كلمة الناقل
حياة شكسبير
مقدمة المسرحية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
كلمة الناقل
حياة شكسبير
অজানা পৃষ্ঠা
مقدمة المسرحية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
ضجة فارغة
ضجة فارغة
تأليف
ويليام شكسبير
অজানা পৃষ্ঠা
ترجمة
عباس حافظ
كلمة الناقل
أسلوب شكسبير في قصصه الماجنة
لم يكن شكسبير حين كلفت نقل قصة منه غريبا عني، فقد قرأته على عهد الشباب، كما يقرأ الشاب الكتاب خطفا، ويستعجل خاتمته شوقا ولهفا. وعدت أقرؤه في المشيب، بتدقيق وترو؛ وأمضي في قراءته على مكث؛ لأن نظرة الشيخ عن لمحة الشباب مختلفة. فلا عجب إذا وقعت اليوم فيه على معان لم أقع من قبل عليها. ورأيته يتجدد في خاطري، أبلغ مما بدا، والنظرة عجلى، والحماسة له مسرعة، والإعجاب به لا ينتظر كل العلم، ولا يقف حتى تتم المعرفة.
وكنت قد أدركت في الشباب أن قصصه المحزنة ملأى بمواقف للحكمة، ومواطن للفلسفة، ومشاهد لقوة الكلمة، وسلطان البيان. وأن الماجنة منها مفعمة مزاحا، مترعة طرائف وألاعيب وأفراحا. فهي دون الأولى براعة وأقل منها حذقا. فلما تناولت إحداها لنقلها، وجدت القوة في النوعين مؤتلفة، وتبين لي أن نقل مأساة أيسر لمن أوتي روعة العبارة، وسعة اللفظ وقوة التصوير؛ لما في القصة الماجنة من ضروب هزل تختلف كثيرا عن مثلها في العربية، وأساليب دعابة، وألوان بديع تأبى على الناقل.
رأيت هذه القصة مليئة جناسا من كل نوع، حتى في اختلاف النطق، وتباين التهجية، وأصعب شيء أن تنقل جناسا في الإنجليزية إلى مثله في العربية، وتحتفظ بالتماثل المراد فيهما، والتشابه اللفظي بينهما، فلا معدى لك من محاولة التقريب - وإن شق عليك - من شرح العبارة للقارئين.
ورأيتها كذلك قد ازدحمت بفنون من «التورية»، وهي لا تكاد تنقل إلى العربية لاستحالة التماثل فيها بين اللغتين. كما كثر فيها التلميح لأمثال قديمة أو أساطير غابرة، أو عبارات مقتبسة من كتب، أو أبطال خرافيين.
وقد عانيت كثيرا في ذلك كله، وعنيت بالهوامش والشروح قدر عنايتي بالمتون، ولم يسعفني الشراح في بعض الأحيان؛ لأن عبارات بأعيانها أعجزتهم، أو استغلق المعنى الحقيقي فيها عليهم. فاجتهدت في حل ألغازها مع المجتهدين.
وتكاد هذه القصة تدنو من «المأساة» أو القصة المحزنة؛ لأنها قائمة على «اتهام» بريئة، وفضيحة عروس وهي أمام المحراب توشك على زفاف. وليس عجيبا أن يختلط فيها العنصر الجدي بالعناصر الفكهة؛ لأن ذلك هو ما فعله المؤلف في أكثر من قصة هازلة، ونحن أبدا من شكسبير في عجب عاجب، فهو لا يضع رواياته مصنفة التصنيف الذي عرفناه، بين مسلاة، وملهاة، ودراما، أو ميلودراما عند المؤلفين الذين سبقوه؛ كميناندر وبلوتاس أو الذين جاءوا من بعده مثل كالديرون أو موليير، أو كونجريف أو شريدان، بل نحسب كل ملهاة أدنى ما تكون إلى الحزن أو ألم القلب، أو أحيانا إلى القلب الكسير، فهو كذلك في قصته «كوميديا الأخطاء»، وهو أيضا على هذا النحو في «جهد حب ضائع»، و«الليلة الثانية عشرة».
অজানা পৃষ্ঠা
ولكننا في كل هذه الروايات الفكهة لا يخامرنا - لحظة - الشك في أن النهاية ستأتي سعيدة، والخواتيم ستعود موفقة حسنة، وهذا هو ما نلمسه من بداية قصتنا هذه؛ فليس ثمة مخادعة تضللنا، ولا خطأ يواجهنا، ولا مباغتة تبدهنا قبل أن نستعد لها، ولا أزمة نجهل سرها كما يجهلها أبطالها، بل كل أكذوبة تقال نعرفها قبل سماعها، ولا نشك في أنها ستكشف وتبدو مع السياق حقيقتها. ففي قصة الكيد الذي كيد لهيرو تبدو الحوادث في ظواهرها محزنة، ويراها أشخاص القصة أنفسهم كذلك، أما نحن الذين نعرف دقائقها، فلا نجهل أنها لا تزال في الدائرة التي تستمد منها «المسلاة» مادتها؛ لأن المأساة هنا تأتي إلينا بعد استعداد تمهيدي لها، فلا يصاحبها انفجار فجائي، ولا يقتضي الموقف خاتمة مخففة من وقعه، كما يحدث في أحد فصول «تاجر البندقية».
ويصح لنا هنا أن نصف قصتنا هذه بقولنا إنها قصة تدور حول «مخادعة النفس»؛ لأن شخصيتين فيها، وهما بياتريس وبنيديك يظلان محاولين معرفة قلبيهما، وكشف خبيئة عاطفتيهما. وفي هذا النوع من المسرحيات لا غنى للمؤلف عن البدار إلى تعريف النظارة بالأمر ليكونوا طيلة الوقت أعرف به من أشخاصها. وقد عرفنا من مطالعها فعلا أن بياتريس تحاول جاهدة إخفاء عاطفة صادقة، فلا نلبث أن نحس أن هذه الساخرة المتهكمة العابثة لن تمضي في عبثها إلى النهاية، بل ستنقلب إلى الجد، وترفع الستر عن خدر حبها الدفين.
وإذا نحن تذكرنا هذا كله، استطعنا أن نفهم نقد الشاعر كولريدج لشكسبير من ناحية عنصر «الحادثة» في رواياته، فهو القائل: «إن كل اهتمامنا بالحادثة عند شكسبير منصب على الأشخاص، لا عليها بالذات، كما هو الحال في روايات الكتاب الآخرين جميعا. فليست الحادثة عنده إلا قطعة من قماش يرسم عليها أشخاصه، ومن هنا ينهض الشفيع له في رسم شخصيتي بياتريس وبنيديك من نسق واحد وإبرازهما متماثلتين في نزعة الغرور والكبرياء، وإذا أنت نزعت من هذه القصة كل ما هو تزيد ظاهر، وحشو لا ضرورة له، أو ليس ثمة حاجة بالغة إليه، أو على أحسن الفروض، شخصيات الشرطي وزملائه الذين أدخلوا عليها افتعالا، وكان أقل منهم غباء كأشراط وحراس وافين بالغرض، فماذا يبقى بعد ذلك فيها.
