ومن قولهم في الحثِّ على ترك التكلّف وتعجيل الحاضر: سُئل أقْرى أهلِ اليمامة للضيف: كيف ضبطتم القِرى؟ قال: بأن لا نتكلّفَ ما ليس عندنا. . . وقال بعضهم: الضيفُ إلى القليل العاجل أحوجُ منه إلى الكثير الآجل، أما سمعت قول الله تعالى: ﴿فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾. وقال تعالى: ﴿إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾. . . أي غير منتظرين نُضْجَه وإدراكَه وبلوغه، يقال: أني يأنى: إذا نضج.
ومن قولهم فيمن آثر على نفسه: قولُ صوفيٍّ لآخرَ: كيف يعمل فقراؤكم؟ قال: إذا وجدوا أكلوا، وإذا عَدِموا صبروا، فقال: هذا فِعْلُ الكلاب، إنّ الفقير منّا إذا عَدِمَ صبر، وإذا وجَد طعامًا آثر به غيره. . .
وقالوا في وصف الرجل الكريم يَسوء خلقه مع أهله خوف التقصير: والقائل زينب بنت الطّثَرِيَّة ترثي أخاها يزيد:
إذا نزَلَ الأضيافُ كان عَذَوَّرًا ... على الأهلِ حتّى تسْتَقِلَّ مراجلُهْ
يُعِينُكَ مَظْلومًا ويُنجِيكَ ظالِمًا ... وكُلُّ الذي حُمِّلْتَهُ فهو حامِلُهْ
العذوَّر: السيّئ الخُلق القليل الصبر فيما يريده ويهمُّ به، وإنما جعلته عذوَّرًا لشدّة تهمُّمه بأمرِ الأضياف وحِرْصِه على تعجيل قِراهم حتى تستقل المراجل على الأثافيّ، والمراجل:
القدور واحدها مِرْجل، وقوله: وينجيك ظالمًا، أي إنْ ظَلَمْت فطُولبت بظُلْمك حَماك ومَنع منك.