أَنَّهَا تولدت من الله عِنْدهم مَعَ كَونهَا أزلية وَلَا بِروح الْقُدس حَيَاة الله بل المُرَاد بالابن ناسوت الْمَسِيح وبروح الْقُدس مَا أنزل عَلَيْهِ من الْوَحْي وَالْملك الَّذِي أنزل بِهِ فَيكون قد أَمرهم بالايمان بِاللَّه وبرسوله وَبِمَا أنزلهُ على رَسُوله وَالْملك الَّذِي نزل بِهِ وَبِهَذَا الَّذِي نزل بِهِ وَبِهَذَا أمرت الْأَنْبِيَاء كلهم وَلَيْسَ للمسيح خَاصَّة اسْتحق بهَا أَن يكون فِيهِ شَيْء من اللاهوت لَكِن ظهر فِيهِ نور الله وَكَلَام الله وروح الله كَمَا ظهر فِي غَيره من الْأَنْبِيَاء وَالرسل
ومعلوله أَن غَيره أَيْضا فِيمَا ينقلونه عَن الْأَنْبِيَاء يُسمى ابْنا وروح الْقُدس حلت فِيهِ وَهَذَا مَبْسُوط فِي غير هَذَا الْموضع
وَالْمَقْصُود هُنَا التَّنْبِيه على أَن كَلَام الْأَنْبِيَاء ﵈ يصدق بعضه بَعْضًا وَأَنه لَيْسَ مَعَ النَّصَارَى حجَّة سمعية وَلَا عقلية توَافق مَا ابتدعوه وَلَكِن فسروا كَلَام الْأَنْبِيَاء بِمَا لَا يدل عَلَيْهِ وَعِنْدهم فِي الْإِنْجِيل أَنه قَالَ إِن السَّاعَة لَا يعلمهَا الْمَلَائِكَة وَلَا الابْن وَإِنَّمَا يعلمهَا الْأَب وَحده فَبين أَن الابْن لَا يعلم السَّاعَة فَعلم أَن الابْن لَيْسَ هُوَ الْقَدِيم الأزلى وَإِنَّمَا هُوَ الْمُحدث الزماني
فصل موقف الْأُمَم من الرُّسُل
وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿يَا عِيسَى إِنِّي متوفيك ورافعك إِلَيّ ومطهرك من الَّذين كفرُوا وجاعل الَّذين اتبعوك فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾
فَهَذَا حق كَمَا أخبر الله بِهِ فَمن اتبع الْمَسِيح ﵇ جعله الله فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ الَّذين اتَّبعُوهُ على دينه الَّذِي لم يُبدل قد جعلهم الله فَوق الْيَهُود أَيْضا فالنصارى فَوق الْيَهُود الَّذين كفرُوا بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأما الْمُسلمُونَ فهم مُؤمنُونَ بِهِ لَيْسُوا كَافِرين بِهِ بل لما بدل النَّصَارَى دينه وَبعث الله مُحَمَّدًا ﷺ بدين الله الَّذِي بعث بِهِ الْمَسِيح وَغَيره من الْأَنْبِيَاء جعل الله مُحَمَّدًا وَأمته فَوق النَّصَارَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ إِنَّا معاشر
1 / 311