لقد شهدنا في روايات الكتاب الآخرين أن المحرك الأكبر في «الحادثة» أو «العقدة» هو دائما البطل أو الشخصية البارزة، أما عند شكسبير فليس الأمر أبدا كذلك. وقد يكون أحيانا كذلك؛ أي أن الشخصية ذاتها هي التي تتألف الحادثة منها، أو قد لا تتألف. فقد جعل شكسبير «دون جون» في هذه القصة الأصل في الحادثة، ولكنه جاء به عارضا، ثم سحبه فلم يعد يسوقه إلينا وإن بدا العنصر «الشرير» فيها. وتركه شكسبير بغير مبرر للشر الذي ينزع إليه، أكثر من وصفه بأنه أخ غير شرعي للأمير، وشخص سوداوي حاقد مريض العاطفة. وعجيب من الشاعر الذي خلق لنا بعد ذلك شخصية «ياجو» في رواية «عطيل» أن يدع «دون جون» بغير دافع ظاهر، أو شفاعة واضحة.
والظاهر أن النقاد لم يفهموا شخصية «بياتريس» على حقيقتها، لقد وصفها الشاعر «كاميل» بأنها «مستهجنة»، وأن المرأة الطبيعية لا يمكن أن تكون كذلك. ومن قبله ذهبت كاتبة تدعى «مسز أنشبالد» تقول: «لو كان عند بنيديك وبياتريس أدب، أو ذوق، أو رفعة خلق، وأبيا أن يسترقا السمع على غيرهما؛ لجمدت القصة في مكانها، أو لاقتضت طريقة أخرى للسير بها في مجرى صالح».
ولم نكن نرتقب من «جول ليمتر» النقادة الفرنسي الكبير أن يسير في هذا الطريق ذاته، فيقول عن بنيديك وبياتريس إنهما «لا يطاقان» بل همجيان يرميان إلى الترائي بالمجون والذكاء، و«حيوانان ماكران» ...
ولكن الرد على هؤلاء النقاد يسير؛ وهو أن شكسبير في مطارحات الحب يجري على طريقة واحدة، في مختلف مسرحياته، وهي طريقة «اللف والدوران» أو الاستخفاء، فقد اتخذها في «جهد حب ضائع» وفي «عطيل»، بل أيضا في «روميو وچولييت» حين جعل الشرفة فاصلا بينهما، ولا يمكن أن يفوتنا من بداية قصتنا أن بياتريس امرأة، وأنها ينبغي أن يظفر بها، بل لا نتصور لحظة واحدة أنها قد قدر عليها أن تجلس في ناحية باكية والهة منادية «ألا من زوج ... ألا من زوج!» فإن كل نكاتها الساخرة تدور حول هذا الأمر بالذات، كما لا يفوتنا من البداية أن «بنيديك» هو الرجل الذي تريده وأنه الفتى الذي قدر لها أن تحبه.
وليست مجانتهما في الواقع إلا مجانة شكسبير نفسه، ولو جردنا أنفسنا من «الوثنية»، أو عبادة العبقرية عند التحدث في أبلغ مراتب الإعجاب عن شكسبير لأقررنا أن مجونه - كما يبدو على ألسنة شخصياته المضحكة، ومهاذير قصصه - كان المادة التي تتألف منها الأساليب الشائعة في بلاط الملوك على عهده، ومجالس الأشراف والعلية في زمانه. ولنتصور فتى من الريف تلوح عليه مخايل الذكاء، أو بوادر العبقرية، جاء إلى لندن ليجرب فيها حظه، فإذا هو يجد لهجة الكلام بين السادات، وأهل البلاط، وعلى المسرح الملكي ذاته، ملأى بفنون «التورية» و«الجناس» والكلام المنمق، فلا غرو وهو الفتى المتلهف على الظفر بمكانة مرموقة إذا هو التقط هذا النوع من الكلام، وراح يحذقه ويبرع في فنونه، ويملأ مسرحياته الفكهة بأعجب ألوانه.
ولسنا ننكر أن في مطالع هذه القصة التي ننقلها شيئا من التنكيت «الرخيص ». ولكن إذا نحن نفيناه منها، أو (غربلناه)، وراعينا أن بياتريس وبنيديك لم يكن بينهما غير «مراشقات» بالنكت، ووقفنا عند مشهدهما وهما يكشفان عن قلبيهما الصادقين عقب انصراف الجمع من الكنيسة، أدركنا مدى التأثير الذي يتجلى من خلال ذلك التظاهر بالسخرية، واصطناع الاستهزاء المتبادل بينهما.
ويروى أن جماعة من الأطفال والولدان شاهدوا هذه الرواية تمثل على المسرح، وكان أحد الممثلين القديرين يؤدي دور «بنيديك»، فلما انتهى التمثيل وصحب الأطفال إلى المحطة أحد مدرسيهم، وقفت صبية فوق الإفريز ورفعت صوتها، كأنها من فرط السرور في غيبوبة، قائلة: «لا يتصور أحد رجلا بديعا على هذه الصورة ...» وهي شهادة توحي بأن أحسن ما في شكسبير لا يزال شيئا يستطيع الطفل أن يقرأه، أو كما قال الأديب «تشارلس لام»: «درسا مليئا بكل خيال بديع، ورأي جميل، وفعل نبيل ...»
অজানা পৃষ্ঠা
ولا نستطيع أن ننسى أن لهذه القصة بالذات مزية انفردت بها عن سائر المسرحيات الأخرى التي كتبها الشاعر؛ وهي أنها من أولها إلى آخرها إيطالية، وأدنى ما تكون من روح النهضة أو البعث الأدبي الذي ظهر في الغرب بعد القرون الوسطى، حتى لتجد كل أشخاصها يتكلمون من «الكتب»، وهم جميعا قراء حتى النساء منهم، أو على الأقل «بياتريس» فهي قد قرأت «المائة نادرة»، وبنيديك فهو يتحدث عن «لياندر»، و«ترويلاس»، وينظم شعرا. وكلوديو شاعر كذلك، فهو يعد مرثية ليعلقها على قبر الفتاة المسكينة التي قتلها بقسوة تهمته.
ولم يكن مفر لشكسبير، وقد أبرز روح تلك النهضة من جانبها الماجن من اقتباس الغدر الإيطالي، فجاءنا بشخصية «دون جون» والمكيدة التي دبرها للفتاة، ولقد ألف شكسبير تكرار نفسه في رواياته، فهو يردد أشياء في هذه، كان قد جاء بمثلها في تلك، مع تنويع جميل ينفي الملالة، ويحفظ الجدة؛ فلا يمكن أن يقال إن هذا التكرار منه دليل نقص في الخيال، أو عوز إلى الابتكار، ولكنه في الواقع مظهر ثروة، أو مراجعة حساب، وهو لا يأنف أن يستعير حادثة من أي مكان، أو أي إنسان، كأنما يقول «أعطوني» قصة إيطالية ، أو صفحة من أفلوطرخس، أو نادرة من أساطير الهند، وأنا أصطنع لكم منها «مكبث»، أو «هملت»، أو «روميو وچولييت».
وهكذا نرى هذه القصة ملأى بالأصدية، ونشهد أصديتها مترددة في آفاق غيرها من قصصه، فليست شخصيتا بياتريس وبنيديك سوى صورة أخرى من «بيراون وروزاليند»، كأنما قد مضى الشاعر يقترض من كيس نقوده، ويأخذ من حر ماله، ويهب منه أبطاله، ويعتز فيه بخياله، ويتقدم إلى الخلود مؤمنا بأنه الجدير به، الظافر من البشر بإعجاب باق على الزمان ...
