3) النبوات، ومعلوم أن ذلك مما لا يجوز فضلا عن أن يجب. والحجة في إطراح الكلام على هذه الأصول هي (4) الحجة في إطراح الكلام (5) على النظر وكيفية توليده وجميع ما ذكرناه (6).
وإذا كان مضى (7) ذكر العلم والظن (8) في أصول الفقه اقتضى أن يذكر ما يولد العلم ويقتضي (9) الظن ويتكلم (10) في أحوال الأسباب وكيفية توليدها، فألا اقتضانا (11) ذكرنا (12) الخطاب الذي هو العمدة في أصول الفقه والمدار عليه أن نذكر (13) الكلام في الأصوات و (14) جميع أحكامها، وهل الصوت جسم أو صفة لجسم (15) أو عرض؟ وحاجته إلى المحل (16).
وما يولده، وكيفية توليده، وهل الكلام معنى في النفس أو هو جنس الصوت أو معنى يوجد مع الصوت؟ على ما يقوله أبو على. فما التشاغل
পৃষ্ঠা ৩
بذلك كله إلا كالتشاغل بما أشرنا إليه مما تكلفه، وما تركه إلا كتركه. والكلام في هذا الباب إنما هو الكلام في أصول الفقه بلا واسطة من الكلام فيما هو أصول لأصول الفقه. والكلام في هذا الفن إنما هو مع من تقررت معه أصول الدين وتمهدت، ثم تعداها إلى غيرها مما هو مبنى عليها. فإذا كان المخالف لنا مخالفا في أصول الدين، كما أنه مخالف في أصول الفقه، أحلناه على الكتب الموضوعة للكلام في أصول الدين، ولم نجمع له في كتاب واحد بين الامرين.
ولعل القليل التافه من مسائل أصول الفقه، مما لم أملل فيه مسألة مفردة مستوفاة مستقلة مستقصاة، لا سيما مسائله المهمات الكبار. فأما الكلام في الاجماع فهو في الكتاب الشافي والذخيرة مستوفى . وكذلك الكلام في الاخبار. والكلام في القياس والاجتهاد بسطناه وشرحناه في جواب مسائل أهل الموصل الأولى.
وقد كنا قديما أمللنا قطعة من مسائل الخلاف في أصول الفقه،
পৃষ্ঠা ৪
وعلق عنا دفعات لا تحصى من غير كتاب يقرأه المعلق علينا من مسائل الخلاف على غاية الاستيفاء دفعات كثيرة. وعلق عنا كتاب العمدة * مرارا لا تحصى. والحاجة مع ذلك إلى هذا الكتاب الذي قد شرعنا فيه ماسة تامة، والمنفعة به عامة، لان طالب الحق من هذا العلم يهتدى بأعلامه عليه، فيقع من قرب عليه. ومن يعتقد من الفقهاء مذهبا بعينه تقليدا أو إلفا في أصول الفقه، ينتفع بما أوضحناه من نصرة ما يوافق فيه، مما كان لا يهتدى إلى نصرته وكشف قناع حجته، ولا يجده في كتب موافقيه ومصنفيه ويستفيد أيضا فيما يخالفنا فيه، إنا حررنا في هذا الكتاب شبهه التي هي عنده حجج وقررناها، وهذبناها، وأظهرنا من معانيها ودقايقها ما كان مستورا، وإن كنا من بعد عاطفين على نقضها وإبانة فسادها، فهو على كل حال متقلب بين فائدتين مترددتين منفعتين.
فهذا الكتاب إذا أعان الله تعالى على إتمامه وإبرامه، كان بغير نظير من الكتب المصنفة في هذا الباب. ولم نعن في تجويد وتحرير وتهذيب، فقد يكون ذلك فيما سبق إليه من المذاهب والأدلة،
পৃষ্ঠা ৫
وإنما أردنا أن مذاهبنا في أصول الفقه ما اجتمعت لاحد من مصنفي كتب أصول الفقه. وعلى هذا فغير ممكن أن يستعان بكلام أحد من مصنفي الكلام في هذه الأصول، لان الخلاف في المذاهب والأدلة والطرق والأوضاع يمنع من ذلك، ألا ترى أن الكلام في الأمر والنهي الغالب على مسائله والأكثر والأظهر أخالف القوم فيه، والعموم والخصوص فخلافي لهم، وما يتفرع عليه أظهر، وكذلك البيان والمجمل والاجماع والاخبار والقياس والاجتهاد مما خلافي جميعه أظهر من أن يحتاج إلى إشارة، فقد تحقق استبداد هذا الكتاب بطرق مجددة لا استعانة عليها بشئ من كتب القوم المصنفة في هذا الباب. وما توفيقنا الا بالله تعالى.
