[ق : 38] ، وهل يدبر أو يفتطر أقل ما يرى من بدائع الله وصنعه سوى الله واهب أو موهوب ، (1) كلا لن يفتطره ، ويصنعه أبدا ويدبره ، سوى الله صانع ، معط ومانع (2) وإنما صنع من (3) سوى الله إذا صنع ، أن يعطي أو يمنع ، أو يفرق أو يجمع ، أو يرفع أو يضع ، بعض ما ولي الله ابتداعه صنعا ، أو كان من الله خلقا وبدعا.
وفي امتناع ذلك على المخلوقين ، ما يقول رب العالمين : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب (73)) [الحج : 73]. فأقل بدائع صنع الله تبارك وتعالى فما لا يخلقه ولا يصنعه أبدا (4) غالب من الخلق ولا مغلوب ، ثم زاد سبحانه بما ذكر من الآيات في سورة الفرقان من الدلالة والتبيين دلالة وبيانا وتبصيرا ، (5) بقوله جل جلاله : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ) (54) [الفرقان : 54]. والبشر الذين خلقه جل ثناؤه من الماء ، فهو ما لهم من الذرية والأبناء ، ومنهم ولهم ، وفيهم وبينهم ، جعل سبحانه النسب والصهر لانتساب بعضهم إلى بعض ، ومصاهرة بعضهم لبعض ، لأن كلهم ينتسب ، إلى أم أو إلى أب ، وليس آدم عليه السلام (6) بمنسوب إلى نسب ، لأنه لم يخرج صلى الله عليه من رحم ولا صلب ، ولم يصاهر بصهر (7) أبدا ، إذ كان كل البشر له ولدا ، والماء الذي خلق الله منه ولده ونسله ، فهي النطف التي لم تكن قبله ، وفي ذلك كله وتصريفه ، وعجيب صنعه وتأليفه ، أدل الدلائل على مصرفه ، وصانعه ومؤلفه ، وكل ما ذكر الله تعالى من ذلك ومعجبه ، فدليل على
পৃষ্ঠা ২৮৩