حياة شكسبير
كتب خلق كثير عن حياة شكسبير، واختلف الرواة فيها أيما اختلاف، ولست أريد أن أعرض لهذا كله، أو أتقصاه من جميع جهاته، ولكني سأجتزئ هنا بالوقائع الثابتة، والأحداث المحققة، فلا أتحدث عن آبائه الأولين، فإن هذا الاسم «شكسبير» كان شائعا في القرون الوسطى، مدونا في عدة أقاليم من الجزيرة البريطانية، وكان قومه من الفلاحين، فهو فلاح من سلالة زراع وحراث يعملون في الأرض، والظاهر أن أباه «جون شكسبير» كان أخا نعماء - وصاحب شأن، في استراتفورد، وتزوج «بماري أردن» وهي فتاة ورثت عن أبويها أرضا ودورا ولكنها لم تتلق شيئا من العلم، وقد شوهدت بصمتها في عدة وثائق، ولم يثبت أنها كانت توقع باسمها. وكان «وليم» ثالث ابن رزقاه، وأكبر الأحياء من أولادهما بعد وفاة أخويه الأولين، وكان مولده في شهر أبريل عام 1564 بقرية «استراتفورد» القائمة على ضفاف نهر إيفون.
وكان أبوه يومئذ في أحسن حال، وأرغد عيش، ولم تكد تنقضي على مولد «وليم» ثلاثة أشهر أو نحوها، حتى تفشى الطاعون في القرية، وأخذ يحصد أهل الفاقة من بينها حصدا، فأقبل أبوه على إنقاذ الناس من هذا الشر المستطير كريما سمحا غير ضنين، ولكنه بعد بضع سنين غرق في الديون، وأحاطت به المتاعب، فاضطر إلى رهن عقار زوجته، وانصرف عن الاشتغال بالشئون البلدية والقروية في إقليمه.
طفولته وشبابه
وما لبث أن واجهته نفقات تعليم أولاده (وهم خمسة)، ثلاثة صبيان، وابنتان أصغر سنا من وليم، وكان الصبية يستحقون التعليم في المدرسة الأولية بغير نفقة فأدخلوا فيها، وبدءوا يتلقون مبادئ في اللاتينية، والنحو والصرف، والأدب وتواتى لوليم فيما بعد شيء من علم الفرنسية، فانتفع به في روايته التاريخية «هنري الخامس»، ولكنه لم يقض وقتا طويلا في المدرسة، لتدهور أحوال أبيه، وحين بلغ الثالثة عشرة، بدأ يشتغل «قصابا» وهي الحرفة التي أصبح أبوه يعتمد عليها في كسب قوته.
زواجه
وكانت تقوم على مقربة من استراتفورد دار ريفية معروشة السقوف، لا تزال تعرف باسم «كوخ آن هاتاواي»، وكان يقيم فيها آل هاتاواي، إلى عام 1838، وكان ريتشارد هاتاواي والد «آن» غنيا، فلما قضى نحبه، ترك ضيعة ورثها عن آبائه الأولين، فتولت رعايتها من بعده أرملته وأكبر بنيه، وكان نصيب كل بنت من بناته لا يتجاوز ستة جنيهات وثلاثة عشر شلنا وأربعة بنسات، وهو ما يساوي نحو مائة وستين جنيها في أيامنا هذه.
অজানা পৃষ্ঠা
وقد تزوج شكسبير بالفتاة «آن» حين تجاوز الثامنة عشرة وكانت أكبر منه بعدة سنين، إذ كانت يومئذ تبلغ السادسة والعشرين.
ولا يحدثنا التاريخ كيف كان قرانهما على هذا الفارق في العمر، ولا كيف كان عيشهما، ولكن الثابت أن حياتهما لم تكن هنية رغيدة، وقد رزقا بنتين وولدا.
حياته الأولى
ولئن رأيناه يقول عن آن ... إن لآن هاتاواي، وما أدراك من آن هاتاواي، سبيلا لفتنة القلوب، وسحرا يجتذب الأفئدة ... فقد عجزت عن كبح جماحه، أو قص جناحه، أو رده عن هواه، فقد مضى يلهو بين أهل قريته، ولم تقنعه صنوف اللهو المألوفة في محيطه، فانطلق يختلط بقرناء السوء، وشرار الصحب، ويغير على أماكن الصيد التي يملكها أهل اليسار والسلطان، فيسرق الغزلان، ويصطاد الأرانب، حتى اضطر في النهاية إلى مغادرة القرية، وهجرة الأهل والنزوح عن البيئة التي نشأ فيها عدة سنين.
وقد اعتدى على حدائق السير «توماس لوسي» في شارلكوت أكثر من مرة في تلك الأيام، وكانت العقوبة يومئذ لا تقل عن الحبس ثلاثة أشهر، ودفع غرامة تقدر بثلاثة أمثال قيمة التلف الذي أحدثه، فلم يلبث أن اشتد حقده على ذلك الوجيه فراح يثأر منه بأبيات من الشعر علقها على أبواب حدائقه، وهي فعلة أثارت عليه غضب ذلك الكبير، وطالب بمزيد من العقاب، فلم يسع شكسبير سوى الفرار إلى لندن في عام 1585 للبحث عن عمل يسد منه أرماقه.
حياته في لندن
وتختلف الروايات بسبيل محاولاته الأولى عند قدومه إلى لندن، ولكن الثابت أنه لم يلبث بعدئذ أن اتجه إلى مهنة الممثل، ويقال إنه بدأ يؤلف روايات تمثيلية، أو يقتبس أخرى من الكتاب، ويعيد صياغتها، ويحور في ألفاظها وعباراتها، ثم يعرضها على الفرق التمثيلية، فتشتريها، وتنتقل ملكيتها من يده. وكان من عادة مديري هذه الفرق إحالة الروايات على المراجعين قبل عرضها على المسرح، وهذا ما حدث لروايته الأولى «جهد حب ضائع» التي يغلب على الظن أنه وضعها في عام 1591، فقد روجعت عام 1597 ونشرت في العام التالي باسمه. وكانت هذه هي أول مرة يبدو فيها اسمه منشورا على صدر كتاب من قلمه وتأليفه. والظاهر أن حوادثها لم تقتبس - كأكثر مسرحياته - من قصة قديمة أو كتاب سابق كما يبدو في روايته «روميو وچولييت» (1591-1593) وهي مأساته الأولى، فقد توالى اقتباس قصتها عدة مرات منذ وضعت في القرن الثاني قصة «أنتيا وابروكوماس» في اللغة الإغريقية، وكانت معروفة في طول أوربا وعرضها، وتكرر ظهورها نثرا وشعرا عدة أجيال.
أما قصة تاجر البندقية (1594) فقد رجع فيها إلى عدة مصادر، من بينها مجموعة قصص إيطالية كتبت في القرن الرابع عشر، ومن المرجح أن تكون أكثر مسرحياته قد استغرقت زهاء عشرين عاما من عمره، أو بين السابعة والعشرين والسابعة والأربعين؛ أي بمعدل روايتين في العام.
