দালিল কাইরোয়ান
دليل القيروان
জনগুলি
قال أبو محمد بن أبي زيد رضي الله عنه: لما مات محمد بن سحنون أقامت البيوع والأشرية والقباب مضروبة على قبره أربعة أشهر بالليل والنهار، فما صرفهم إلا هجوم الشتاء؛ وذلك أسفا وحزنا على ذلك العالم الجليل، وهكذا كان الناس في ذلك العصر يحزنون على فقد كل من نفعهم في دينهم وأرشدهم في أمور دنياهم، فنعم السلف وبئس الخلف. وقبر محمد بن سحنون مشهور يزار رضي الله تعالى عنه، وهو بحوطة بسيطة خارج مقام والده، ويقال إن القبر الذي بجانبه قبر إبراهيم بن الأغلب، والله أعلم. (3) مشاهير رجال مقبرة الحطبية
عبد الرحمن الحبلي المعافري التابعي
كان من عظماء فقهاء التابعين، يروي عن أبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وفضالة بن زيد الأنصاري، وعقبة بن عامر وغيرهم. روى عنه جماعة؛ منهم: يزيد بن عمر، وأبو هاني الخولاني، وعامر بن يحيى المعافري. بعثه عمر بن عبد العزيز يفقه أهل إفريقية؛ فانتفعوا به، وبث فيها علما كثيرا. وشهد فتح الأندلس مع موسى بن نصير، ثم سكن القيروان واختط بها مسجدا ودارا خارج باب تونس اندثرا وعفت رسومهما.
قال أبو عقيل زهرة بن معبد القرشي: كنت ضجيعا لأبي عبد الرحمن الحبلي في المركب في غزو إفريقية، فكنت أسمعه إذا انتبه من نومه يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثلاث مرات. سبحان الذي يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير، ثلاثا. والحمد لله الذي أنام ليلي وأهدأ عروقي، ثلاثا.» فقلت له: رأيتك تلزم هذه الكلمات، فما بلغك فيهن؟ قال الحبلي: بلغني أن ما يقولهن أحد حين ينتبه من نومه إلا كان من الخطايا كيوم ولدته أمه، أقول ويشترط مع هذا الإقلاع عن المعاصي، والسير في طريق نفع الأمة بالإرشاد والعمل الصالح؛ لأن كثيرا من الناس يستمر على ارتكاب الآثام، والجمود عن كل عمل نافع، ويعتمدون على الأدعية ، مع أن الله يقول:
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ، وقال في آية أخرى:
وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ، ولو أن دخول الجنة بفضل الله وكرمه، ولكن لا بد للإنسان من العمل، وفقنا الله للتوبة وللعمل الصالح.
توفي عبد الرحمن الحبلي بالقيروان سنة 100، ودفن بمقبرة باب تونس المشهورة الآن بالحطبية خلف زاوية الشيخ يوسف الدهماني، في حوطة بسيطة، وقبره مشهور يزار، رضي الله عنه.
أبو الحسن القابسي
هو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري المعروف بابن القابسي. قال عياض: لم يكن قابسيا، وإنما كان له عم يشد عمامته بشد قابس فسمي بذلك، وهو قيرواني الأصل. سمع العلم بإفريقية من أبي العباس عبد الله بن أحمد الأبياني، ومن مسرور التجيبي، ومن علي بن محمد الخولاني، وغيرهم من مشاهير العلماء. ثم رحل إلى المشرق سنة 352ه، وحج 353ه، ثم عاد إلى مصر، فسمع بها الحديث من أبي الحسن علي بن جعفر الشابياني، ثم عاد إلى القيروان سنة 357ه، فقرأ عليه خلق كثير؛ منهم: أبو عمران الفاسي، وأبو القاسم اللبيدي، وأبو القاسم بن الكاتب.
ولأبي الحسن تآليف كثيرة؛ منها: «الممهد»، بلغ فيه ستين جزءا ومات ولم يكمله، جمع فيه الحديث والأثر والفقه، وله كتاب «الملخص» وكتاب «المنبه للفطن، والمبعد من شبه التأويل»، وله «رسالة الاستنتاجات» ورسالة «أجمعية الحصون» وكتاب «المناسك»، و«الرسالة المفصلة لأحوال المعلمين والمتعلمين». قال ابن سعدون لما طلب القابسي للفتوى تأبى وسد بابه دون الناس، فقال ابن سعدون: اكسروا بابه؛ لأنه قد وجب عليه فرض الفتيا وهو أعلم من بقي من القيروان، فخرج القابسي إليهم وأنشد:
অজানা পৃষ্ঠা