وقد سميته بالذريعة إلى أصول الشريعة، لأنه سبب ووصلة إلى علم هذه الأصول. وهذه اللفظة في اللغة العربية وما تتصرف إليه تفيد هذا المعنى الذي أشرنا إليه، لأنهم يسمون الحبل الذي يحتبل به
পৃষ্ঠা ৬
الصائد الصيد ذريعة واسم الذراع من هذا المعنى اشتق، لان بها يتوصل إلى الاغراض والأوطار، والذراع أيضا صدر القناة. وذرع القئ إذا غلب، وبلغ من صاحبه الوطر. فبان أن التصرف يعود إلى المعنى الذي ذكرناه. وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه ننيب.
باب الكلام في الخطاب وأقسامه وأحكامه إعلم أن الكلام في أصول الفقه إنما هو على الحقيقة كلام في أدلة الفقه، يدل على أنا إذا تأملنا ما يسمى بأنه أصول الفقه، وجدناه لا يخرج من أن يكون موصلا إلى العلم بالفقه أو متعلقا به وطريقا إلى ما هذه صفته، والاختبار يحقق ذلك. ولا يلزم على ما ذكرناه أن تكون الأدلة والطرق إلى أحكام فروع الفقه الموجودة في كتب الفقهاء أصولا للفقه، لان الكلام في أصول الفقه إنما هو كلام في كيفية دلالة ما يدل من هذه الأصول على الاحكام على طريق الجملة دون التفصيل، وأدلة
পৃষ্ঠা ৭
الفقهاء إنما هي على تعيين المسائل، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل.
وإذا كان مدار الكلام في أصول الفقه إنما هو على الخطاب وجب أن نبدأ بذكر أحكام الخطاب.
والخطاب هو الكلام إذا وقع على بعض الوجوه، وليس كل كلام خطابا، وكل خطاب كلام. والخطاب يفتقر في كونه كذلك على إرادة المخاطب لكونه خطابا لمن هو خطاب له ومتوجها إليه والذي يدل على ذلك أن الخطاب قد يوافقه في جميع صفاته من وجود وحدوث وصيغة وترتيب ما ليس بخطاب، فلا بد من أمر زائد به كان خطابا، وهو قصد المخاطب. ولهذا قد يسمع كلام الرجل جماعة ويكون الخطاب لبعضهم دون بعض لأجل القصد الذي أشرنا إليه المخصص لبعضهم من بعض، ولهذا جاز أن يتكلم النائم، ولم يجز أن يخاطب، كما لم يجز أن يأمر وينهى.
وينقسم الخطاب إلى قسمين مهمل ومستعمل. فالمهمل: ما لم يوضع
পৃষ্ঠা ৮
في اللغة التي أضيف أنه مهمل إليها لشئ من المعاني، والفوائد. و أما المستعمل: فهو الموضوع لمعنى، أو فائدة. وينقسم إلى قسمين.
أحدهما: ما له معنى صحيح وإن كان لا يفيد فيما سمى به كنحو الألقاب مثل قولنا: زيد وعمرو، وهذا القسم جعله القوم بدلا من الإشارة ولهذا لا يستعمل في الله تعالى. والفرق بينه وبين المفيد أن اللقب يجوز تبديله وتغييره، واللغة على ما هي عليه، والمفيد لا يجوز ذلك فيه.
ولهذا كان الصحيح أن لفظة شئ ليست لقبا، بل من قسم مفيد الكلام، لان تبديلها وتغييرها لا يجوز، واللغة على ما هي عليه *.
وإنما لم تفد لفظة شئ، لاشتراك جميع المعلومات في معناها، فتعذرت فيها طريقة الإبانة والتمييز. فلامر يرجع إلى غيرها لم تفد، واللقب لا يفيد لأمر يرجع إليه.
والقسم الثاني من القسمة المتقدمة: هو المفيد الذي يقتضى الإبانة.
وهو على ثلاثة أضرب. أحدها: أن يبين نوعا من نوع، كقولنا:
পৃষ্ঠা ৯
لون، وكون، واعتقاد، وإرادة. وثانيها: أن يبين جنسا من جنس كقولنا: جوهر، وسواد، وحياة، وتأليف. وثالثها: أن يبين عينا من عين كقولنا: عالم، وقادر، وأسود، وأبيض.