أهل السلطان الذين رعوه
وكان له بين الأشراف راع يدعى «الأرل أوف سلوتامينون»، وقد وجه إليه كثيرا من أغانيه، وإن لم يذكر اسمه صريحا، كما أبدت الملكة «إليزابث» نحوه شيئا من العطف في عام 1594 وطلب عقب تتويج الملك جيمس الأول للتمثيل في حضرته، وكان تمثيل رواية «العاصفة» ولعلها آخر ثمار عبقريته بمناسبة قران الأميرة إليزابث بالأمير فردريك عام 1613.
অজানা পৃষ্ঠা
عودته إلى استراتفورد
وما كاد ينتصف به العمر حتى بدأ يهدأ ويتدبر مطالب الحياة، ويسعى جاهدا في معاودة العيش في العشيرة، والإخلاد إلى الحياة المنظمة، فعاد إلى استراتفورد، بعد هجرتها أحد عشر عاما، وإن ظل يزورها مرة على الأقل في كل عام، فاشترى في عام 1597 أكبر بيت في القرية لقاء ستين جنيها، وكان للبيت مخزنان للغلال وحديقتان، فعكف على إصلاحه، وعني بالحديقتين، ولعل هذا القدر اليسير من المال الذي اشتراه به يساوي اليوم 1540 جنيها. وقد سمي يومئذ «المكان الجديد»، وجعل الناس يدعونه قرية «الغني الوجيه». وزاد في نفوذه أنه استعان بأبيه على الظفر بشعار النبالة، وأصبح معدل إيراده السنوي من التمثيل والتأليف المسرحي كبيرا، وعندما تم تشييد مسرح «جلوب» في عام 1599 بدأ يتلقى حصة من أرباحه، فارتفع إيراده إلى مائة وثلاثين جنيها أو ما يساوي اليوم نحو ثلاثة آلاف، ثم نما على الأعوام أيضا، فأصبح رب ضيعة كبيرة وكان مولعا بالقضايا، كثير الدخول في المنازعات أمام المحاكم، وكثيرا ما كان يخرج منها كاسبا موفقا.
في أخريات أيامه
وقد أخرج أحسن رواياته في تلك الفترة السعيدة من حياته وهي جميعا قصص مرحة خفيفة الظل، ثم تلتها بعد عام 1600 ثلاث أخرى يغلب الجد عليها وهي: يوليوس قيصر، وهملت، وعطيل.
وفي عام 1606 أتم «مكبث»، ثم «الملك لير» التي مثلت في بلاط «هوايتهول» خلال شهر ديسمبر عام 1606.
والظاهر أنه انصرف عن التأليف للمسرح بعد عام 1611، ولبث مقيما في استراتفورد أكثر أيامه.
وبدأت صحته تعتل في بداية عام 1616، ولكن لا يعرف أحد أسباب وفاته، وكان ابنه الأوحد «هانمت» قد قضى نحبه قبل ذلك بعدة سنين، وقد ترك من بعده زوجه وابنتيه «سوسنة هول» و«جوديث كويني»، وكانت منيته في الثانية والخمسين، ودفن في كنيسة استراتفورد وكتبت على قبره أبيات من شعره البديع.
مقدمة المسرحية
(1) مصادر القصة: من أين استقى الشاعر موضوعه
تحوي هذه المسرحية المرحة حادثين؛ أولهما يتصل بثلاثة أبطال، وهم «هيرو، وكلوديو، ودون جون»، ويكاد هذا العنصر يبدو جادا في جملته، لا فكاهة فيه، والآخر مرح كله، ويتصل بشخصيتين بديعتين، وهما «بياتريس» و«بنيديك»، وإلى جانب هذين القسمين، عنصر إضافي ثالث تسري الفكاهة في جميع نواحيه، وهو يدور حول شرطي عجيب يدعى «دوجبري»، وصاحب له يسمى «فارجس»، والحراس الذين يعملون بإمرتهما، ويكشفون المكيدة التي كادها الحقد لاتهام «هيرو» العذراء بالخيانة والإثم. ولو حذفنا هذا العنصر الفكه من القصة، لفقدت خير ما فيها من متعة، وجردت من أبدع ما احتوته من فكاهة.
অজানা পৃষ্ঠা
وقد استقى شكسبير موضوع المسرحية من مصدرين هما: (1)
قصة سان تمبريو دي كاردونا التي حوتها مجموعة قصص كتبت في اثنين وعشرين جزءا، وطبعت باللغة الإيطالية عام 1554 لمؤلفها «ماتيوبانديللو» أسقف آجن.
وكانت قد ترجمت إلى الفرنسية في عام 1582، واشتهرت في عهد شكسبير وأكبر الظن أنه عرفها، أو ظفر بنسخة منها في الإنجليزية، فقد نقلت إليها في أيامه أو قبيل ظهوره.
وليس من شك في أن موضوع هذه القصة التي ننقلها للعالم العربي مأخوذ من قصة «سان تمبريو» لتشابه الحوادث فيهما، وإن كانت القصة القديمة قد جرت أحداثها في «ميلانو»، وهذه في مسينا، كما تماثل اسم البطلة في القصتين وهو «ليوناتو وورد» في الرواية الإيطالية كذلك اسم «دون بدرو» ملك أرغونة. ويبدو أن شكسبير حذف شخصيته في القصة القديمة، وهي زوجة ليوناتو، وأم هيرو أو أنه أوردها في بداية الفصلين الأول والثاني ولكن إدارة المسرح أغفلتها ورأت ألا ضرورة لها.
والواقع أن عشر بطلات في روايات شكسبير جئن فيها بغير أمهات، ونعني منهن «بياتريس» و«هيرو» في قصتنا هذه، وكورديليا وديدمونة وأينوجن وإيزابيلا وميراندا وأوفيليا وبورشيا وروزالند.
وفيما يلي الحوادث التي استقاها شكسبير من بانديللو: (1)
طريقة الوساطة في خطبة كلوديو لهيرو. (2)
فسخ الخطبة في اللحظة الأخيرة والعروسان أمام الهيكل. (3)
مخادعة بوراشيو لكلوديو وتضليله. (4)
إغماء هيرو وادعاء وفاتها. (5)
অজানা পৃষ্ঠা
زواجها من جديد. (2)
قصة «أريودانت وجنيفره» التي نقلها إلى الإنجليزية السير «هارنجتون» في عام 1591 من الجزء الخامس من قصص «أريوسطو» وهو الجزء الخاص برواية «أورلاندوفيرويوزو»، وكانت قد ظهرت لها ترجمة قديمة في عام 1565، ولكن لا نحسب شكسبير اطلع عليها أو استمد منها موضوعه.
ولم يكن اقتباسه منها كثيرا، فقد أخذ حكاية اختباء كلوديو في الحديقة ليطلع بعينيه على خيانة حبيبته، كما استمد تمثيل مرجريت لدور «هيرو» إفكا وبهتانا.
أما المكيدة وشخصيتا بياتريس وبنيديك، ومحاوراتهما البديعة ومواقفهما الممتعة، وأدوار «دوجبري»، وصاحبه والحراس والمشاهد الفكهة التي حوتها القصة فهي جميعا من مبتكر الشاعر العبقري ووحي خاطره الخصيب ... (2) أبطال القصة
يحسن قبل أن يبدأ المرء قراءة القصة أن يعرف شيئا عن شخصيات أبطالها، والصلة بينهم، ومعالم أخلاقهم ومنازعهم حتى تتفتح له فصولها، ويسهل عليه متابعة مشاهدتها، وما نحسب أحدا يجد روحا إلى حديث إنسان، أو سكونا إلى مجلسه، إذا لم يؤت علم شيء عن ماضيه، أو حاضره، أو مكانه من الناس.
