وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم سمع شخصا يقول لآخر: إن فلانا لنؤم، فأخرج صلى الله عليه وآله وسلم خبزا فطلبا منه إداما فقال: ((قد ائتدمتما، قالا: لا نعلمه، قال: بل ما أكلتما من لحم صاحبكما)) فجمع بينهما في الإثم، وقد كان أحدهما قائلا والآخر سامعا، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((المستمع احد المغتابين)).
ثم اعلم أن الغيبة كما لا تكون بالجوارح وبالإصغاء إليه فقد تكون على ما ذكر بعض المحققين بالقلب، وهو سوء الظن، فإنه حرام مثل سوء القول، فكما ليس لك ان تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير فليس لك أن تحدث نفسك، وتسيء بأخيك وتظن به سوءا، فإن بعض الظن إثم، فإما الخواطر وحوادص النفس فمعفو.
البحث الثاني في ذكر بعض ما ورد في ذم الغيبة
فمن ذلك قول الله سبحانه: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}[الحجرات:12] فنبه سبحانه على كراهيتها بالنهي وبالتشبيه بأكل الميتة، وبالكراهة.
وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا)) كما مر.
وخطب صلى الله عليه وآله وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتها فقال: ((يا نعشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه في جوف بيته)).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما صام من ظل يأكل لحوم الناس، وإن الله يبغض أهل بيت اللحم الذين يغتابون الناس)).
পৃষ্ঠা ৮