البحث في الحقيقة والمجاز وينقسم المفيد من الكلام إلى ضربين: حقيقة ومجاز. فاللفظ الموصوف بأنه حقيقة هو ما أريد به ما وضع ذلك اللفظ لإفادته إما في لغة، أو عرف، أو شرع. ومتى تأملت ما حدت به الحقيقة وجدت ما ذكرناه أسلم وأبعد من القدح. وحد المجاز هو اللفظ الذي أريد به ما لم يوضع لإفادته في لغة، ولا عرف، ولا شرع.
ومن حكم الحقيقة وجوب حملها على ظاهرها إلا بدليل. والمجاز بالعكس من ذلك، بل يجب حمله على ما اقتضاه الدليل. والوجه في ثبوت هذا الحكم للحقيقة أن المواضعة قد جعلت ظاهرها للفائدة المخصوصة، فإذا خاطب الحكيم قوما بلغتهم وجرد كلامه عما يقتضى
পৃষ্ঠা ১০
العدول عن ظاهره، فلا بد من أن يريد به ما تقتضيه المواضعة في تلك اللفظة التي استعملها.
ومن شأن الحقيقة ان تجرى في كل موضع تثبت فيه فائدتها من غير تخصيص، إلا أن يعرض عارض سمعي يمنع من ذلك. هذا إن لم يكن في الأصل تلك الحقيقة وضعت لتفيد معنى في جنس دون جنس، نحو قولنا: أبلق، فإنه يفيد اجتماع لونين مختلفين في بعض الذوات دون بعض، لأنهم يقولون: فرس أبلق، ولا يقولون:
ثور أبلق.
وإنما أوجبنا اطراد الحقيقة في فائدتها، لان المواضعة تقتضي ذلك، والغرض فيها لا يتم إلا بالاطراد، فلو لم تجب تسمية كل من فعل الضرب بأنه ضارب، لنقض ذلك القول بأن أهل اللغة إنما سمو الضارب ضاربا، لوقوع هذا الحدث المخصوص الذي هو الضرب منه.
পৃষ্ঠা ১১
وإنما استثنينا المنع السمعي لأنه ربما عرض في إجراء الاسم على بعض ما فيه فائدته مفسدة، فيقبح إجرائه، فيمنع السمع منه، كما قلنا في تسميته تعالى بأنه فاضل.
واعلم أن الحقيقة يجوز أن يقل استعمالها، ويتغير حالها فيصير كالمجاز. وكذلك المجاز غير ممتنع أن يكثر استعماله في العرف فيلحق بحكم الحقائق. وإنما قلنا ذلك، من حيث كان إجراء هذه الأسماء على فوائدها في الأصل ليس بواجب، وإنما هو بحسب الاختيار، وإذا صح في أصل اللغة التغيير والتبديل، فكذلك في فرعها، والمنع من جواز ذلك متعذر. وإذا كان جائزا، فأقوى ما ذكر في وقوعه وحصوله أن قولنا: غائط، كان في الأصل اسم للمكان المطمئن من الأرض ثم غلب عليه الاستعمال العرفي، فانتقل إلى الكناية عن قضاء الحاجة والحدث المخصوص، ولهذا لا يفهم من إطلاق هذه اللفظة في العرف إلا ما ذكرناه، دون ما كانت
পৃষ্ঠা ১২
عليه في الأصل. وأما استشهادهم على ذلك بالصلاة والصيام، وأن المفهوم في الأصل من لفظة الصلاة الدعاء، ثم صار بعرف الشرع المعروف سواه، وفى الصيام الامساك، ثم صار في الشرع لما كان يخالفه، فإنه يضعف، من حيث أمكن أن يقال إن ذلك ليس بنقل، وإنما هو تخصيص، وهذا غير ممكن في لفظة الغائط.
وأقوى ما يعرف به كون اللفظ حقيقة هو نص أهل اللغة، وتوقيفهم على ذلك، أو يكون معلوما من حالهم ضرورة.
ويتلوه في القوة أن يستعملوا اللفظ في بعض الفوائد، ولا يدلونا على أنهم متجوزون بها مستعيرون لها، فيعلم أنها حقيقة، ولهذا نقول: إن ظاهر استعمال أهل اللغة اللفظة في شئ دلالة على انها حقيقة فيه الا ان ينقلنا ناقل عن هذا الظاهر.