ونحن هنا محاولون أن نرسم معالم الأشخاص، في غير استطراد، تاركين القصة ذاتها تتكشف لهم عند التنقل بين مشاهدها المتتابعة. (3) مدار الأحداث
تدور القصة حول واقعتين غراميتين، يصح أن تعد كل واحدة منهما منفصلة من الأخرى، وإن اختلطتا وترابطتا؛ لأنهما مختلفتان اختلافا بعيد المدى، حتى لتستمد كل واقعة من تناقضها والأخرى قوة وتزداد توكيدا، وليس من شك في أن أهمهما شأنا، لجد موضوعها وخطر أمرها، هي حب كلوديو وهيرو، فهي تبدأ (غراما) ثم تكاد تنقلب إلى مأساة قبيل أدوارها الختامية؛ وأما الأخرى، وهي غزل يبدأ سخرية، ثم يتطور حتى ليتراءى أشبه بكراهية ويتخلله مجون، ومطارحة بعبث، واستهزاء، ثم ينتهي هو أيضا بحب وإعلان، بعد مداراة وكتمان، ثم إلى زفاف وقران.
ولا ريب في أن كلوديو، هو البطل الأول، فلا معدى من إحلاله في الطليعة عند رسم شخصيات الأبطال.
كلوديو:
هو فتى من فلورنسا أصاب حظوة بالغة عند «دون بدرو» أمير أراجون، فهما لا يكادان يفترقان، حتى لقد أحفظت هذه الحظوة أخا للأمير يدعى «دون جون» وجعلته يعتقد أن هذا الفتى قد قام على أنقاضه. وأكبر الظن أن هذا التوفيق الذي أصابه كلوديو أثار في نفسه شيئا من الاعتداد بنفسه، حتى بدا شديد المخافة على كرامته، يخشى أن يتأذى كبرياؤه من أقل بادر، فلم يكد يوحي «دون جون» بأن هذا قد غدر به وراح يطلب الفتاة لنفسه، حتى اصطنع الاستخفاف بالأمر، ليخفي الجرح الذي أدمى كبرياءه قبل أن يمس حبه، وحين عاد هذا الذي ينفس عليه مكانه عند أخيه يحدثه عن خيانة «هيرو» ثار لكرامته، ولم يتريث حتى يتأكد الحق. ولكنا لم نلبث أن رأيناه حين حصحص الحق، يعترف بخطئه، ويرتضي أي عقاب يفرض عليه تكفيرا واستغفارا من فعلته.
অজানা পৃষ্ঠা
ويبدو من سياق القصة في فصلها الأول أن حبه للفتاة لم يأت فجأة ولكنه نما في نفسه رويدا، وإن لم ينبعث في حماسة إلى إظهاره لها. كما لم يبد كسير الفؤاد حين مضى يستمع للوشاية بها ويصدق قول الواشي؛ وكان المرتقب أن يثور عليه ويطالبه بإثبات قوله، ولكنه غضب على الفتاة وأقسم أن ينتقم منها، بل لم يبد شيئا من الأسى حين تم له ما أراد من الثأر، فقد اكتفى به، وطلب إلى بنيديك أن يطرد بالمجون الهم عن نفسه.
ولكن ذلك كله على غرابته، لا ينفي أنه أحب الفتاة حبا بالغا لم يحل دون إظهاره غير اعتداده الشديد بنفسه.
هيرو:
رسم شكسبير شخصيتها على النقيض من ابنة عمها، فهي تبدو حيية منطوية على نفسها. على حين تلوح الأخرى برزة مستقلة فصيحة ماجنة كأن كلا منهما تبرز بهذا التناقض شخصية صاحبتها. ولكننا نحس دائما وجودها، وإن أقلت من الكلام، ونستشعر وقارها وحشمتها، ولا يقع كلامها على قلته قليل الخطر، بل يكسب الإعجاب به على إيجازه، وهي لا تخلو من ذكاء ومجانة، كما بدأ في تنفيذها حيلة اتفق عليها لحمل ابنة عمها على الرضى عن صاحبها الذي سلطت عليه النكات اللاذعة وبادلته السخرية المريرة، وقد شهدناها حين شهر خطيبها بها في الكنيسة على رؤوس الأشهاد، تلوذ بالصمت على فرط اضطرابهما للتهمة النكراء التي رميت بها، فلم تفتح فمها لتدافع عن شرفها إلا قليلا، حيال غضبة أبيها وثورة نفسه، ولم تظهر عقب إغمائها إلا في المشهد الأخير حين ثبتت براءتها، وفي هذا الموطن رأيناها تصفح عن «كلوديو» من أعماق قلبها، ولا توجه إليه كلمة ملام واحدة.
بنيديك:
فتى من المحسوبين على الأمير وأصحاب حظوته، وقد صوره شكسبير نقيضا لكلوديو، كما بدت هيرو نقيضة لابنة عمها، وإنه ليشق على المرء تحديد شخصيته مما كان الآخرون في القصة يقولونه عنه؛ فإن نحن سمعنا للذعات «بياتريس» وغمزاتها، أسأنا بعض الظن، وإن نحن تدبرنا مديح الأمير له، عجبنا لها كيف قست عليه إلى هذا الحد.
ويلوح لنا أن تظاهره بكراهية النساء مرجعه إلى شيء في خليقته ألف السكون إليه، وهو «العادة» حتى لقد قال عن نفسه إنه الجبار المشهود له بالقسوة عليهن، وإن كان قد أقام في الواقع فارقا ظاهرا بين رأيه الصادق الخالص وبين الفكرة التي أعلنها وادعى احترافها، وأشهد الناس عليها، وقد رأيناه يوحي إلينا بكلامه أنه لا يرضى من المرأة التي لا يتردد في الزواج بها بالشيء اليسير من المحاسن ووجوه الفضل، ولكنه يعترف بأن ما يراه فيها ويؤمن به قد يتحول إلى حب إذا اهتدى إلى المرأة المثالية التي يشترطها.
وهو يتلقى نكات بياتريس وغمزاتها راضيا غير غاضب ويجيب عنها ببراعة ظاهرة، ويعتز بفكاهته وحذقه للنكتة، ولا بأس عنده من أن تأتي على حسابه وتوجه إليه، إن جاءت طريفة مليحة ترضيه، وإن كان قد غضب في ذات نفسه لنكتة واحدة رمته بياتريس بها؛ وهي وصفه بأنه «مهذار الأمير»، فقد اعترف أنها أوجعته، وأحدثت أثرا بالغا في خاطره.
وقد عرفنا به في مطلع القصة الرسول الذي قدم لينبئ القوم بقرب مقدم الأمير، فقد قال عنه إنه قد عاد إلى المعارك مرحا كما كان أبدا، وهو رأي وجدنا جميع شخوص القصة يقرون الرسول عليه.
