وكل مَا خرج عَن دَعْوَة الْإِسْلَام وَالْقُرْآن من نسب أَو بلد أَو جنس أَو مَذْهَب أَو طَريقَة فَهُوَ من عزاء الْجَاهِلِيَّة بل لما اخْتصم رجلَانِ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَقَالَ الْمُهَاجِرِي يَا للمهاجرين وَقَالَ الْأنْصَارِيّ يَا للْأَنْصَار قَالَ النَّبِي ﷺ
أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وَأَنا بَين أظْهركُم وَغَضب لذَلِك غَضبا شَدِيدا
فصل
وَأما السَّارِق فَيجب قطع يَده الْيُمْنَى بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ إِن الله غَفُور رَحِيم﴾ وَلَا يجوز بعد ثُبُوت الْحَد بِالْبَيِّنَةِ أَو بِالْإِقْرَارِ تَأْخِيره لَا بِحَبْس وَلَا مَال يفتدي بِهِ وَلَا غَيره بل تقطع يَده فِي الْأَوْقَات المعظمة وَغَيرهَا فَإِن إِقَامَة الْحَد من الْعِبَادَات كالجهاد فِي سَبِيل الله فَيَنْبَغِي أَن يعرف أَن إِقَامَة الْحَد لَا تَأْخُذهُ رأفة فِي دين الله فيعطله وَيكون قَصده رَحْمَة الْخلق بكف النَّاس عَن الْمُنْكَرَات لَا شِفَاء غيظه وَإِرَادَة الْعُلُوّ على الْخلق بِمَنْزِلَة الْوَالِد إِذا أدب وَلَده فَإِنَّهُ لَو كف عَن تأيب وَلَده كَمَا تُشِير بِهِ الْأُم رقة ورأفة لفسد الْوَلَد وَإِنَّمَا يؤدبه رَحْمَة بِهِ وإصلاحا لحاله مَعَ أَنه يود ويؤثر أَن لَا يحوجه إِلَى تَأْدِيب وبمنزلة الطَّبِيب الَّذِي يسْقِي الْمَرِيض الدَّوَاء الكريه وبمنزلة قطع الْعُضْو المتآكل والحجم وَقطع الْعُرُوق بالفصاد وَنَحْو ذَلِك بل بِمَنْزِلَة شرب الْإِنْسَان الدَّوَاء الكريه وَمَا يدْخلهُ على نَفسه من الْمَشَقَّة لينال بِهِ الرَّاحَة
فَهَكَذَا شرعت الْحُدُود وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن تكون نِيَّة الْوَالِي فِي إِقَامَتهَا فَإِنَّهُ مَتى كَانَ قَصده صَلَاح الرّعية وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات بجلب الْمَنْفَعَة لَهُم وَدفع الْمضرَّة عَنْهُم وآبتغي بذلك وَجه الله تَعَالَى وَطَاعَة أمره ألان الله لَهُ الْقُلُوب وتيسرت لَهُ أَسبَاب الْخَيْر وَكَفاهُ الْعقُوبَة البشرية وَقد يرضى الْمَحْدُود إِذا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَد وَأما إِذا كَانَ غَرَضه الْعُلُوّ عَلَيْهِم وَإِقَامَة رياسته ليعظموه أَو ليبذلوه لَهُ مَا يُرِيد من الْأَمْوَال انعكس عَلَيْهِ مَقْصُوده ويروى أَن عمر بن عبد الْعَزِيز ﵁ قبل أَن يَلِي الْخلَافَة كَانَ نَائِبا للوليد بن عبد الْملك على مَدِينَة النَّبِي ﷺ وَكَانَ قد ساسهم سياسة صَالِحَة فَقدم الْحجَّاج من الْعرَاق وَقد سامهم سوء الْعَذَاب فَسَأَلَ أهل الْمَدِينَة عَن عمر كَيفَ هيبته فِيكُم قَالُوا مَا نستطيع أَن نَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ كَيفَ محبتكم لَهُ قَالُوا هُوَ أحب إِلَيْنَا من أهلنا قَالَ فَكيف أدبه فِيكُم قَالُوا مَا بَين
2 / 45