وقد قيل فيما يعرف به الحقيقة أشياء غيرها عليها إذا تأملتها
পৃষ্ঠা ১৩
حق التأمل طعن، وفيها قدح. وما ذكرناه أبعد من الشبهة.
ويمضى في الكتب كثيرا أن المجاز لا يجوز استعماله إلا في الموضع الذي استعمله فيه أهل اللغة من غير تعد له. ولا بد من تحقيق هذا الموضع فإنه تلبيس.
والذي يجب، أن يكون المجاز مستعملا فيما استعمله فيه أهل اللغة أو في نوعه وقبيله. ألا ترى أنهم لما حذفوا المضاف، وأقاموا المضاف إليه مقامه في قوله تعالى: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها، أشعرونا بأن حذف المضاف توسعا جائز، فساغ لنا أن نقول * سل المنازل التي نزلناها، والخيل التي ركبناها، على هذه الطريقة في الحذف. ولما وصفوا البليد بأنه حمار تشبيها له به في البلادة، والجواد بالبحر تشبيها له به في كثرة عطائه، جاز أن نصف البليد بغير ذلك من الأوصاف المنبئة عن عدم الفطنة، فنقول:
إنه صخرة، وإنه جماد، وما أشبه ذلك. ولما أجروا على الشئ
পৃষ্ঠা ১৪
اسم ما قارنه في بعض المواضع، فقلنا مثل ذلك للمقارنة في موضع آخر. ألا ترى أنهم قالوا سل القرية في قرية معينة، وتعديناها إلى غيرها بلا شبهة للمشاركة في المعنى. وكذلك في النوع والقبيل.
وليس هذا هو القياس في اللغة المطرح، كما لم يكن ذلك قياسا في تعدى العين الواحدة في القرية.
وبعد فإنا نعلم أن ضروب المجازات الموجودات الآن في اللغة لم يستعملها القوم ضربة واحدة في حال واحدة، بل في زمان بعد زمان، ولم يخرج من استعمل ذلك ما لم يكن بعينه، مستعملا عن قانون اللغة، فكذلك ما ذكرناه.
واعلم أن الخطاب إذا انقسم إلى لغوي، وعرفي، وشرعي، وجب بيان مراتبه وكيفية تقديم بعضه على بعض، حتى يعتمد ذلك فيما يرد منه تعالى - من الخطاب.
وجملة القول فيه أنه إذا ورد منه تعالى خطاب، وليس فيه عرف، ولا شرع، وجب حمله على وضع اللغة. لأنه الأصل.
পৃষ্ঠা ১৫
فإن كان فيه وضع، وعرف، وجب حمله على العرف دون أصل الوضع لان العرف طار على أصل الوضع ، وكالناسخ له والمؤثر فيه.
فإذا كان هناك وضع، وعرف، وشرع، وجب حمل الخطاب على الشرع دون الامرين المذكورين. للعلة التي ذكرناها. ولأن الأسماء الشرعية صادرة عنه - تعالى -، فتجري مجرى الاحكام في أنه لا يتعدى عنها.
واعلم أن الناس قد طولوا في أقسام الكلام، وأورد بعضهم في أصول الفقه ما لا حاجة إليه.
وأحصر ما قسم الكلام المفيد إليه، أنه إما أن يكون خبرا أو ما معناه معنى الخبر. وعند التأمل يعلم دخول جميع أقسام الكلام تحت ما ذكرناه. لان الامر من حيث دل على أن الآمر مريد للمأمور به، كان في معنى الخبر. والنهى إنما كان نهيا لان الناهي كاره لما نهى عنه، فمعناه معنى الخبر. ولأن المخاطب غيره إما أن يعرفه حال نفسه، أو حال غيره، وتعريفه حال غيره يكون بالخبر دون الامر، وتعريفه حال نفسه يكون بالامر والنهى، وإن جاز أن يكون بالخبر.
পৃষ্ঠা ১৬
واعلم أن المفيد من الأسماء إما أن يختص بعين واحدة ولا يتعداها، أو يكون مفيدا لما زاد عليها. فمثال الأول قولنا: إلة وقديم وما جرى مجرى ذلك مما يختص به القديم تعالى ولا يشاركه فيه غيره. فأما ما يفيد أشياء كثيرة فينقسم إلى قسمين: إما أن يفيد في الجميع فائدة واحدة، أو أن يفيد فوائد مختلفة، فمثال الأول قولنا: لون، و إنسان. ومثال الثاني قولنا: قرء، وعين، وجارية.
