ষাট ধাপ ও নেটওয়ার্কের গোপনীয়তা: একটি জড়িত যুগের বিজ্ঞান
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
জনগুলি
قد يكون من المثير للدهشة، إذن، أن يتضمن الصرح الصناعي الذي ينتج سيارات تويوتا وشاحناتها أكثر من شركة واحدة بكثير. في الواقع، إنه مجموعة مكونة من نحو مائتي شركة يجمعها اهتمامها المشترك بإمداد شركة تويوتا بكل شيء؛ بدءا من المكونات الإلكترونية وصولا إلى أغطية المقاعد، وأيضا يجمعها ما يعرف ب «نظام إنتاج تويوتا». يتمثل هذا النظام في مجموعة من بروتوكولات التصميم والتصنيع نفسها التي تبنتها معظم الشركات الصناعية اليابانية (والأمريكية حاليا)، ومن ثم فهي ليست بالأمر المميز جدا. إن ما يجعل هذا النظام فريدا حقا هو الالتزام الشديد بتطبيقه داخل مجموعة تويوتا؛ فالشركات في المجموعة، بما في ذلك الشركات التي يتنافس بعضها مع بعض للعمل مع تويوتا، تتعاون إلى حد يكاد يبدو معارضا لمصالحها، فتتبادل الموظفين فيما بينها باستمرار، وتتشارك الملكية الفكرية، ويعاون بعضها بعضا على حساب ما لديها من وقت وموارد، كل ذلك دون الحاجة لعقود رسمية أو الاحتفاظ بسجلات مفصلة. وتتبع هذه الشركات نهجا، في العديد من النواحي، أشبه بالإخوة وليس الشركات، باذلة أقصى ما لديها من جهد لتحظى باستحسان شركة تويوتا، التي تراقبها عن كثب كما لو كانت أما تحرص على التوافق بين الجميع مثلما تهتم بالأداء.
قد يبدو هذا أسلوبا جيدا لإدارة أسرة، لكن ليس من الواضح على الإطلاق أنه أسلوب جيد لصناعة السيارات، ومع ذلك، فمنذ ثمانينيات القرن العشرين بدأت الشركات الأمريكية؛ بدءا من مصنعي السيارات وصولا إلى مصنعي المعالجات الصغيرة وأجهزة الكمبيوتر وبرامجه، في تبني أساليب الإنتاج الياباني وأعرافه، واجتاحت التوجهات المستوحاة من اليابان الصناعات، واحدة تلو الأخرى، مع تمتع كل من نظم التخزين الآني وإدارة الجودة الشاملة وإعادة الهندسة بالشهرة لبعض الوقت، وكانت النتيجة النهائية لهذه الثورة أن الشركات الأمريكية في أواخر تسعينيات القرن العشرين صارت لا تشبه كثيرا السلاسل الهرمية المتكاملة عموديا التي قامت عليها صناعة السيارات، مثل هنري فورد وألفريد سلون في عشرينيات القرن العشرين، وظلت تمثل الشكل النموذجي لتنظيم الشركات منذ ذلك الحين، لكن مع المحاولات الجادة لشركات السيارات الأمريكية العملاقة للتغير، لم تتمكن أبدا من أن تواكب نظيراتها اليابانية في أدائها، لكن منذ أعوام قلائل واجهت تويوتا أزمة كبيرة أصابت صناعة السيارات العالمية بالذهول؛ ففي النهاية، لم يعرض نظام إنتاج تويوتا الثوري الشركة لمشكلة عويصة وحسب، بل أخرجها منها بالسرعة نفسها أيضا.
من أهم الشركات المكونة لمجموعة تويوتا وأكثرها موثوقية شركة آيسين سيكي. صارت آيسين شركة مستقلة، بعد أن كانت جزءا من شركة تويوتا نفسها في الأساس، وذلك في عام 1949، لينصب تركيزها بالتحديد على صناعة مكونات الفرامل. تنتج آيسين بالتحديد فئة من المعدات تعرف باسم الصمامات بي، وهي تستخدم في جميع المركبات التي تصنعها شركة تويوتا لتساعد في منع الانزلاق، وذلك عن طريق التحكم في الضغط الواقع على الفرامل الخلفية. ليست الصمامات بي، التي لا يتجاوز حجمها حجم علبة السجائر، بالأمر المعقد على الإطلاق، لكن نظرا لدورها المحوري للغاية في مسألة الأمان، لا بد من تصنيعها بدقة، ومن ثم فهي تنتج في منشآت عالية التخصص باستخدام مقاييس ومثاقب مصممة خصيصا لهذا الغرض، ونظرا لما تمتعت به شركة آيسين من تاريخ مشرف من حيث الأداء، صارت بحلول عام 1997 المورد الوحيد للصمامات بي لشركة تويوتا. ولأسباب تتعلق بالكفاءة اختارت شركة آيسين إقامة خطوط إنتاجها للصمامات بي في مصنع واحد؛ المصنع رقم 1 في مدينة كاريا، الذي بلغ إنتاجه بحلول ذلك الوقت 32500 صمام يوميا. وأخيرا، نظرا لنجاح نظام الإنتاج الآني لشركة تويوتا، فلم تكن تحتفظ بمخزون يومين من الصمامات بي؛ لذا كان الإنتاج بمصنع كاريا عنصرا شديد الأهمية لسلسلة الإمدادات بشركة تويوتا؛ فدون المصنع، لا صمامات بي، ودون صمامات بي، لا فرامل، ودون الفرامل، لا سيارات.