وقد جعلته طبيعته الرقيقة، أو سلامة فطرته، فريسة سهلة لمكايد الأمير وصاحبه، وعرضة لسخرية أصدقائه وشماتتهم به، ولا ريب في أن التضحية التي بذلها حين اعترف بأنه المغلوب المندحر كانت عميقة الأثر في نفسه الشفافة وعزته، ولكن علمه بأن بياتريس تتلوى من الحب له، كان يتغلب على تظاهره بكراهية النساء، فلم يلبث أن صدق الحيلة التي احتالها الأمير لإيقاعه في الحبالة، ولم يكن ثمة شك في حبه حين استطاع التغلب على بغضائه للزواج، ولم تكن هي لتحمله على مطالبة صديقه كلوديو بالخروج إلى المبارزة ركونا منها إلى الحب الذي يشتعل لها في صدره حتى استجاب لها، ونزل على حكمتها.
অজানা পৃষ্ঠা
أما ذكاؤه فقد تجلى في عدة مواقف في القصة، فهو الأوحد الذي لبث في مشهد القران الذي انتهى بمأساة، وإغماء العروس، ساكن الأوصال، مستريبا بالفرية التي افتريت عليها. بل هو أول من ذهبت به الظنون إلى الشقي الذي دبر تلك المكيدة.
ولو أننا فصلنا واقعة حب كلوديو وهيرو من صلب الرواية لما أبقينا منها إلا على مواقف أليمة، ومشاهد لا يستروح الخاطر إليها، ولكن الشاعر العبقري جاء بهذه العلاقة بين بنيديك وصاحبته لتكون تلطيفا بديعا، ومزاجا سائغا، وتوازنا بهيجا، مع العناصر الجديدة التي تتألف القصة منها، حتى لقد تشابها في الاعتداد بالذات، والحرص على الكرامة، والشخصيتين الأخريين وهما كلوديو وحبيبته، وإن كان اعتدادهما يبدو مشبعا بمجانة بديعة وسخرية فكهة.
بياتريس:
إن أول ما يبدو هنا عند تحليل شخصية بياتريس هو تماثلها العجيب لشخصية «بنيديك»، فهي أبدا مرحة، خفيفة الظل، راضية بالحياة، وكل منهما مستطرد في مجانة ممتعة على حساب الآخر، متقبل غمزاته، غير ضائق بها، معتز ببراعته في الرد عليها؛ فلم نر بنيديك متبرما إلا بنكتة واحدة منها، وهي قولها عنه - كما أسلفنا - «مهذار الأمير». ولم نشهدها غضبى من نكاته، إلا من غمزته، حين قال إنها «محفوظات» استذكرتها من كتاب «مائة النادرة»، وهما على حد سواء في إظهار النفور من الزواج، وفي التغلب عليه حين سماع أقوال الآخرين عما يكابده صاحبه من آلام الحب وتباريحه.
وهي تحب ابنة عمها «هيرو» أصدق الحب، وتؤمن ببراءتها من التهمة التي رميت بها، حين صدقها الآخرون حتى أبوها، وتحمل بنيديك على قتل كلوديو عقابا له على ريبته بابنة عمها.
أما نفورها من الحياة الزوجية، كما نفر منها بنيديك، فلم يكن إلا تظاهرا ومراءاة، وقد بدت لنا في لهفة خفيفة على القران حين ظفرت به ابنة عمها من قبلها، فقد مضت تزفر قائلة «ألا من زوج، ألا من زوج!»، وهي صيحة هيهات أن تنبعث من قلب للزواج كاره ...
دون بدرو:
هو الأمير الذي يدين له «كلوديو» و«بنيديك» بالفضل في وثبتهما إلى الشهرة والمجد، فقد أراد أن يشبع ولوعه بالمرح واللهو فجمع من حوله صاحبيه هذين، ومضى يعنى بهما، ويطلب لهما الخير جاهدا، حتى لقد تولى بنفسه مفاتحة «هيرو» في أمر الزواج بكلوديو حتى ظفر له بها، وهو الذي أصلح بين بنيديك وبياتريس بتلك الحيلة اللطيفة التي دبرها، ولكنه بجانب هذا العنصر الطيب الكريم فيه لا يزال يشارك صاحبه «كلوديو» في سرعة تقلبه، وتصديقه لما يقال له، واستسلامه لتضليل المضللين، وقد لقي جزاءه بذلك الاعتراف الصريح الذي أدلى به «بوراشيو» حين قبض الحراس عليه.
ليوناتو:
هو حاكم مسينا، المدينة التي وقعت فيها أحداث القصة، كما يقول المؤلف في بيان «أشخاص الرواية»، ولكن منصبه هذا، أو اشتراكه في الحياة العامة، لا أثر له فيها؛ لأن مواقفه خلال فصولها متصلة بحياته الخاصة، وكل خطره وشأنه أنه والد «هيرو» التي أحبها أشد الحب، حتى لقد رأيناه حين شهر بها كلوديو على الملأ، يفقد رباطة جأشه، ويؤثر الموت على الحياة واحتمال هذا العار الذي جلبته على بيته وعشيرته.
অজানা পৃষ্ঠা
وقد رأيناه يشرح مدى حبه لها، ويكشف عن مبلغ اعتزازه إياها، ولئن عبنا عليه ضعف الإيمان ببراءتها، وسرعة تصديقه لما نسج من الإفك حولها، فلا يزال له العذر، حين رأى ثلاثة شهود كبار يثق بهم يقرون أنها الأثيمة الجانية.
وليس من شك في أن الحفاوة التي لقي بها الأمير وصاحبه تدل على طيب فطرته وكرمه، وبحبوحة نفسه، حتى لا أثر فيها لكبر أو غطرسة أو ازدهاء، فقد راح في معاملته للشرطة والحراس يبدي جانب الرفق، ويصطبر للثرثرة، ويستأني لسماع كلام لا يفهم منه شيئا، كما كان يتقبل نكات «بنيديك» بالروح ذاتها التي كان هذا يرسلها. وهو يلوح لنا في مختلف مشاهد القصة ومواقفها الرجل الهين الذي رققت الرفاهية من خليقته، على النقيض من كلوديو الذي أفسدته صعدته إلى الشهرة والعبث البعيد.
ولم يتردد هذا الشيخ على ضعف بنيته في مجابهة الوشاة في حق ابنته وتحديهم ومغاضبتهم، وإذا لم يكن هذا التحدي قد ظهر في حرارة اللحظة بل بدا فيما بعد، عقب التروي والتفكير؛ فإن ذلك كله شاهد على شجاعته.
أنطونيو:
هو أخوه، وليس له دور كبير في القصة، فلا يبرز على أحسنه إلا في مطلع الفصل الخامس حين يتحدى الأمير وصاحبه؛ ويظهر على تقدمه في السن، شجاعة رائعة، وحماسة متقدة في الدفاع عن شرف ابنة أخيه.
دون جون:
هو شخصية الشرير في القصة، والمسئول عن كل المتاعب التي حلت برب البيت وأهله؛ فحدة المزاج، والكآبة الملازمة، والغيرة الكظيمة، كلها بواعث قوية على ما نرى من نذالته وسوء مسلكه؛ فلا نجد في القصة شيئا يبرئه من الإثم، أو يكفر عن سيئاته، ولعله الحقد الذي كان يأكل قلبه على كلوديو الذي كان يصفه بأنه «محدث النعمة»، وأنه ارتفع على أنقاضه، فلا عجب إذا رأيناه في وسط هذه الطبائع المرحة الفرحة بترفها ونعمائها مناقضا لها على خط مستقيم، فلم يكن ليبتسم يوما للحياة، ولا الحياة ابتسمت يوما له، ولكنه لبث حامضا، كئيبا، ضجرا، متبرما، يجمع من حوله أتباعا على غراره، وخولا من أشباهه؛ وهو أبدا المقل من الكلام، المتحفظ، المبدي ضجره وبرمه وبروده لكل إنسان، حتى ليقول عن نفسه إنه ليؤثر أن يكون مستهدفا للسخرية والامتهان على أن يغتصب من أحد حبا، أو ينتزع من قلب ودا. وقد استمكن الحقد منه على كلوديو فلم يتردد في تدبير أية حيلة للإساءة إليه حتى لقد أجزل العطاء لمن ارتضى أن يتولى ذلك عنه، كأنما قد وكل بأن يدمر سعادة الناس ويخلق لهم المتاعب، ويرنق عيش أصحابه ...