ومن خالف في جواز وقوع الاسم على مختلفين أو على ضدين، لا يتلفت إلى خلافه، لخروجه عن الظاهر من مذهب أهل اللغة.
واعلم أنه غير ممتنع أن يراد باللفظة الواحدة في الحال الواحدة من المعبر الواحد المعنيان المختلفان. وأن يراد بها أيضا الحقيقة والمجاز.
بخلاف ما حكى عمن خالف في ذلك من أبى هاشم وغيره. والذي يدل على صحة ما ذكرناه أن ذلك لو كان ممتنعا لم يخل امتناعه من أن يكون
পৃষ্ঠা ১৭
لأمر يرجع إلى المعبر، أو لما يعود إلى العبارة، وما يستحيل لأمر يرجع إلى المعبر، تجب استحالته مع فقد العبارة، كما أن ما صح لأمر يعود إليه، تجب صحته مع ارتفاع العبارة، وقد علمنا أنه يصح من أحدنا أن يقول لغيره لا تنكح ما نكح أبوك، ويريد به لا تعقد على من عقد عليه ولا من وطئه. ويقول أيضا لغيره إن لمست امرأتك فأعد الطهارة، ويريد به الجماع واللمس باليد. وإن كنت محدثا فتوضأ، ويريد جميع الاحداث. وإذا جاز أن يريد الضدين في الحالة الواحدة، فأجوز منه أن يريد المختلفين. فأما العبارة فلا مانع من جهتها يقتضى تعذر ذلك، لان المعنيين المختلفين قد جعلت هذه العبارة في وضع اللغة عبارة عنهما، فلا مانع من أن يرادا بها. و كذلك إذا استعملت هذه اللفظة في أحدهما مجازا شرعا أو عرفا، فغير ممتنع أن يراد بالعبارة الواحدة، لأنه لا تنافي ولا تمانع.
পৃষ্ঠা ১৮
وإنما لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة الأمر والنهي، لتنافي موجبيهما، لان الامر يقتضى إرادة المأمور به، والنهى يقتضى كراهة المنهي عنه، ويستحيل أن يكون مريدا كارها للشئ الواحد على الوجه الواحد.
وكذلك لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة الاقتصار على الشئ وتعديه، لان ذلك يقتضى أن يكون مريدا للشئ وأن لا يريده.
وقولهم لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة * استعمالها فيما وضعت له والعدول بها عما وضعف له، ليس بصحيح، لان المتكلم بالحقيقة والمجاز ليس يجب أن يكون قاصدا إلى ما وضعوه وإلى ما لم يضعوه، بل يكفي في كونه متكلما بالحقيقة، أن يستعملها فيما وضعت له في اللغة، وهذا القدر كاف في كونه متكلما باللغة، من غير حاجة إلى قصد استعمالها فيما وضعوه. وهذه الجملة كافية في إسقاط الشبهة.
واعلم أن الغرض في أصول الفقه التي بينا أن مدارها إنما هو على الخطاب وقد ذكرنا مهم أقسامه، وما لا بد منه من أحواله. لما كان لا بد فيه من العلم بأحكام الافعال، ليفعل ما يجب فعله، ويجتنب
পৃষ্ঠা ১৯
ما يجب اجتنابه، وجب أن نشير إلى العلم ما هو، وما يشتبه به من الظن، وما يقتضى كل واحد منهما من دلالة أو أمارة بأخصر قول ، فإن الجمل المعقولة في هذه المواضع كافية.
فأما الافعال وأحكامها ومراتبها، فسيجئ القول فيه من هذا الكتاب عند الكلام على أفعال النبي ص ع - وكيفية دلالتها بإذن الله - تعالى - ومشيته.
واعلم أن العلم ما اقتضى سكون النفس. وهذه حالة معقولة يجدها الانسان من نفسه عند المشاهدات، ويفرق فيها بين خبر النبي - ص - بأن زيدا في الدار وخبر غيره. غير أن ما هذه حاله، لا بد من كونه اعتقادا يتعلق بالشئ على ما هو به. وإن لم يجز إدخال ذلك في حد العلم، لان الحد يجب أن يميز المحدود، ولا يجب أن يذكر في جملة ما يشاركه فيه ما خالفه. ولئن جاز لنا أن
পৃষ্ঠা ২০