في الصباح الباكر ليوم السبت الأول من فبراير عام 1997، اشتعلت النيران بمصنع كاريا وسوته بالأرض، حدث الأمر على نحو مباغت؛ فبحلول الساعة التاسعة صباح ذلك اليوم، دمرت جميع خطوط إنتاج الصمامات بي، إلى جانب خطوط إنتاج أسطوانات القابض والأسطوانات الترادفية، ومعظم الأدوات ذات الأغراض الخاصة التي استخدمتها شركة آيسين للصناعة ومراقبة الجودة. وفي غضون ما لا يزيد عن خمس ساعات، تلاشت السعة الإنتاجية لشركة آيسين تماما، وتطلب إحياؤها شهورا. شهورا! كانت تويوتا تصنع آنذاك ما يزيد عن خمسة عشر ألف سيارة يوميا بنحو ثلاثين خط إنتاج، لكن بحلول يوم الأربعاء، 5 فبراير، توقف الإنتاج تماما، ليسفر ذلك عن تعطل ليس فقط مصانع تويوتا نفسها، بل أيضا المنشآت والعاملين بالكثير من الشركات التي قام عملها على إمداد تويوتا بمستلزماتها، وخيم الصمت على أضخم المصانع بجميع أرجاء منطقة تشوكيو الصناعية، مع سقوط مجموعة تويوتا المنيعة جراء انهيار إحدى لبناتها الأساسية. كان ذلك بلا شك كارثة مروعة، لا يضاهيها أي شيء، بما في ذلك الزلزال العنيف الذي ضرب مدينة كوبه اليابانية قبل ذلك الوقت بعامين.
إلا أن ما تلا ذلك لم يقل في تأثيره عن الكارثة نفسها؛ ففي استجابة منسقة تنسيقا مذهلا من أكثر من المائتي شركة، ودون إشراف مباشر يذكر من أي من آيسين أو تويوتا، أعيد إنتاج ما يزيد عن مائة نوع من الصمامات بي في غضون ثلاثة أيام بعد الحريق، وما إن حل يوم الخميس الموافق 6 فبراير، حتى أعيد فتح اثنين من مصانع تويوتا. ويوم الاثنين التالي، أي بعد ما يزيد عن الأسبوع بقليل من وقوع الكارثة، عاد الإنتاج لقرابة أربعة عشر ألف سيارة يوميا، وبعد ذلك بأسبوع عاد الحجم اليومي للإنتاج إلى مستواه قبل الكارثة، ومع ذلك، فقد قدرت وزارة الصناعة والتجارة الدولية في اليابان أن الخسارة في الإنتاجية الناجمة عن الحريق قد بلغت 1 / 12 من إجمالي صناعة وسائل النقل اليابانية في شهر فبراير.
في ظل معدل الخسارة المروع هذا، لا يمكن تصور العواقب التي كانت ستنجم عن توقف العمل شهورا، بل أسابيع، ومن ثم، من الجلي أن كل شركة في مجموعة تويوتا كان لديها دافع قوي للتعاون، سواء عن طريق استعادة إنتاجيتها ببساطة أو التودد للحصول على مزيد من الأعمال المستقبلية مع تويوتا، لكن حتى أقوى الدوافع ليست كافية وحدها، وهذا ما أوضحه توشيهيرو نيشيجوشي وألكساندر بوديه في تقريرهما المفصل عن مساعي تحقيق التعافي، فبصرف النظر عن عدد الشركات في مجموعة تويوتا التي رغبت في المساعدة، كان من الضروري أن تملك هذه الشركات «القدرة» على ذلك. من الجدير بالذكر أنه لم يكن لدى الاثنتين وستين شركة التي تولت إنتاج الصمامات بي في تلك الحالة الطارئة، أو الشركات التي فاق عددها 150 شركة وشاركت في الأمر بشكل غير مباشر كموردين، أي خبرة سابقة في صناعة الصمامات، هذا فضلا عن عدم تمتعها بإمكانية الوصول لأدوات متخصصة كتلك التي قضى عليها الحريق. كانت شركة براذر إندستريز مثلا إحدى الشركات التي ساهمت في جهود التعافي، وهي شركة تعمل في تصنيع ماكينات الخياطة، ولم يسبق لها تصنيع أجزاء السيارات من قبل على الإطلاق! ومن ثم فالسؤال المثير هنا ليس لماذا عمل الجميع بهذا الكد لتحقيق التعافي، وإنما: كيف؟
قبل أن تخمد الحرائق شرع المهندسون بشركة آيسين في العمل؛ فأخذوا في تقييم الخسائر وتحديد ما يجب فعله بالضبط، وقد أدركوا على الفور أن مهمة التعافي - لكي تتم سريعا بما فيه الكفاية لتفادي الهلاك الوشيك آنذاك - تفوق إمكاناتهم كشركة منفردة وإمكانات مورديهم الحاليين. تطلب الأمر مزيدا من الجهد، وهو ما لا يملكون التحكم فيه تحكما مباشرا. في وقت لاحق من صباح اليوم نفسه بعثت شركة آيسين، التي كانت قد أقامت مراكز للاستجابة لحالات الطوارئ، رسالة استغاثة تحدد فيها المشكلة باستخدام أكثر المصطلحات الممكنة شمولا، وتطلب المساعدة، واستجابت الشركات المكونة لمجموعة تويوتا، كما لو كانت طائرات مقاتلة تنتظر إشارة الانطلاق.
