ডেকার্ট: খুব সংক্ষিপ্ত ভূমিকা
ديكارت: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
وكانت بعض المواد المتعلقة بالأطروحة سالفة الذكر متاحة بالفعل في هيئة كتاب انتهى ديكارت من نصفه، وكان عن الرب والروح، لكنه هجره بعد أول تسعة أشهر أمضاها في هولندا. ولقد أشار ديكارت إلى هذا الكتاب المهجور، ولآماله في مراجعته واستكماله، في خطاب إلى ميرسين عام 1637 أقر له فيه أيضا بمواطن الضعف في الجزء الرابع من مؤلفه «مقال عن المنهج» (1 : 347). في الكتاب الأسبق، كان من المفترض أن يكون قد «اكتشف كيفية إثبات الحقائق الميتافيزيقية بطريقة أكثر وضوحا من حقائق الهندسة.»
ما المنهج الذي ابتكره ديكارت؟ وماذا ضمن تحت عنوان «الحقائق الميتافيزيقية»؟ لقد ألمح بالفعل إلى المنهج الذي يعرف عادة باسم الشك المنهجي. وبدأ هذا المنهج بإقرار أن أي شيء يداخله الشك ولو قليلا بالنسبة للعقل الباحث زائف، وأي شيء يستدعي التسليم والتصديق حتى في مواجهة أقوى جهود النيل منه ورفضه؛ فهو يقيني لا محالة. في مؤلفه «تأملات في الفلسفة الأولى»، وهي الأطروحة التي نشرها ديكارت في نهاية المطاف، تم تفعيل مبدأ رفض أي شيء يمكن أن يداخله الشك بالاستعانة ببعض فرضيات الشك الغريبة؛ فقد تخيل ديكارت نفسه واقعا تحت سيطرة شيطان عتيد قادر على التحكم في أفكاره، وجعله لا يؤمن بشيء سوى الباطل. ولكي ينجح الشيطان في خداعه، كان يجب ألا يكون هناك مراء في أنه يقحم أفكارا في عقل ديكارت فعلا. ولذلك كانت «تلك» الحقيقة - ويراد حقيقة أن ثمة أفكارا تراوده - يستحيل أن يخدعه الشيطان بشأنها. ولو كانت حقيقة أفكاره لا شك فيها، فكذلك ستكون حقيقة وجود فاعل للتفكير؛ أي «أنا» للإقدام على فعل التفكير. ومن ثم كان أول يقين في الميتافيزيقا «أنا أفكر، إذن أنا موجود.» كان يجب أن تكون هذه الحقيقة صحيحة حتى ولو كانت بقية أفكار المرء الأخرى واقعة تحت سيطرة شيطان مخادع. ومن هذه الحقيقة ، بحسب زعم ديكارت، يمكن استنباط حقائق ميتافيزيقية أخرى (عن الرب).
بالنسبة للمحتوى الذي جعله ديكارت مادة الميتافيزيقا بصفة عامة، يجب أن نشير إلى مقدمة النسخة الفرنسية لمؤلفه «مبادئ الفلسفة». تقول المقدمة: إن «الجزء الأول من الفلسفة هو الميتافيزيقا التي تحتوي على مبادئ المعرفة، بما في ذلك الصفات الأساسية للرب، والطبيعة غير المادية لأرواحنا، وجميع الأفكار الواضحة والمتمايزة الموجودة بداخلنا» (9ب:14). وفي مواضع أخرى يتكلم ديكارت عن الأشياء «غير المادية أو الميتافيزيقية» (9ب:10)، كما لو كانت الميتافيزيقا تعنى بكل شيء لا يدخل تحت باب علم المادة. ومن الواضح أن ديكارت لم يكن مهتما بتعريف الميتافيزيقا بدقة شديدة، وفي سرده لموضوعاتها الأساسية ربما استرشد بما أسعفته به الذاكرة مما تعلمه تحت هذا العنوان في كلية لافليش، علاوة على محتويات أطروحات بعض أصدقائه التي ظهرت إبان الفترة التي عاشها في باريس؛ فقد نشر جون سيلون أطروحة عام 1626 تحت عنوان «الحقيقتان: الأولى عن الرب وعنايته الإلهية، والأخرى عن خلود الروح». وعندما نشر ديكارت مؤلفه «تأملات في الفلسفة الأولى» عن الفلسفة الأولى - كانت «الفلسفة الأولى» و«الميتافيزيقا» مترادفين بالنسبة له - حملت الطبعة الأولى عنوانا فرعيا من الواضح أنه استلهمه من سيلون: «عن وجود الله وخلود الروح». ولكي يسترضي الكنيسة، حاول ديكارت أن يعطي الانطباع بأن «تأملات في الفلسفة الأولى» كان دفاعا آخر - ولو أنه جديد ولا يقبل الدحض - عن حقائق الدين ضد الملحدين. وكنوع من المقدمة للكتاب، نشر ديكارت خطابا كان قد خطه إلى علماء اللاهوت في السوربون، عرض فيه «تأملات في الفلسفة الأولى» كردة فعل لنداء بابوي للفلاسفة المسيحيين من أجل دحض الزعم بأن الروح تموت بموت الجسد (7 : 3-4). ولقد صيغت عناوين التأملات الستة التي تألف منها الكتاب بحيث تشدد على هالة الكتاب الدينية، وأسر ديكارت لميرسين بأن تلك العناوين تذكر:
