দাওলা ওসমানিয়া
الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده
জনগুলি
على أنه لا بد لنا من إلقاء نظرة عامة نتبين في خلالها ما يتدفق من ميازيب الثروة على البلاد من وراء تلك العناية؛ تطييبا لنفوس إخواننا العثمانيين، ولا بد لنا أيضا بنوع خاص من بذل الجهد لإزاحة وهم شائع بين ظهرانينا إذ يتساءلون حوالينا أنى يتسنى استحياء تلك الأراضي البائرة، ولا فلاح فيها ولا ساكن مقيم في ألوف من أميالها، فإذا طلب الزارع من داخل البلاد فليس ثم إلا البدوي وهو عدو الحضارة، وإذا طلب من الخارج فهنالك نفقات لا قبل للبلاد بها، وعقبات جمة تقوم بوجه انتقاله إليها، خلا ما ينظر من المحذورات في المستقبل.
فحسبنا للإحاطة بطرفي هذا البحث أن نقتطع من البلاد جزءا نتخذه مثلا يقاس عليه.
دونك الخطة العراقية فهي - مع شمولها بلاد ما بين النهرين - تمتد مما يلي ديار بكر جنوبا إلى خليج العجم شمالا، ومن حدود بلاد إيران شرقا إلى حدود سوريا غربا، وتشمل ولايات الموصل وبغداد والبصرة وقسما من ولاية ديار بكر. وهي بمساحتها تزيد عن مساحة فرنسا، وبخصب تربتها لا يفوقها قطر في العالم. تخترقها مجاري مياه أنهر من أعظم الأنهار، ففيها دجلة وفيها الفرات وفيها الزاب الأعلى والزاب الأدنى وذيالة وفيها شط العرب ملتقى الأنهر ذلك البحر الفياض المغني بمده وجزره عن وسائل الإرواء.
ذلك قطر قامت فيه بعواصمها أعظم دول العالم في العهد القديم، من البابليين، إلى الأشوريين، إلى السلوقيين خلفاء الإسكندر، إلى الفرس إلى فخر دول الإسلام دولة العباسيين.
ذلك هو القطر الذي رغب محمد علي على أن يستبدله بمصر وما والاها مما دخل في حيازته من بلاد الدولة العثمانية فلم يفلح.
ذلك هو القطر الذي وقف هيرودوتس أبو التاريخ واجما عن وصف تربته وخصبها خوف أن تنسب إليه المغالاة والكذب مهما خفف من الإطراء. ولا غرو فإن جميع دول العالم التي احتلته كان لها من ورائه الثراء العظيم. وهذه بابل مع زيادة عدد سكانها في إبان عظمتها على الخمسة والعشرين مليونا، وامتلاء خزائنها بالمال من موارد ثروته كان حاصل زراعتها كافيا لمعيشة سكانها، ويفيض عن الحاجة فيصدر مشحونا إلى سائر البلاد.
وهذه الدولة العباسية العظيمة - مع بسط سلطتها - لم تكن سلطنة اليونان والرومان بإزائها شيئا مذكورا، كان الكثير من دخلها من السواد وخراجه، وليس السواد إلا قسما من هذا القطر.
فلئن كان الزمان قد أشقاه كما تشقى الدول فتبدد سكانه وبارت أراضيه كل هذه القرون، فتربته لا تزال في أرضها، بل زادت خصبا بالراحة بعد العناء، ومياهه لا تزال تجري نادبة تلك الأزمان التي كانت تحيي فيها تلك الرياض فتتسرب في رياض فيحاء بدلا من جريها الآن مندفعة إلى البحر رهبة من وحشة تلك الفيافي والقفار.
انظر إلى مصر وهذا النيل يفيض لبنا وعسلا بما أحكم فيه من وسائل السقي، وما ساد فيها من الأمن والعدل، وقد كانت لعهد قريب كسائر ولايات الدولة يشكو فلاحها الفاقة وتشكو خزينتها الإفلاس.
ومع هذا فتربة العراق أصلح من تربتها، والأراضي السبخة أقل من نظائرها في مصر، والمطر في العراق يعين على السقي بما لا يتسنى نظيره في مصر، فمعدات الثروة الطبيعية في أفسح ميادينها، فإذا استتب الأمن وأحكمت وسائل السقي وتمهدت طرق النقل ووجد الفلاح؛ عادت إلى البلاد ثروتها في عهد بني العباس، وزادت.
অজানা পৃষ্ঠা