ومع ذلك، في هذا الموقف على وجه التحديد، لم يكن تقديم العون أمرا يسيرا؛ فنظرا لافتقار الشركات التي ساهمت في جهود التعافي للأدوات والخبرات الخاصة بإنتاج الصمامات بي، تعين عليها الابتكار على الفور، واستحداث إجراءات التصنيع، حتى تحل مشكلات التصميم والإنتاج في آن واحد. وما زاد الطين بلة أن خبرة آيسين تعلقت في المقام الأول بما تجريه من عمليات تخصها، ومن ثم لم تكن مفيدة كثيرا في التغلب على العوائق الفنية، وأخيرا، في خضم الأزمة، صار من العسير للغاية الاتصال بشركة آيسين، وحتى بعد تركيب الآلاف من خطوط الهاتف الإضافية، تدفق قدر هائل من المعلومات الصادرة والواردة على صورة استفسارات واقتراحات وحلول ومشكلات جديدة، الأمر الذي حال في كثير من الأحيان دون الوصول للشركة، وهو ما جعل الشركات المشاركة في عملية الإنقاذ تعتمد على نفسها بالأساس.
لكن في مثل هذه الظروف تظهر نتائج التدريب؛ فبعد أعوام من الخبرة بنظام إنتاج تويوتا، أصبح لدى جميع الشركات المشاركة في عمليات التعافي فهم مشترك لكيفية التعامل مع المشكلات وحلها، فكانت عمليات التصميم والهندسة الفورية نشاطا يوميا في هذه الشركات، ونظرا لأن شركة آيسين كانت على علم بذلك، تمكنت من تحديد متطلباتها بأقل قدر ممكن من التفصيل، مما أتاح للموردين المحتملين أقصى قدر ممكن من الحرية بشأن كيفية متابعة العمل، والأهم هو أنه بينما كان الموقف في حد ذاته غير مألوف، لم يكن التعاون كذلك؛ فنظرا لأن الكثير من الشركات المشاركة في جهود التعافي سبق لها تبادل الموظفين والمعلومات الفنية مع آيسين، وبعضها مع بعض أيضا، تمكنت من الاستفادة من خطوط الاتصال وموارد المعلومات والروابط الاجتماعية القائمة بالفعل بينها؛ صار بينها فهم متبادل وثقة مشتركة، الأمر الذي يسر ليس فقط الانتشار السريع للمعلومات (بما في ذلك أيضا وصف الأخطاء التي يقعون فيها)، بل أيضا تعبئة الموارد وتخصيصها.
وصل الأمر ببعض الشركات إلى إعادة تنظيم أولويات إنتاجها بالكامل للمساعدة في جهود التعافي، فاختارت ما بين الحد من المهام الأخرى أو العهد بالمهام الأقل تعقيدا من الناحية الفنية لمورديها الخارجيين، واستحوذت شركات أخرى على المثاقب والمقاييس من جميع أنحاء البلاد، ومن واجهات المتاجر، بل من الولايات المتحدة أيضا ، دون وضع اعتبار للتكاليف ، ومن ثم تمكنت الشركات في مجموعة تويوتا فعليا من إنجاح اثنين من جهود التعافي على نحو متزامن، فأعادت؛ أولا: توزيع الضغط الناجم عن عطل رئيسي من شركة واحدة على مئات الشركات، ومن ثم قلصت حجم الخسائر التي تتكبدها أي شركة بمفردها في المجموعة. وثانيا: أعادت مزج الموارد لهذه الشركات نفسها في تكوينات متعددة متميزة ومبتكرة لتحقيق ناتج مماثل من الصمامات بي. وقد فعلت ذلك دون التسبب في أي أعطال أخرى، وبقدر بسيط من التوجيه المركزي، وفي غياب تام تقريبا للعقود الرسمية، وكل ذلك في ثلاثة أيام فحسب.
অজানা পৃষ্ঠা