الأشياء التي أريد أن يلاحظها الناس بصفة أساسية، ولكنني أعتقد أنني أضفت أشياء أخرى كثيرة أيضا. ويسعني القول - بيني وبينك - إن هذه «التأملات» الستة تحتوي على جميع أسس الفيزياء الخاصة بي، ولكن رجاء ألا تخبر أحدا؛ لأن ذلك من شأنه أن يصعب على أنصار أرسطو قبولها. آمل أن يألف القراء تدريجيا مبادئي ويدركوا حقيقتها قبل أن يلحظوا أنها تهدم مبادئ أرسطو. (3 : 297-298)
ولذلك كانت الأطروحة الميتافيزيقية في ظاهرها تحتوي على نص ديني، ولكن في باطنها أسس فيزيائية مقنعة على نحو جيد، وبعيدة كل البعد عن الأسس الفيزيائية التقليدية.
الفصل الحادي عشر
كتاب «تأملات في الفلسفة الأولى»
تشير خطابات ديكارت إلى أنه بدأ العمل على مؤلفه «تأملات في الفلسفة الأولى» في نوفمبر عام 1639؛ ففي ذلك الحين مر على حياته في هولندا عشر سنوات تقريبا دون أن يستقر في أي مكان طويلا. وتصوره الروايات الواردة عنه خلال تلك الفترة من حياته منعزلا تقريبا، حيث كان يعيش مع عدد قليل من الخدم بمنأى عن المجتمع، منكبا بالكامل على أعماله التجريبية والنظرية في العلوم، وعارجا على الفلسفة. لكن عادة ما بولغ في الحديث عن عزلته؛ فقد كان لدى ديكارت عدد من الأصدقاء المقربين، ومن بينهم زميل العمل المشهور في نظرية البصريات، كونستانتين هيوجينز، وفرانز شوتن، أستاذ الرياضيات بجامعة ليدن، وكذلك، قبل أن يتفرقا، بيكمان. تبادل ديكارت الزيارات والخطابات مع هؤلاء وغيرهم بانتظام، وفقا للمكان الذي كان يتخذه بيتا له.
إن المعلومات البسيطة المعروفة عن حياة ديكارت الخاصة تتعلق في أغلبها بالأيام التي عاشها في هولندا. وربما في مدينة ديفينتر، حيث حصل أحد تابعيه الشباب على وظيفة أكاديمية عام 1632، التقى ديكارت امرأة، تدعى هيلين، صارت عشيقته وأما لابنته غير الشرعية، والتي أطلق عليها اسم فرانسين في السابع من أغسطس عام 1635. وبعد عام 1635، بدا أن فرانسين وهيلين عاشتا بعيدا عن ديكارت، وكانتا تزورانه على فترات متقطعة. وحاول ديكارت أن يخفي على الدخلاء علاقته بهما، مدعيا كلما عرجتا عليه أن فرانسين ابنة أخيه. وعندما بلغت صغيرته خمس سنوات، في سبتمبر عام 1640، أصيبت بحمى شديدة أودت بحياتها. ووصف ديكارت هذا الحدث بأنه أشد بلية ألمت به في حياته.
وتوفيت فرانسين بعد بضعة أشهر من استكمال ديكارت لمؤلفه «تأملات في الفلسفة الأولى». وطوال فصل شتاء 1639-1640، عني ديكارت بمؤلفه المهجور الذي وضعه عام 1629 عن الميتافيزيقا، وأمضى خمسة أشهر عليه حتى أضحى كتابا جديرا بالنشر. وكانت الحاجة لأطروحة يوافق عليها علماء اللاهوت تزداد إلحاحا. فبينما استقبلت كلية لافليش «مقال عن المنهج» والمقالات بشيء من الحذر، نجد أنها قوبلت بعداء شديد من الكلية اليسوعية في باريس، وفي صيف عام 1640، بدأ ديكارت يؤمن بأن اليسوعيين كلهم يناصبونه العداء. وحينئذ كان قد انتهى من كتابه المكون من «خمس أو ست صفحات» في مجال الميتافيزيقا دون أن ينشره.
অজানা পৃষ্ঠা