بوراشيو وكونراد:
هما تابعا «دون جون» اللذان أعاناه على تدبير المكيدة، أما الأول فهو الذي اقترحها عليه وتولى التنفيذ، واستغل الوصيفة مرجريت الساذجة في تضليل كلوديو، ولكنه حين أدرك أن فعلته قد انكشفت لم يتردد في الاعتراف، وترك في نفوسنا أثرا حسنا من ناحيته.
وليس لكونراد دور يذكر في الرواية إلا مجرد الشريك السلبي لبوراشيو، والزميل الذي سمع نبأ المكيدة منه، حين كان الحراس يسترقون السمع عليهما.
অজানা পৃষ্ঠা
مرجريت وأرسولا:
مرجريت صاحبة بوراشيو والمشتركة معه على جهل أو حسن نية، فقد حملها على تمثيل دور «هيرو» أو الظهور ليلا في الشرفة، لينخدع كلوديو، ويعتقد أن هيرو خائنة.
أما أرسولا فهي الوصيفة التي حذقت دورها في الحيلة التي دبرت لبياتريس، حتى تقتنع بأن بنيديك يحبها، وهي الحيلة التي أراد بها الأمير دون بدرو أن تثني بياتريس عن غيها، ويعدل بنيديك عن مجونه، ليقرب بينهما، ويدفع بهما إلى مصارحة الآخر بحبه.
دوجبري وفارجس:
شريطان مضحكان يشيعان في أفق القصة مرحا وبهجة، كلما خيف أن تدنو من الجد، أو تفقد خفة الروح، وإليهما يرجع الفضل في كشف المكيدة التي دبرت للقضاء على العذراء «هيرو» وانصراف كلوديو عن القران بها، شفاء لوجدة «دون جون» عليه، أن غلبه في الحظوة عند أخيه.
ولم يكن كشفهما للمكيدة عن ذكاء، فهما غبيان، وإن كان غباؤهما لطيفا يستريح الخاطر إليه، وإنما وقعا على الحقيقة بمحض المصادفة، وهما يشرفان على العسس في الطريق العام الذي يقع فيه بيت ليوناتو الحاكم.
والواقع أن التحقيق الذي تولياه مع الرجلين اللذين قبضا عليهما - وهما بوراشيو وكونراد صنيعتا «الشرير» «دون جون» - لم يكشف شيئا يعين على جلاء المكيدة، ولولا اعتراف بوراشيو لكلوديو الأمير في الفصل الخامس لما استطاع هذان الشرطيان إزاحة الستار وحدهما عن جلية الأمر وخافيته.
ولعل أبدع ناحية في هاتين الشخصيتين المضحكتين ولوعهما بإظهار الجد، وتحريف الكلام، والترائي بالعلم، وهما منه خلاء، فإن لأولهما «دوجبري» طريقة ممتعة في التظاهر بالعلم، وهو الجاهل، وحسبان الخطأ هو الصحيح، والإلقاء بالحكمة السائرة، في عبارات من لغته البعيدة من كل معروف ومألوف.
الكاهن:
هو الأخ فرانسس - ولعله من لقبه راهب من جماعة الإخوة - أو الفرير لأن كلمة
অজানা পৃষ্ঠা
Friar
هي وكلمة «فرير» سواء، ولكنا آثرنا أن ندعوه «الكاهن»؛ لأنه هو الذي جيء به ليعقد القران فجرت مأساة التشهير بالعروس وهي أمام الهيكل على عينيه.
ولهذا الكاهن دور كبير الشأن في القصة، فهو رجل أوتي علما بخوالج النفوس، ودراسة الشخصيات، فلم يلبث عقب الفضيحة التي حدثت في محضره وأدت إلى إغماء العروس، أن ذهب خاطره إلى أنها بريئة مما اتهمت به، فوضع خطة لتبديد الريبة، وكشف الحقيقة لعلها رادة كلوديو إلى حبه. وقد نجحت تلك الخطة من بوادرها، لولا موقف التوعد والتحدي الذي اتخذه ليوناتو وأخوه أنطونيو عند لقائهما كلوديو والأمير عقب الحادثة التي وقعت في الكنيسة، ولكن هذا الموقف لم يأت بالنتيجة التي كان الكاهن يرجوها، وهي شعور كلوديو بالندامة، بل تجاوز ذلك إلى أمر زاد في نجاح الخطة، وهو استجابته لما أريد منه بغير تردد أو اعتراض ... (4) معالم بارزة في فصول القصة ومشاهدها
تنتظم روايات شكسبير مجموعتين؛ الأولى ظهرت كلها قبل عام 1595 وهي «جهد حب ضائع»، و«مهزلة أغلاط»، و«حلم ليلة صيف»، و«سيدان من فيرونا»، و«روميو وچولييت»، و«ريتشارد الثاني والثالث»، و«هنرى السادس» في أجزائها الثلاثة؛ وتشمل الأخرى - وهي الفترة الثانية بعد ذلك التاريخ - «الملك جون»، و«تاجر البندقية»، و«ترويض الشريرة»، و«هنري الرابع» بجزأيها، و«زوجات وندسور المرحات»، و«هنري الخامس»، و«كما تشاءون»، و«الليلة الثانية عشرة»، وهذه القصة التي ننقلها إلى العربية وهي إحدى ثلاث مسرحيات كتبها المؤلف في أرغد أيامه، وأبهج أدوار حياته، وأملأ مراحلها فكاهة ومرحا، قبل أن ينتقل إلى النواحي الجادة من حياة الناس، ويرسم مآسي عيشهم، ويصور أفاعيل غرائزهم، بعد أن فرغ من رسم صنوف نزقهم، وألوان حماقتهم، وضروب لهوهم في الحياة. فقد وضع في هذا الدور مآسيه الخالدات، يوليوس قيصر، وهملت، وعطيل، والملك لير.
وقد امتازت المسرحيات الثلاث التي أسلفنا ذكرها بسمو الخيال، ولطف الخاطر، واكتمال الفن، وطرافة النكتة، وخفة الظل، وبعد مطارح المجون.
وسيرى القارئ مبلغ ما ازدحمت به هذه القصة من لمع الفكاهة، وأبدع ألوان المجانة، على قلة عناصر الموضوع فيها وندرة الحوادث خلالها، حتى لتكاد تكون (حوارا) جميلا، ومساجلات فكهة، وإن لم تخل جملة من مواقف رائعة، لعل أبدعها وأروعها المشهد الذي بدأ في الكنيسة، حين انبرى العروس يشهر على رؤوس الأشهاد بعروسه، ويرميها بالخيانة والعار، وما أعقب هذا التشهير من إغمائها أمام الهيكل، قبيل حفل الزفاف.
