الحيوان ، فموجود ما ذكر الله منه بالعيان ؛ لأن كل شجرة حية قائمة (1)، أو دابة ناطقة أو بهيمة ، فمن الماء جعلتها ، وبه قامت جبلتها.
ألا ترى أن الشجرة إذا فقدت من الماء غذاءها ، وفارق الماء قلبها ولحاها (2)، يبست فماتت ، وانحطمت فتهافتت ، فذلك (3) الدليل على أن من الماء جعلت ، إذ كانت إذا عدم الماء عدمت.
أولا ترى أن لو لا مياه الذكران والإناث التي هي النطف ، إذا (4) لما وجد من البشر والبهائم طارف يطرف ، فذلك الدليل على أنهم من الماء جعلوا ، إذ كان الماء إذا عدم عدموا ، وذلك قوله سبحانه : ( فلينظر الإنسان مم خلق (5) خلق من ماء دافق (6) يخرج من بين الصلب والترائب ) (7) [الطارق : 5 7]. وقوله : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) [الفرقان : 54].
[حكمة خلق الجبال]
وما جعل الله سبحانه في الأرض من رواسي الجبال ، وغيرها مما ثقلها به من الأثقال ، كيلا تميد بمن عليها من الانسان ، وغيره من أنواع الحيوان ، الذي لا بقاء له (5) ولا قوام مع الميدان ، فموجود بأيقن الايقان ، إذ توجد بالعيان الأفلاك تمر من تحت الأرض دائرة ، وتخفى بممرها تحتها وتظهر عليها سائرة ، ولا يمكن أن يكون مسيرها ، تحتها ومقبلها ومدبرها ، إلا في خلاء أو عراء ، أو هواء أو ماء ، وأي ذلك ما كان مسيرها مقبلها ومدبرها (6) فيه ، احتاج من على الأرض من ساكنها إلى ما جعلهم
পৃষ্ঠা ২১৩