بِمُحَمد ﷺ يفعل مَا يقدر على علمه وَعَمله وَيسْقط عَنهُ مَا يعجز عَنهُ من ذَلِك
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ النَّبِي ﷺ اسْتَغْفرُوا لأخيكم فَقَالَ بعض الْقَوْم تَأْمُرنَا أَن نَسْتَغْفِر لهَذَا العلج يَمُوت بِأَرْض الْحَبَشَة فَنزلت ﴿وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْكُم﴾ ذكره ابْن أبي حَاتِم وَغَيره باسانيدهم وَذكر حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ اسْتَغْفرُوا لأخيكم النَّجَاشِيّ فَذكر مثله
وَكَذَلِكَ ذكر طَائِفَة من الْمُفَسّرين عَن جَابر وَابْن عَبَّاس وَأنس وَقَتَادَة أَنهم قَالُوا نزلت هَذِه الْآيَة فِي النَّجَاشِيّ ملك الْحَبَشَة واسْمه أَصْحَمَة وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّة وَذَلِكَ أَنه لما مَاتَ نعاه جِبْرِيل للنَّبِي ﷺ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله ﷺ لأَصْحَابه اخْرُجُوا فصلوا على أَخ لكم مَاتَ بِغَيْر أَرْضكُم فَقَالُوا وَمن هُوَ قَالَ النَّجَاشِيّ فَخرج رَسُول الله ﷺ إِلَى البقيع وَزَاد بَعضهم وكشف لَهُ من الْمَدِينَة إِلَى أَرض الْحَبَشَة فأبصر سَرِير النَّجَاشِيّ وَصلى عَلَيْهِ وَكبر أَربع تَكْبِيرَات واستغفر لَهُ وَقَالَ لأَصْحَابه اسْتَغْفرُوا لَهُ فَقَالَ المُنَافِقُونَ أبصروا الى هَذَا يُصَلِّي على علج حبشِي نَصْرَانِيّ لم يره قطّ وَلَيْسَ على دينه فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْكُم وَمَا أنزل إِلَيْهِم خاشعين لله لَا يشْتَرونَ بآيَات الله ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُم أجرهم عِنْد رَبهم إِن الله سريع الْحساب﴾
وَقد ذهبت طَائِفَة من الْعلمَاء إِلَى أَنَّهَا نزلت فِيمَن كَانَ على دين الْمَسِيح ﵇ إِلَى أَن بعث الله مُحَمَّدًا ﷺ فَآمن بِهِ كَمَا نقل ذَلِك عَن عَطاء
وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنَّهَا نزلت فِي مؤمني أهل الْكتاب كلهم
وَالْقَوْل الأول أَجود فَإِن من آمن بِمُحَمد ﷺ وَأظْهر الْإِيمَان بِهِ وَهُوَ من أهل دَار الْإِسْلَام يعْمل بِمَا يعمله الْمُسلمُونَ ظَاهرا وَبَاطنا فَهَذَا من الْمُؤمنِينَ وَإِن كَانَ قبل ذَلِك مُشْركًا يعبد الْأَوْثَان فَكيف إِذا كَانَ كتابيا وَهَذَا مثل عبد الله بن سَلام وسلمان الْفَارِسِي
1 / 316