فقد يكون مشهد كهذا في رواية مرحة أكثر مما تحتمله الأعصاب، أو يتسق والموضوع الذي تدور القصة حوله، ولكن ما يخفف من أثرها أن النظارة الذين يشاهدونها، والقراء الذين يطالعونها، يعرفون أن التهمة التي رميت العروس بها وليدة مكيدة مدبرة، ويعلمون أنها بريئة منها كل البراءة، وإن جهل الأمر أبطالها الآخرون، ووقعت التهمة من نفوسهم أسوأ موقع. وفي ذلك يقول «شليجل»: «إن هذا المشهد هو قطعة رائعة بكل معاني الروعة، وإن تأثيرها المسرحي لا يكاد يدانيه شيء، وكان وقعها سيروح محزنا فاجعا، لولا حرص شكسبير على التخفيف من حدته، توطئة لظهور حادث سعيد، والمضي بالقصة إلى نهاية موفقة ...»
وناهيك بما في الحوار المستمر بين «بياتريس» و«بنيديك» والتراشق بالنكت المليحة من ثروة مجانة وارتفاع بالغ في آفاق السخرية واللعب بالألفاظ، والافتنان في مختلف ألوان البديع والبيان.
ولا نحسب ما حفلت به مسرحية «كما تشاءون» من حوار بين «أورلندو» و«روزالند» يضارع مثيله في هذه القصة أو يقع قريبا منه، إلا أن التراشق بالنكات بين بياتريس وبنيديك هنا يبدو لاذعا موجعا مليئا بسخرية، بينما يغلب على مثله في المسرحيات الأخرى طابع المجانة البحت والعبث الخفيف.
فقد صور الشاعر بياتريس وبنيديك خلال قصتنا هذه في صور المتمردين على الحب، المتأبيين على فكرة الزواج، الساخرين من الرجال والنساء بالسواء، ومضى يرسم لنا في حذق بالغ كيف دبر أصحابهما لهما مكيدة لطيفة لحمل كل منهما على الإيمان بأن الآخر يكن الحب له ويخفى الميل إليه في أعماق صدره، وأغوار جوانحه.
অজানা পৃষ্ঠা
وقد رأينا أصحابهما ينسبون لأنفسهم فضل هذا التحبيب بينهما إلى لطف وسيلتهم وبراعة مكيدتهم، ولكن حرص كل منهما على هذا العبث اللاذع بالآخر كان في ذاته دليلا على نمو الميل إليه، واستمكان الحب منه، وحين اعترفا به، لم يفارقا المجون لحظة، ولم ينصرفا من السخرية والتهكم ، ولم يسكنا إلى الجد غير مرة، عندما وقفا وقفة الدفاع عن البريئة المتهمة.
وليس من شك في أن شكسبير لم يخطئ المرمى، لأن المولعين بالنكتة ينتهون في أغلب الأحيان عند نقطة لا يرتضون اجتيازها، ما لم يشاءوا أن يؤخذوا مأخذ المهاذير المغفلين.
وسيرى القارئ كيف مضى شكسبير في تصوير بياتريس يحدثنا عن مدى اجتماع قوى العقل والحيوية وتفاعلهما في مثل تفاعل النار والماء، على حين جعل بنيديك الذي يكره النساء ويجاهر ببغضهن، يتحول ببراعة ظاهرة إلى فكرة الزواج، على أثر سماعه بنبأ حب بياتريس له.
وجاءت شخصية «هيرو» العروس التي اتهمت ظلما متقنة التصوير، متناقضة أبدع التناقض وشخصية الماجنة اللاذعة بياتريس، وبدت علاقة الفتاتين طبيعية تملك الإعجاب، فقد صور المؤلف «هيرو» قليلة الكلام عن نفسها، مستعينة عنه ببلاغتها في ذاتها، وجعل الأخرى تسمو عليها بروحها الجياشة وعقلها الجبار، وإن كانت «هيرو» إلى جانب جمالها ورقتها، قد أوتيت بوصفها بطلة القصة جمالا روحيا منقطع النظير.
وسيتبين القارئ أيضا أن الشاعر جعل، كلما مالت به القصة إلى ناحية الجد المفرط، يعود فيخفف من حدتها بمشاهد فكهة، ومحاورات طلية، وبخاصة المشهد الذي يتجلى فيه الشرطي المتعالم وأصحابه الذين استعان شكسبير بهم، إلى جانب عنصر الفكاهة في أشخاصهم وتصرفاتهم، على كشف المكيدة التي دبرها الحقود «دون جون» وخادمه «بوراشيو» بأسلوب مفعم مجانة وطريقة لطيفة المدخل على النفوس. (1)
أشخاص القصة:
دون بدرو:
أمير أراجون.
دون جون:
أخ له غير شرعي.
অজানা পৃষ্ঠা
كلوديو:
فتى نابه من نبلاء فرنسا.
بنيديك:
فتى نابه من نبلاء بادوا.
ليوناتو:
حاكم مسينا.
أنطونيو:
أخوه.
بالتازار:
أحد موالي دون بدرو.
অজানা পৃষ্ঠা
كونراد، بوراشيو:
من أتباع دون جون.
فرانسس:
الراهب.
دوجبري:
شرطي.
فارجس:
زميل له.
خادم كنيسة.
غلام.
অজানা পৃষ্ঠা
هيرو:
ابنة ليوناتو.
بياتريس:
ابنة أخيه.
مرجريت، أرسولا:
وصيفتان لهيرو.
رسل وحراس وأتباع. (2)
وقائع القصة:
في مسينا.
الفصل الأول
অজানা পৃষ্ঠা
المنظر الأول
أمام بيت ليوناتو (يدخل ليوناتو وهيرو وبياتريس مع رسول.)
ليوناتو :
لقد علمت من هذا الكتاب أن «دون بدرو» أمير أراجون قادم الليلة إلى مسينا.
الرسول :
إنه الساعة جد قريب، فقد كان على ثلاثة فراسخ منها حين تركته.
ليوناتو :
كم من السادات فقدتم في هذا القتال؟
الرسول :
قليلا من مختلف الرتب، ولم نفقد من العلية أحدا.
অজানা পৃষ্ঠা
ليوناتو :
إن النصر ليعد مزدوجا، حين يعود المنتصر إلى وطنه كامل العدد، تام الصفوف وقد علمت من هذا الكتاب أن دون بدرو قد أضفى شرفا عظيما على فتى فلورنسي يدعى كلوديو.
الرسول :
لقد استحقه من جانبه عن جدارة بالغة، وعن نصفه من جانب دون بدرو، بالسواء، فقد تجاوز في مسلكه، ما كان مرتقبا ممن في مثل سنه، وفعل وهو الحمل ما يفعله الأسد، وفاق في الواقع ما كان منتظرا أكثر مما تنتظر مني أن أصفه لك.
ليوناتو :
إن له عما هنا في مسينا، سيسر بهذا سرورا عظيما.
الرسول :
لقد حملت إليه الساعة كتبا؛ فغلبه فرح شديد إلى حد جاوز الاعتدال، فلم يستطع فرحه أن يبدو خاليا من مظهر أسى، ودلائل حزن.
ليوناتو :
هل أجهش بالبكاء؟
অজানা পৃষ্ঠা